فخورة برئاسة الاتحاد العربي للمصارف..

الكوادر الوطنية الشابة أثبتت كفاءتها بالقطاع المصرفي

الثقة بالنفس وإيماني بقدراتي أهم عوامل نجاحي



البحرين أنموذج فريد في منظومة العمل النقابي بالمنطقة

رياضة المشي صباحاً تمنحني الحيوية لأداء مهامي بنشاط

الحياة ليست وردية دائماً.. وبالصبر والعزيمة تتبدد الأزمات

ياسمينا صلاح - تصوير: نايف صالح

حبها للرياضيات دفعها بأن تتخصص لدراسة إدارة الأعمال في الجامعة والعمل في المصارف حتى اكتسبت 16 عاماً من الخبرة في القطاع المصرفي، وأصبحت أول رئيسة لنقابة المصرفيين في البحرين عام 2019، ومؤخراً تم انتخابها لتكون أول امرأة تتولّى منصب رئيس المجلس المركزي للاتحاد العربي للمصارف والتأمينات والأعمال المالية خلال العام الجاري 2023، امرأة طموحة ومبدعة وأيضاً كاتبة لمقال أسبوعي في صحيفة «الوطن» كما تقول «بيتها الثاني».

«الوطن» التقت رئيسة نقابة المصرفيين نورا الفيحاني في حوار سردت فيه مسيرتها، وأعربت فيه عن فخرها بما حققته من إنجازات كونها أصغر امرأة تتولى الشأن النقابي لقطاع كبير كقطاع المصارف يعمل به 14 ألف موظف و362 مؤسسة بنكية ومالية، وبفوزها مؤخراً بمنصب رئيس المجلس المركزي للاتحاد العربي للمصارف.

وأكدت الفيحاني على مساعيها الدائمة للتطوير المستمر في مجال القطاع المصرفي، داعية المرأة البحرينية إلى مزيد من التقدم والإنجاز والتميز.

وفيما يلي نص المقابلة:

حدثيني عن بداية نشأتك؟

- نشأت في عائلة مكونة من 5 أشقاء ووالدي ووالدتي، لدي شقيقان وشقيقتان وأنا الثالثة في الترتيب. وُلِدتُ في مدينة عيسى التي تُعتبر مهد ذكريات الطفولة والتي درست في مدارسها. طفولتي كانت هادئة جداً، ولكن المرحلة المدرسية أثّرت بشكل كبير على تكوين شخصيتي وخاصة المرحلة الابتدائية التي تعد البيت الثاني للطالب ولها دور كبير لجعل الطفل يكتشف نفسه ومهاراته وقدراته، وقد حظيت بمعلمات رائعات كَوَّنَّ شخصيتي حتى اكتشفت مواهبي وإبداعي، وقد قمت بالعديد من الأنشطة خلال هذا المرحلة، منها العزف في الصف الصباحي، والانضمام إلى كشافة المدرسة، وشاركت في الأنشطة الرياضية وكنت في فريقي كرة السلة والطائرة، بالإضافة إلى تواجدي في نادي القراءة في المدرسة، وجميع هذه الأمور أضافت لشخصيتي الكثير.

أما في المرحلة الثانوية وعلى الرغم من حبي للمحاماة في وقت ما، إلا أن شغفي بحب الرياضيات دفعني لاتخاذ القرار للدراسة في كلية إدارة الأعمال وأن أعمل في قطاع المصارف، ولا يمكنني أن أنسى احتضان عائلتي لي وتشجيعهم المستمر وتفهمهم لكثير من الأمور، وهذا الدافع الأول لطموحي وما وصلت إليه، وكانوا دائماً حريصين على أن أهتم بدارستي وأن أعمل الخير وأساعد الآخرين.

