حسن الستري وأسماء مال الله - تصوير نايف صالح


لم يساورني الندم لاختيار المحاماة

التشتت بين عدة جمعيات غير مجدٍ


قررت الترشح لمجلس 2002 في آخر ساعتين

وضعنا أسساً للمجلس النيابي مازالت قائمة

أبهرني حديث شخص عن إنجازات لجنة التقاعد

شائعات غير صحيحة تتناول «الضمان الصحي»

مشروع كتاب عن «التحكيم» قريباً


أنصح النواب بالإعداد الجيد للجلسة العامة

نشأ مواطناً عادياً في «فريج الفاضل»، ولكنه كان مولعاً بالقراءة منذ صغره، إلى أن وقع بين يديه كتاب «نائب في الأرياف»، فتولدت له الرغبة لدراسة القانون، وعلى الرغم من توفر البعثات آنذاك إلا أنها لم تكن تتناول دراسة القانون، بيد أنه اتجه لدراسته على نفقة والده بالقاهرة، ليعود ويبدأ مسيرة عملية في أكثر من مجال.

هذه هي نشأة فريد غازي، الذي سردها لـ«الوطن»، مبيناً أنه بدأ محامياً وعضواً بجمعية المحامين، والتحق بنادي مدينة عيسى، ثم جمعية مدينة عيسى الشعبية والقرى المجاورة، إلى أن دخل مجلس النواب، وخرج منها ليعمل في أكثر من جهة رسمية.

وفيما يلي نص الحوار:

حدثنا عن نشأتك؟


- نشأتي جداً عادية، كأي مواطن بحريني ولد وتربى في فريج الفاضل منذ الصغر، وبه الكثير من العوائل البحرينية بمختلف شرائحها، وكان شعلة من النشاط، وكان نادي اليرموك في وسط فريج الفاضل إضافة لأندية أخرى وقد تعرفنا على المسرح في نادي اليرموك، «الفريج» كان به حيوية، وكانت عين جامع الفاضل عيناً طبيعية للوضوء، وبالقرب من «الفريج» هناك «قراقير» لصيد السمك، فكانت هناك مناظر لا تنسى، وكان هناك من يصنع «القراقير» لصيد السمك، والأهم من ذلك قرب البحر منا.

حدثنا عن عائلتك؟

- أنا من أسرة تتكون من بنتين وولدين، وأنا هو الشخص الثالث في ترتيب الأسرة، والوالد يعمل في مجال البحر و«التكات»، وآخر عمله كان في شركة كانو في مطابقة «التكات» مع المراكب، والوالدة كانت ربة منزل ومازالت موجودة والوالد توفي.

الأسرة بسيطة متوسطة الدخل، ومن الأسر المعروفة في فريج الفاضل، فالجد من الوالد حسن بن جمعة إمام ومؤذن جامع الفاضل وكان معروفاً، وأيضاً الجد خليفة غيث العطاوي من جهة الأم معروف في المحرق وانتقل للقضيبية ومن ثم الرفاع، وكذلك والدي جاسم بن علي رفيع معروف في «الفريج».

النساء كان لهن دور كبير في تربيتنا، فهن في ذاك الوقت يربين أكثر من الأب، وكل أمهات «الفريج» أمهاتنا، فالأمهات قمن بتربيتنا، كنا نسمّيهن أمي عائشة وأمي مريم، يدعمننا مادياً ويحميننا، نبدأ بمعارف وننتهي بأهل وتصبح الأمهات معزتهن لا تقل عن أمك الطبيعية.

حدثنا عن دراستك الأساسية؟

- أنا خريج مدرسة حكومية، بدأت في مدرسة ابن سينا في فريج الفاضل وانتقلنا إلى مدرسة مدينة عيسى الإعدادية لأعود إلى مدرسة الحورة الثانوية، وأخيراً انتقلت إلى مدرسة الشيخ عبدالعزيز في العدلية التي تخرجت منها عام 1981.

انتقلنا من الفاضل إلى مدينة عيسى في 1976، وميولي كانت أدبية. دخلت بالبداية المسار العلمي ثم انتقلت إلى المسار الأدبي، وكنت محباً للغة العربية والقواعد والبلاغة. من الشخصيات التي زاملتني بالمدرسة، محمد المعرفي وأحمد قراطة، ومازلنا نتواصل مع الزملاء، نتواصل حتى مع الذين بالابتدائي.

