أنس الأغبش - تصوير: نايف صالج


حفظت القرآن كاملاً خلال 3 أشهر بمكة..وأحفظ 800 حديث
النشيد الإسلامي هواية مفضلة ومازلت ألحنه حتى الآن
جبت السعودية أثناء الجامعة وأقطع آلاف الكليومترات دون رفيق
أعشق الكرة الطائرة منذ صغري.. وأهوى الغوص في البحر
الجائحة عبارة عن «حرب» تغلبنا عليها بتكاتفنا ووعينا المجتمعي
عملنا بمشقة أثناء «كورونا» وكان لنا التعب المريح
ولد ونشأ في بيت متواضع بمنطقة البسيتين عام 1972م.. يحب قراءة القرآن الكريم.. يهوى تلحين الأناشيد الإسلامية والغوص في البحر ولعب الكرة الطائرة منذ نعومة أظفاره.. أصر على دخول الطب محدداً الكويت هدفاً لمواصلة هذا المشوار، إلا أن الغزو الغاشم على الكويت في عام 1990 أجبره على تكملته في المملكة العربية السعودية.

الدكتور وليد خليفة المانع، وكيل وزارة الصحة، تأصل في نفسه حب عمل الخير مثل والده تماماً، لا يعرف سوى تحدي النفس والإصرار على تحقيق النجاح وخصوصاً أنه سريع البديهة والحفظ، حتى إنه كان يقضي معظم وقته أيام الدراسة متعمقاً في هواياته دون أن يتأثر تحصيله العلمي.


يؤكد المانع في مسيرة حياته مع «الوطن» أنه حصل على بعثة للدراسة الجامعية في جامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية، ونال شهادة الطب في الباطنية والجراحة العامة M.B.B.S في عام 1996، مشيراً إلى أن الفترة التي قضاها في المنطقة الشرقية كانت من أجمل محطات حياته، وعلمته كيف يعتمد على نفسه ويكسب ثقة الجميع.

إنجازات كبيرة لم تقف عند هذا الحد، بل تعدتها ليحقق المانع نجاحاً عظيماً تمثل في حفظه القرآن الكريم كاملاً خلال 3 أشهر فقط، وذلك في إحدى إجازات الصيف التي قضاها في رحاب مكة المكرمة، إلى جانب حفظ 800 إلى 1000 حديث نبوي.. وفيما يأتي التفاصيل:

حدثنا عن نشأتك وذكرياتك منذ الطفولة؟

- أحب البساطة في حياتي عموماً؛ فقد نشأت في بيت متواضع وكنا نأمن بعضنا البعض وكأننا أهل، وهذا البيت المتواضع كأنه ملكني ما في الدنيا، حيث تعلمنا منذ صغرنا أن نرضى بما أعطانا الله.

درست في مدرسة البسيتين الابتدائية للبنين، وفي المرحلة الإعدادية بمدرسة عمر بن الخطاب، وأكملت المرحلة الثانوية في مدرسة الهداية الخليفية، وكانت أياماً مليئة بالنشاط والحيوية، وبفضل من الله كنت من المتوفقين في الدراسة.

كنت أذهب إلى البحر يومياً للصيد بعد انتهاء اليوم الدراسي، حيث تعلمت الصيد والغوص ومعرفة عمق البحر من جدي رحمه الله، بجانب اجتهادي في الدراسة أيضاً.

كما تعلمت صنع «الحطبة»، وهي عبارة عن خشب أقوم بتجميعه برفقة أصدقائي ومن ثم نعمل على تجهيزها، لتكون طافية على سطح البحر، وأدخل بها البحر واستمتع بصيد السمك، إلى جانب صنع بعض الألعاب الشعبية البسيطة مثل لعبة «التيلة» التي أصلت في أنفسنا حب الآخرين والتعايش معهم.