هل عملتِ في أثناء المرحلة الجامعية؟ ما هي أول وظيفة عملتِ بها؟

- في أثناء المرحلة الجامعية كانت هناك فرصة للتدريب في البنك الأهلي المتحد، فالتحقت بالدورة التي استمرت لمدة شهرين كتدريب جامعي صيفي خلال شهر يوليو من عام 2007، ومن خلال أدائي المتميز وبعد انتهاء فترة التدريب استلمت أول وظيفة، والتي كانت أمين صندوق في البنك بدأت في شهر سبتمبر 2007 حتى 2011، والعمل في البنك الأهلي كان خطوة مهمة في تأسيس شخصيتي المهنيّة وتعلّمت الكثير وتدرجت في مهامي الوظيفية، وبالتالي التحقت بالبنك الشامل حين بدأ نشاطه في البحرين والذي تحول فيما بعد إلى بنك الإثمار وهو بنك إسلامي، واكتسبت 16 عاماً من الخبرة في القطاع الصرفي، وكان لدي الشغف في ممارسة العمل النقابي، وأود التأكيد على أن مملكة البحرين تمثل نموذجاً فريداً في منطقة الخليج العربي في منظومة العمل النقابي وينظر إلى تجربتها المنبثقة من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم باعتبارها مثالاً يمكن البناء عليه في تكوين وتأسيس النقابات العمالية في الدول المجاورة، وقد تغير الفكر الراسخ عن النقابات، وأصبح التفاهم والحوار هو السائد في الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين، وهذا دائماً مبدئي في الحياة أن جميع الأمور تُحلّ بالحوار والتفاهم.

ما هي هواياتك؟

- على الرغم من أن العمل المصرفي يأخذ حيزاً كبيراً من وقت العاملين فيه، وكذلك النشاط النقابي، إلا أنني أحرص دائماً على القراءة في مجالات متنوعة ولكن يأتي الاقتصاد في مقدمتها، ولا تفوتني متابعة أخبار النقابات العمالية والمصارف والبورصات باعتبارها من صميم العمل المصرفي، وكذلك أيضاً القراءة في قوانين النقابات العمالية والتقارير الإقليمية والدولية التي تصدر بشأنها ومجريات الأحداث العمالية حول العالم، وأحرص على ممارسة رياضة المشي في ساعات الصباح الأولى لأنها تجعلني أبدأ يومي بعزيمة ونشاط وتمكّنني من أداء مهامي بكل حيوية.

كما أود أن أُعرب عن شكري لصحيفة «الوطن» وهي بيتي الثاني التي منحتني الفرصة لكتابة مقال أسبوعي، لأن الكتابة هي من ضمن هواياتي التي كنت أمارسها قبل وقت طويل، حيث أعتبر الكتابة هي القناة التي تمر من خلالها الطاقة الداخلية للتعبير عن رأيي في قضايا وطنية واقتصادية ومجتمعية.

ما هو شعورك عندما أصبحت أول رئيسة لنقابة المصرفيين؟

- نقابة المصرفيين البحرينية نشأت منذ عام 2003، وأصبحتُ أول رئيسة للنقابة في عام 2019، وشعوري لا يوصف بأن أكون أصغر امرأة تتولّى قطاعاً يعمل به 14 ألف موظف وما يقارب 362 مؤسسة بنكية ومالية وأن يقع على عاتقي مسؤولية تمثيل بلادي البحرين، ولكن مع الدعم والثقة بما نقوم به يسهل علينا الكثير، وفي شهر فبراير لهذا العام 2023 أصبحتُ أول امرأة تترأس المجلس المركزي للاتحاد العربي للمصارف والتأمينات والأعمال المالية.

كيف تنظرين للمنصب الجديد برئاسة المجلس المركزي للاتحاد العربي للمصارف والتأمينات والأعمال المالية؟

- تعتبر نقابة المصرفيين نقابة صغيرة مقارنة مع النقابات النظيرة في الدول العربية التي يضمها الاتحاد، لكن ولله الحمد استطعنا الحصول على ثقة الزملاء في المجلس المركزي، وهذه الثقة لم تأتِ من فراغ ولكن بجهود ودعم الاتحاد الحر، وبقوة مملكة البحرين كدولة خليجية لديها منظومة نقابية متطورة ونظام مصرفي متقدم وإمكانيات تستطيع أن تخدم الاتحاد العربي للمصارف.