ما السبب الذي دفعك لدراسة القانون في تلك الفترة؟

- أنا خريج جامعة القاهرة وكانت دراستي على حساب الوالد، لأنه لم يكن يوجد يومها بعثات لدراسة القانون، كانت رغبة داخلية وإحساس داخلي، لم يكن يومها القانون مرغوباً لدى الطلاب. اطلعت على كل التخصصات، كنت اقرأ المجلدات في القصص العالمية والثقافة العربية، في ذلك الوقت قرأت مذكرات نائب في الأرياف للكاتب توفيق الحكيم، وكنت آخذ كل هذه الكتب عن طريق أختي نوال، فلما تزوجت تركت لي حصيلة من الكتب للكتاب العرب والأجانب، وقرأت كل ما يخطر ببالك للكتاب العالميين، إلا أن مذكرات نائب في الأرياف جذبتني لدخول عالم القانون.

ولم أواجه صعوبة في دراسة القانون فكانت اهتماماتنا في ذلك الوقت ثقافة شاملة، والقانون ثقافة مجتمعية وله فلسفته، فكانت تجذبني القراءات، وكنا متفرغين ونقرأ ساعات طويلة فلم يكن ذلك صعباً كما الآن، كانت لدي عادة قراءة الصحف والمجلات وكنت أقرؤها في المقهى وأحياناً أستقل القطار من القاهرة للإسكندرية وأعود في نفس اليوم وآخذ الوقت للقراءة. مارست نشاطاً طلابياً من خلال اتحاد الطلبة، الذي كان يجمع كل الطلبة لممارسة نشاطهم الثقافي بالإضافة إلى الدراسة الأكاديمية.

وكيف كانت بداية حياتك العملية؟

- قدمت للعمل الحكومي في عدة جهات، بما فيها وزارة الخارجية، للحصول على وظيفة حكومية، وحين تم استدعائي للعمل اعتذرت عن قبول الوظيفة، وهناك من زملائي من تم قبولهم وأصبحوا سفراء.

لم يساورني الندم في يوم من الأيام أنني اخترت المحاماة، تدربت عند عبدالله هاشم، وبسرعة فتحت مكتب، وكنت من أوائل المحامين الذين فتحنا مكاتب، ومازلنا لغاية الآن ندرب رغم حجم المكتب إلا أن لدينا مسؤولية لتدريب المحامين.

ما هي الصعوبات التي تواجه عمل المحامي؟

- صعوبات كثيرة في المهنة لأنها مادة جافة والإجراءات والقوانين تتغير في مملكة البحرين، فهي اليوم أكثر تعقيداً والمحاماة أغلبها «أونلاين»، كإدخال الدعوى والحضور إلا بعض القضايا التي تتطلب «الأونلاين»، بعد انتشار مرض كورونا ساهم «الأونلاين» في التطور الإلكتروني الكبير في مهنة المحاماة أو في عمل المحاكم.

نسمع كثيراً لغطاً على المحامين بأنهم لا يصارحون الخصوم بأن قضيتهم خاسرة، وإنما يوهمونهم بأنهم سيكسبونها لكي ينالوا أتعابهم منهم، ما هو رأيك؟

- المحاماة شأنها شأن أي مهنة، قد تجد فيها تصرفات غير صحيحة من أفراد، ولكن الكلام إجمالاً ليس صحيحاً على إطلاقه، فالمحامي يعرف القضية خاسرة منذ البداية، وهناك قسم كبير من الموكلين يريد أن يسير بالقضية وهي خاسرة، خصوصاً إذا كان مدعى عليه، وأحياناً يرجع ذلك إلى طبيعة بناء وسائل الإثبات المختلفة، فقد يأتي في منتصف الطريق ويقول إنه ليس لديه شهود. حتى قضية الشيكات بدون رصيد، قد يبرأ مصدر الشيك إذا كان صادراً على نحو الضمان وليس الوفاء.

لديك عمل تطوعي في أكثر من مجال، حدثنا عنه؟

- كنت عضواً في جمعية المحاماة البحرينية وبعدها نائب رئيس، وحياتي كلها كانت في الجمعيات، منذ اتحاد الطلبة بالقاهرة، ودخلت نادي مدينة عيسى من 1992 إلى 1996، وكنت رئيس اللجنة الثقافية، وكانوا يومها يتحدثون عن الكرة وأنا «مخي مشغول بالقانون». دخلت في إدارة جمعية المحامين من 1996 إلى أن صرت نائباً في 2002، وتفرغت للعمل النيابي ثم دخلت إلى الهيئة الاستشارية وبعدها رجعت إلى نادي مدينة عيسى مرة أخرى، والآن أشغل منصب نائب الرئيس مع صديق العمر أحمد جاسم العكبري.