مرافقتي لجدي منذ صغري علمتني الاعتماد على النفس، حيث كنت أدخل البحر لتعلم الصيد والغوص والسباحة، وكنت أراها كأنها مهمة غير رسمية «وليست وناسة» مثل الآن؛ فالبحر في ذلك الوقت ليس للغوص أو السباحة فقط، وإنما كنت أعرف عمق البحر ونوعية التربة وأماكن تواجد الأسماك، فكانت متعة غريبة لأنها كانت مهنة احترافية.

وبعد تخرجي في المرحلة الثانوية في عام 1990، بتفوق وكنت من أوائل البحرين، قررت وقتها التوجه إلى الكويت لدراسة الطب، إلا أن الغزو الغاشم على الكويت في أغسطس من نفس العام حول توجهي إلى المملكة العربية السعودية بعد أن حصلت على بعثة هناك لإكمال دراستي الجامعية.

من الأشياء الغريبة في هذا العام، كانت هناك عدة بعثات، وخصوصاً أن معدلي كان يسمح لي بدخول أي تخصص، فقبل أن أقدم لجامعة الملك فيصل في السعودية، قدمت لبعثة في جامعة الخليج ومن ثم غيرت الترتيب فقط ولم أغير الطب، فقررت التوجه إلى «كويدز» في كلية الطب وصار هناك خطأ بأن تم منحي بعثة في «التكنولوجيا الطبية» في الكويت، وقالوا لي هذا الذي اخترته وقلت لهم أنا لم اختره.

وفي ذاك الوقت -بسبب التغيرات- لم أحصل على البعثة وكنت حينها مستاءً من ذلك، إلى أن تم الإعلان عن بعثات في جامعة الملك فيصل في المنطقة الشرقية بالسعودية وقدمت للطب واجتزت الامتحان وتفوقت فيه وفي نفس الوقت قدمت لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

وكيف استطعتم التوفيق بين دراستكم وحياتكم اليومية؟

- عندما بدأت رحلتي الجامعية في المنطقة الشرقية بالسعودية، لم تكن هناك أنشطة لتمضية وقت الفراغ، وذلك على الرغم من أن لدي موهبة في لعب الكرة الطائرة، فقد كنت في أحياناً أشارك في دورات داخل الجامعة وخارجها.

حينما تعلمت قيادة السيارة اشترى لي والدي سيارة عندما كنت في السنة الثالثة، فلم أترك منطقة في السعودية إلا وزرتها، كنت أتوجه إلى مكة المكرمة لأداء العمرة في إجازة نهاية الأسبوع، ناهيك عن زيارة المنطقتين الشمالية والغربية والعاصمة الرياض، حيث كنت أذهب للتسوق أحياناً وأحضر وجبة غداء أو عشاء من أحد مطاعم الرياض، حيث يستغرب أصدقائي من هذا الأمر؛ فقد تعرفت في تلك المدن على مختلف الثقافات، الأمر الذي انعكس على شخصيتي.

ورغم أني كنت أهوى السفر الكثير أيضاً، فإنني كنت متفوقاً في دراستي الجامعية، حيث أدرس 10 ساعات إذا كان لدي امتحان في مادة طويلة باليوم التالي، يتخللها أوقات الصلوات والغداء والعشاء وأخذ قسط من النوم لمدة 5 ساعات، وهي فترة كافية جداً بالنسبة لي. أما إذا استمررت في النوم لمدة 7 ساعات فمن الممكن أن تكفيني يومين من النشاط المتواصل وأحياناً أغط 10 دقائق وكأني نائم 6 ساعات.

كيف بدأ الدكتور وليد المانع رحلته في المجال الصحي؟

- تخرجت من الجامعة عام 1996، وبدأت سنة الامتياز، حيث تدربت في السعودية 3 أشهر، ومن ثم انتقلت إلى مستشفى قوة دفاع البحرين وتدربت لديهم مدة عام ونصف، والتحقت بعد ذلك ببرنامج طب العائلة في وزارة الصحة في 1998 لمدة 4 أعوام.

وبعد ذلك بعامين حصلت على شهادات في معالجة الألم وأصبحت استشارياً وعملت في عدة مراكز، وكان عملي الرئيسي في مركز حمد كانو الصحي بالرفاع وذلك خلال الفترة من 2001 إلى 2005.