من كان الداعم الأول لكِ؟

- أنا أؤمن بأن الله هو صاحب الفضل على الإنسان في كافة أموره، وحين يضع الإنسان لنفسه أهدافاً ويخلص لها فلاشك في أن الخاتمة تكون التفوق والنجاح، ولقد منحني الله هبة عظيمة تمثلت بالإيمان بنفسي وقدراتي والذي اعتبره من المحركات الدافعة لانطلاقتي.

ولا أستطيع إنكار التحديات التي تواجه كل البشر وكان لي نصيب منها، فليست الحياة دائماً وردية، لكن الإنسان القوي يستطيع الاستفادة من التحديات وتحويلها لإنجازات ونجاحات، وذلك من خلال الإيمان والصبر والعزيمة على تجاوز الأزمات ورفع القدرات ومستوى الكفاءة يوماً بعد آخر، لأن في كل يوم يجد الإنسان تحدياً جديداً وعليه أن ينجح مهما كانت الظروف.

ولقد كان للاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين أيضاً فضل كبير عليّ شخصياً، ولا أنسى في هذا المقام رئيس الاتحاد يعقوب يوسف الذي لم يدخر جهداً في دعم نقابة المصرفيين بشكل عام ولي على نحو خاص، وهناك فريق عمل بالاتحاد الحرّ يعتبر من أفضل الكفاءات الوطنية التي لا تقف عند مرحلة، ولديهم سعي دائم لرفع اسم مملكة البحرين النقابي عبر تقديم مبادرات وأفكار باسم المملكة ضمن المحافل الكبيرة.

كيف تصفين دور نقابة المصرفيين في البحرين؟

- لم تكن الحركة النقابية أمراً جديداً على البحرين التي شهدت منذ القرن الماضي تاريخاً حافلاً، لكن قانون النقابات العمالية الذي كان إحدى ثمرات المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، فتح آفاقاً واسعة أمام العمال في البحرين، لتكوين نقاباتهم المعبّرة عن آرائهم، والمنافحة عن حقوقهم، وقد شهدت نقابة المصرفيين مجالس إدارة سابقة قدمت للعاملين جهوداً ملموسة، وجئت لأكمل هذه المسيرة، ولكن وضعت أهدافاً توسعية للعمل النقابي المصرفي وخططاً لكي تستطيع النقابة أن تنطلق لآفاق أبعد من حدود البحرين.

ما هي التحديات التي تواجه العمل النقابي المصرفي؟

- لا يمكن نسيان الفترة الصعبة التي مرت بها البحرين والعالم أجمع بسبب تداعيات جائحة كورونا، والتي ضربت الاقتصاد بعد الصحة وأثرت بنسبة كبيرة على العاملين في جميع القطاعات بل كانت لها أبعاد سياسية ألقت بظلالها على العمل النقابي ووضعتنا أمام تحدي منع حدوث أي فصل لموظف في أي قطاع تابع للنقابة، وهنا أشكر المصارف العاملة في مملكة البحرين لتحمّلها المسؤولية الكبيرة والتعاون مع الحكومة في تقديم الدعم والمبادرات لمنع حدوث أزمات مثلما حدث في معظم دول العالم.

ما هي الأفكار والمبادرات التي تعمل عليها نقابة المصرفيين؟

- لعل أهم تحدٍّ يواجه العاملين في المصارف هو الثورة التكنولوجية والرقمنة في العمل المصرفي والتي تحمل وجهين أحدهما جيد والآخر سيئ، فبينما تمثل التكنولوجيا تطويراً في العمل المصرفي، إلا أنها في الوقت نفسه تتطلب تدريباً مستمراً للعاملين في المصارف على أحدث المستجدات في هذا العمل وتولد مخاطر سواء على صعيد الائتمان أو كذلك المنافسة بين المصارف في سوق المال، وأيضاً على صعيد التوظيف وخفض نسب العمالة في المصارف.