ما الذي أضفته لنادي مدينة عيسى؟

- أنا لم أحقق شيئاً وحدي، فأنا مهتم بالجانب القانوني، ولكن كل الأعضاء حققوا وبالأخص أحمد العكبري فهو رائد من رواد العمل التطوعي وهرم كبير، وعلى يده تحقق الكثير في نادي مدينة عيسى، إذ تم الاعتناء بالملعب وزراعته واستثمار الأرض في المحلات التي بها عائد لمدينة عيسى، ولم تقصر وزارة الشباب التي بنت الصالة والنادي.

ماذا عن جمعية مدينة عيسى الشعبية والقرى المجاورة؟

- الفكرة أن تكون هناك جمعية تُعنى بالشأن الاجتماعي بالمنطقة، وأُسست وعمل بها مجموعة من الأعضاء، منهم النائب السابق عيسى القاضي، ولكن غير مجدي أن يكون الإنسان مشتتاً بين عدة جمعيات، لذلك لم تستمر الجمعية لأسباب منها أن الأعضاء لهم اهتمامات أخرى، ولم يأتِ جيل يستطيع أن يكمل المسيرة.

وماذا عن جمعية مبادئ لحقوق الإنسان؟

- حالياً أرأس الجمعية التي أُسست في سبتمبر 2011، وأنا الرئيس الثالث حالياً للجمعية، وأدت دوراً كبيراً في المجتمع لخدمة مملكة البحرين في الداخل و الخارج، وآخرها مراقبة الانتخابات.

صرتَ نائباً عن أولى الوسطى آنذاك، من أين جاءت الفكرة؟

- كنا في عهد البدايات بالعمل النيابي الذي بدأ كبيراً في مملكة البحرين بالعناصر الموجودة، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك عضوات بالمجلس، ولكن العمل كان كبيراً في بداياته، فكنت أرأس اللجنة التشريعية بحكم التخصص، وقبل أن يبدأ أول اجتماع جمعنا جميع الأمور التشريعية في الوطن العربي والعالم لمعرفة كيفية سير عمل المجلس وإعداد التقارير، صحيح أن اللائحة الداخلية كانت موجودة، ولكن كان لابد من وضع أسس للجان، ومازال مجلس النواب يسير على ما وضعناه في ذلك الوقت بنفس الكيفية والشكل الذي وضعناه، بالإضافة إلى ماهو موجود في القانون.

لكن من أين جاءت فكرة الترشح، ما هو الدافع؟

- النواب حالياً يعدون أنفسهم قبل أربع سنوات، ولكنني لم أقرر التقدم بالترشح إلا قبل قفل باب الترشح بساعتين، حتى إن زوجتي لا تدري، كنت جالساً فقط فحملت بطاقتي وجوازي، وذهبت للمركز للتسجيل، وتسهلت إجراءاتي وسجلت بسرعة، في ذلك الوقت كنت أنوي الدخول في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وكنت أحاضر وأقدم ندوات، فكانت لدي حصيلة من المعلومات فأردت أن أضيف هذه الحصيلة للمجلس، وقد حققت ذلك.

ترأست لجنة إفلاس التقاعد التي كانت تعتبر من أهم اللجان، حدثنا عنها؟

- هي من أهم اللجان، حضرت ندوات وكنت دائماً أسمع الناس تتذمر من المجلس، ولكنني مؤخراً حضرت ندوة عن التقاعد بالاتحاد الحر، وكان أحد الجالسين متقاعداً من صندوق التقاعد، فبدأ حديثه بذكر إنجازات اللجنة، أبهرني بحديثه، فشكرته على ما ذكره.

أبرز المقترحات في فترة العمل النيابي وبعدها صدرت كتشريعات، كونك دخلت المجلس بخلفية قانونية؟

- هناك أشياء أُنجزت وأشياء لم تنجز، أنا من أوائل الناس لتعديل قانون الصحافة، فجاء قرار مقترح شوري ومشروع حكومي، ومازال يراوح مكانه بالمجلس النيابي، ونتمنى صدوره بالفصل السادس، وطرحت مشروعاً لقانون المحاماة وأيضاً مازال التعديل في أروقة المجلس، ومن أهم اهتماماتي قانون الطفل وقانون الأحداث، وقد صدرت، والآن تعديل سن الحدث والكثير من التشريعات، ويأتي على رأس هذه التشريعات مقترح الجمعيات السياسية، وقد طُرح معه قانون الأحزاب السياسية، وصدر قانون الجمعيات السياسية الذي نظم الحياة السياسية في البحرين إضافة إلى قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية.