حينما عدت إلى البحرين قدمت بحثاً لوزير الصحة السابق الدكتور خليل حسن الذي كان يتولى زمام أمور الوزارة في 2002، إلى جانب الدكتورة مريم الجلاهمة التي كانت وكيلاً مساعداً للرعاية الأولية والصحة العامة بوزارة الصحة حتى 2015، وشجعاني على أن يكون هناك مكتب لعلاقات المرضى وهو موجود حتى الآن، حيث أسسناه بمعية كوكبة من الأطباء أمثال: ليلى أصبعي وأنيسة وهاجر.

بعد ذلك أنشأت عيادة متوسطة بين الرعاية الأولية والثانوية، بجانب مكتب علاقات المرضى وبدأنا عملنا في المكتب متكدسين جميعاً في مكان ضيق، ولم يكن هذا المكان مشجعاً لشخص لديه طموح، لكن أهميته جعلتني أصر على مواصلة طموحي وخصوصاً أن المنظومة الصحية هي «منظومة حقوقية» في المقام الأول.

وخلال مسيرتي تلك تعرفت على بيئة مختلفة في المراكز الصحية، وخصوصاً أن أطباء مجمع السلمانية الطبي، لهم قدرهم في المجتمع، حيث كسبت ثقتهم في دورة 2007-2008، بتشجيع الوزير فيصل الحمر، وأعطاني الثقة في نفسي ودعمني ومنحني مسمى «رئيس تنفيذي»، على الرغم من أن المسمى الوظيفي كان «رئيس الخدمات الإدارية».

ولا أنسى كذلك دعم رئيس المجلس الأعلى للصحة الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، إلى جانب وزيرة الصحة فائقة الصالح، اللذين علماني الكثير وأكن لهما كل الاحترام والتقدير، ولهما الفضل في ما وصلت إليه الآن، كما أحيي الدكتورة مريم الجلاهمة حيث تعلمت منها الكثير.

فصرت في تلك الفترة وكيلاً مساعداً للرعاية الأولية والثانوية، ودخلت في برنامج الضمان الصحي، و دعمني بشكل كبير رئيس المجلس الأعلى للصحة ولن أوفيه حقه حيث تعلمت منه الكثير أثناء العمل على برنامج الضمان الصحي باعتباره مدرسة لنا.

وبعدها عينت وكيل وزارة، حيث دعمتنا وزيرة الصحة، التي أكن لها كل الاحترام والتقدير،فقد قدمت الكثير للوزارة.

أبرز التحديات التي واجهتكم وكيف تغلبتم عليها؟

- من التحديات التي واجهتني، وجود كلمات إدارية مرتبطة بالمجال الطبي ليس لدي خبرة فيها، حيث كنت أدخل اجتماعات بمشاركة إداريين من خارج البحرين ولا أعرف تلك المصطلحات، فتحديت نفسي وشجعني حينها الدكتور محمد العوضي الذي كان وكيلاً مساعداً في الوزارة، فدرست تخصص الإدارة الطبية في الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا «جامعة البحرين الطبية». وحصلت على «الماجستير» الأمر الذي أضاف لي كثيراً من الخبرات في الإدارة الطبية وإدارة المستشفيات، و حصلت على شهادة طبية وأخرى إدارية.

أكثر شخصية أثرت في حياتكم ومازالت خالدة في الذاكرة؟

- الشخصية التي اقتدي بها طيلة حياتي هي شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة»، أيضاً هناك شخصيات أثرت في حياتي مثل والدي وجدي لأبي الذي كنت ملازماً له طيلة الوقت وتعلمت منه الصبر، إلى جانب جدي من والدتي حيث كان لديه مجلس نجتمع فيه بشكل منتظم، يحثنا خلاله على تبادل الاحترام مع أفراد المجتمع.