وهذه التحديات نعمل على تخفيف حدّتها في نقابة المصرفيين من خلال توفير التدريب المستمر بالتعاون مع جهات مثل معهد البحرين للدراسات المصرفية وجامعة البحرين وصندوق العمل «تمكين»، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى نسعى لعقد اتفاقيات معها بشأن التدريب، وسنواصل دائماً تطوير العاملين في القطاع المصرفي ليواكبوا الثورة الرقمية وخلق قيادات شبابية واعدة في القطاع.

وهنا أود التأكيد أن الكوادر الوطنية الشابة استطاعت أن تثبت وجودها في أكثر من موقع عمل، ومن أبرزها العمل المصرفي والقطاع الاقتصادي بصورة أشمل.

ما الذي تسعين إليه للتطوير في نقابة المصرفيين؟

- لكل نقابة رؤيتها وأهدافها، ونحن في نقابة المصرفيين لنا رسالتنا وأهدافنا ورؤيتنا، ولقد أصبحنا اليوم همزة وصل بين المصارف وقياداتها والعاملين فيها، كما أننا نسعى دائماً لتطوير النقابة محلياً بأن تكون المشاركة فعّالة في صنع مستقبل المهنة، ونطمح لأن يكون لنا مقعد في مجلس التنمية الاقتصادية باعتبار المصارف هي عمود الاقتصاد في الدول.

كما يتوجب أن يكون لنا تمثيل في جمعية المصارف وتعاون وثيق وتنسيق في كافة المبادرات لتصبح شاملة وغير مقتصرة على الإدارات التنفيذية والقرارات التي تتخذ بعيداً عن أصحاب الشأن من العاملين في المصارف.

ونرى أنه يجب أيضاً الاستئناس برأي النقابة في التشريعات الاقتصادية من خلال التعاون مع المجلس التشريعي بغرفتيه لأننا نعمل على أرض الواقع ومن أقرب نقطة في منظومة العمل المصرفي ونرى التحديات، ولدينا أفكار وحلول لها.

كما نسعى لنيل ثقة كافة العاملين في القطاع والذين ربما يترددون في الانضمام للنقابة، وذلك من خلال توفير برامج مفيدة للأعضاء وغير الأعضاء وامتيازات للنقابيين.

وعلى الصعيد الدولي، فقد بدأنا الخطوة الأولى والأكبر في تاريخ النقابة برئاسة المجلس المركزي للاتحاد العربي للمصارف والتأمينات والأعمال المالية، وسنواصل العمل للوصول إلى مراكز دولية في هذا القطاع.

كيف ترين أداء المرأة البحرينية في المناصب القيادية؟

- يوماً بعد آخر تحقق المرأة البحرينية إنجازات استندت إلى رؤية جلالة الملك المعظم والمشروع الإصلاحي، لكن الفريد في هذا الأمر هو أن تحصد المرأة البحرينية إشادات عالمية دون دعم سياسي مباشر، وإنما اعتماداً على قدراتها في أن تحقق الإنجازات في عدة مواقع، وها نحن نرى ذلك واقعاً في العديد من الكوادر النسائية المتميزة في مملكة البحرين، واللائي حققن سمعة طيبة دولياً.

ولقد وضع المجلس الأعلى للمرأة استراتيجية فريدة في تقديم الدعم غير المباشر للمرأة وفسح المجال لها لكي تبدع، وقام بتكوين البنية التحتية المتينة في منظومة السياسات والتشريعات، ومن خلال هذا المزيج الفريد من نوعه، انطلقت المرأة البحرينية لتتجاوز التوقعات وتتبوأ أعلى المناصب وتثبت طموحها ونفسها وكفاءتها و«كفو عليها».

كلمة أخيرة؟

كلمتي موجهة للمرأة البحرينية في أي موقع عمل، إن الدولة سخرت كافة الإمكانيات والتسهيلات لكِ حتى تتمكني من تحقيق ذاتكِ، وكل امرأة لديها نمط إبداع مختلف عن الأخرى، فلتبحثي عن تميّزك وسوف تجدين الأبواب جميعها مفتوحة للوصول إلى أهداف بعيدة لم تكن في الحسبان.