عاودت الترشح في 2006 ولم يحالفك الحظ، فلم لم تعاود الترشح فيما بعد؟

- هناك من لم يحالفه الحظ وأعاد الترشح وفاز، العملية هي الرغبة، فالرغبة التي كانت موجودة في 2002، اختلفت تماماً وإلى الآن مختلفة، واختفت لأني أريد أن أعمل في الجانب التثقيفي، فطوال 20 سنة لم أتخلَّ عن المحاضرات في هذا الجانب ولي إسهامات في جهات رسمية في مملكة البحرين، خصوصاً في معهد البحرين للتنمية السياسية والمعهد القضائي، وهما يقومان بدور جبار وهما من أنجح الأنشطة والأفكارالتي طبقت في البحرين. من المهم نشر الثقافة القانونية في البحرين.

انضممت إلى الهيئة الاستشارية لدول مجلس التعاون في 2007، حدثنا عنها؟

- كانت مرحلة مهمة في حياتي الشخصية، وهي من أنجح الأفكار الموجودة في دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه الهيئة أسهمت في إعداد دراسات أكاديمية عبر مختصين وخبراء لوضع أسس وأفكار ودراسات قيمة مازال عطاؤها مستمراً في المجلس، ويشرفني أنني عملت في هذه الهيئة لمدة 10 سنوات، وكسبت صداقات من خيرة العقول من الدول الخليجية.

عملت في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، حدثنا عنها؟

- نحن ندعمها وتقوم بدور كبير، وقادت عملية التثقيف للمراقبين في جانب الانتخابات، تقوم بدور كبير، وتعاقب على رئاستها خيرة أبناء البحرين.

هيئة الضمان الصحي كنت عضواً فيها، وهي هيئة طبية، وأنت جئت لها بخلفية قانونية؟

- هي من أهم الهيئات بالبحرين لأنها تُعنى بالجانب الصحي، بقيادة الشيخ محمد بن عبدالله بن خالد آل خليفة، ونحن مقبلون على الضمان الصحي، للأسف يتم ترويج شائعات غير صحيحة للضمان الصحي، سوف يبدأ التأمين على الأجانب في 2023، وعلى البحرينيين في 2024، أتضايق عندما أسمع عن شائعات بأن التأمين سيكون بـ«فلوس» وأن البحرينيين سيدفعون، وتترك المستشفيات، مسؤولية الدولة موجودة في المتابعات والتقييم، كما أن هناك المجلس الأعلى للصحة، هذه الأفكار موجودة في دول العالم، فلم لا نطبقها في البحرين، الدولة تتروى في تطبيقه لأنها تريد ضمان أقصى استفادة للمواطنين.

ما هي أبرز مشاريعك الآن؟

- القانون أخذ مني حتى حياتي الخاصة، كنت أحب الفن والمسرح، وكنت رساماً، والقانون عزلني عن كل ذلك، لأني أفضل الإعداد لمحاضرة على الرسم والذهاب لمسرحية، أعمل في القانون حتى أيام الإجازات، لدي مشروع كتاب عن التحكيم، ولم أخرجه، ويتوقع أن يرى النور قريباً. خدمت في مواقع كثيرة، وما أقدره وأثمنه هو اكتساب المعارف والصداقات على جميع المستويات، بدأنا صداقات مازالت موجودة، ومازلت التقي بهم، وأتواصل معهم.

هل من نصيحة توجهها للنواب الجدد؟

- نصيحتان، الأولى هي الإعداد الجيد الشخصي قبل الدخول لقاعة المجلس بقراءة جدول الأعمال والاطلاع على تقارير اللجان، هناك مستشارون بالمجلس بمختلف التخصصات يمكن الاستفادة منهم.

هناك قضايا كثيرة في مملكة البحرين، لكن في هذا الفصل التشريعي السادس يجب أن يتم التركيز على أولوية واحدة، وهي دعم رفع المستوى المعيشي للمواطن البحريني بالمساحة المتاحة في المملكة وفي حدود إمكانيات الميزانية العامة للدولة، لدينا وفورات يجب الاستفادة منها. يحتاج المواطن البحريني لكي يتمتع بشيء من الرخاء لمجابهة التضخم في زيادة الأسعار في المجتمع.