لعلي تأثرت بشخصية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الراحل، ليس بالدعم فقط، لكن شخصيته كانت مميزة جداً، فبعد أن تخرجت في برنامج طب العائلة، كنا نزوره وبرفقتي بعض الأصدقاء في مجلسه وكان مجلسه مفتوحاً للجميع ويسأل عن أحوالنا. وأذكر أنه قال لي رحمه الله: «لا تقصر علينا» فكانت فرحتي كبيرة بهاهتين الكلمتين.

تأثرت كذلك بشخصية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حيث أبهرتني شخصية سموه؛ فهو شاب وقريب من الجميع ولديه طموح وتطلع، ورأينا عظمة شخصيته خلال جائحة كورونا، وأصبحنا نتعلم منه بعد أن كان يسمع منا عن إحصائيات كورونا في الفترة الأولى وعرفها بالتفصيل في فترة وجيزة جداً، فصرنا كأطباء نخجل أن نتكلم في تلك المعلومات.

كيف تعايشتم مع الأهل والأصدقاء خلال كورونا؟

- نعتبر الجائحة نعمة فهي أعطتني أولاً وأخيراً مجالاً لخدمة الناس بشكل أكثر، حيث وصلنا إلى مستوى عال جداً من الاحترازات، وهي أمور نفخر بها بشكل يومي.

حياتي الخاصة كانت فيها مشقة وتعب، لكنه كان التعب المريح، فحين عودتي من عمل متواصل لمدة 24 ساعة أو 48 ساعة في خدمة الناس خلال الجائحة، يأتيني إحساس أنني أنجزت إنجازاً كبيراً، رغم أني كنت بعيداً عن أهلي وأصدقائي وكنت أعزل نفسي في غرفة حينما ظهرت الجائحة؛ خوفاً من انتقال العدوى إلى والدي أو والدتي و أهلي. وكنت أيضاً في أكثر الأحيان أنام خارج البيت خوفاً من انتقال المرض، فكانت تلك الفترة من أصعب الأمور التي واجهتها خلال حياتي.

وماذا عن الجانب الإنساني في حياتكم؟

- الجانب الإنساني والتطوعي مهم جداً في حياتي، فعلى الرغم من أني كنت وكيلاً لوزارة الصحة، فقد زرت كثيراً من الدول التي تحتاج إلى مساعدات إنسانية، موجهاً في هذا الصدد تحية للأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكية الدكتور مصطفى السيد، الذي تعلمت منه دروساً كبيرة.فقد رافقته في كثير من الرحلات، كرحلته إلى اليمن وجمهورية السودان، والتي واجهنا فيها تحديات ومخاطر كبيرة، فقد سافرت معه إلى غزة كذلك في وقت حصار وحرب. كما زرت كوسوفو أيضاً مع جمعية أطباء بلا حدود لتقديم الدعم للمرضى والمحتاجين، ففي هذه الرحلة قابلت عائلة في منطقة نائية جداً، كانت تصلهم المساعدات عبر الطائرات يتم رميها من فوق وتحتوي على أدوية للجروح، وكانت تلك العائلة لديها اثنان يعانيان مرض السكر وكانا يتناولان الأدوية على أنها إنسولين ولكن عناية الله ولطفه أنقذتاهما.

رأيت في رحلتي إلى كوسوفو، من مآسي الحروب، رأيت أطفالاً لديهم دوالي في أرجلهم وآخرون لا يستطيعون السير، وكانوا بحتاجون إلى العلاج النفسي قبل كل شيء.

ما هي هوايات الدكتور وليد المانع؟

- أحب لعب الكرة الطائرة و الغوص في البحر ومعرفة عمقه ونوعية التربة وأماكن تكاثر الأسماك، كذلك أحب القراءة وهي كانت جليسي وونيسي.

هناك هواية أفضلها وهي النشيد الإسلامي، حيث تعلمت بعض المقامات العربية والإسلامية وأصبح لدي تجارب في النشيد والتلحين وكانت هواية محببة لي وحتى الآن أدندن فيها ولم أنشرها، فقد شاركت في تلفزيون البحرين بعملين وحتى الآن هناك أناس لا يعرفون هذا الشيء لأنها كانت مجرد هواية.