سيد حسين القصاب




أنذرت بيليه بالكرت الأصفر رغم عدم رضا منظمي المباراة

التحكيم في الإمارات محطة بدأت منها مشواري الحقيقي


أنا وحكم ياباني كنا مسؤولين عن اختيار حكام قارة آسيا للمحافل الدولية

لولا التحيزات للدول الأوروبية لكنت من حكم نهائي كأس العالم للشباب

ألمانيا والكاميرون من أهم المباريات التي شاركت في تحكيمها بكأس 1990

حصلت على الشارة الدولية من الاتحاد الدولي لكرة القدم في عام 1979، وسافرت إلى كوريا الجنوبية في العام التالي لتحكيم 3 مباريات في مسابقة كأس رئيس جمهورية كوريا الجنوبية كأول تكليف دولي.. هكذا سرد الحكم الدولي البحريني جاسم مندي مسيرته لـ«الوطن»، حيث أشار إلى أن الإمارات العربية المتحدة من أهم محطات مسيرته التحكيمية.

فقد لقبه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، بـ«سفير التحكيم البحريني»، وذلك عندما طلب مندي لقاء سموه لطلب تسيير أمور سفره إلى روسيا، حينما تم اختياره لإدارة مباريات كأس العالم للشباب تحت 20 سنة، حيث أمر سموه بتسيير كافة متطلبات سفر مندي إلى روسيا، وقال: «أنت الآن سفير البحرين في موسكو، وأريد أن أسمع عنك أخبار سارة في هذه البطولة»، معبراً مندي عن فخره واعتزازه بالاهتمام الذي حظي به من قبل سمو الشيخ خليفة. وعن اختياره في كأس العالم 1990، ذكر مندي أن هذه التجربة مخلدة في تاريخه الرياضي، لافتاً إلى الطريقة التي أخبره بها الاتحاد البحريني لكرة القدم عن ترشحه لكأس العالم في إيطاليا. وفي ما يلي اللقاء:

حدثنا عن طفولة جاسم مندي؟

- ولدت في عام 1944 بمنطقة الحد، وترعرعت على حب الرياضة، بسبب أن الحد كانت مليئة بالأنشطة الرياضية، ولعبت الكثير من الألعاب في طفولتي عندما كنت في مرحلة الابتدائية مثل كرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة، ولكنني اخترت كرة القدم لأنها من وجهة نظري هي الرياضة الأولى والتي تبرز الرياضي إلى حد بعيد.

كيف كانت مرحلة الثانوية؟

- في المرحلة الثانوية أقيمت دورة عربية مدرسية في الكويت عام 1963، ومن ضمن الدول العربية التي تم اختيارها للمشاركة كانت مملكة البحرين، وتم اختياري في بداية الإعداد للمشاركة في لعبتين «كرة القدم وكرة السلة»، ولكن لجنة الاختيارات وجدتني أفضل في كرة السلة، فتم وضعي ضمن فريق كرة السلة، وذهبنا إلى دولة الكويت للمشاركة في الدورة، وكسبنا خبرة رياضية ونحن في عمر صغير.

وهل مارست لعبة كرة القدم كلاعب أو مارستها من خلال التحكيم فحسب؟

- رغم وضعي ضمن فريق كرة السلة من قبل لجنة الاختيارات، إلا أنني كنت أفضل كرة القدم، لأنها الرياضة الأبرز في ذلك الوقت، والرياضة التي تزيد من شهرتك كرياضي وتكون بوابة للانطلاق الفعلي في المجال الرياضي، وبسبب ذلك انضممت إلى نادي الحد ولعبت في الفريق الأول لكرة القدم، وكان لي مقعد محجوز في الفريق وكنت لاعباً مهماً.

كيف دخلت إلى مجال التحكيم؟

- أتيحت لي فرصة في عام 1970 عندما أقيمت دورة الخليج الأولى في البحرين، وعند نهاية الدورة، وبسبب قلة الحكام الخليجيين والبحرينيين، خاطب الاتحاد البحريني الأندية جميعها لمن لديه استعداد من شباب أو لاعبي الأندية لدخول دورة تحكيمية، فتقدمت بطلب الدخول لهذه الدورة أنا ومجموعة من الشباب، فتم تدريبي على التحكيم ونجحت في ذلك.

وبعد ذلك تم إسناد مباريات إلي في دوري الناشئين والشباب على الملاعب الخارجية، وفي رأيي أن الملاعب الخارجية أسست حكاما أقوياء تجرؤوا على مواجهة الجماهير، وبعد ذلك ذهبت للتحكيم في دولة الإمارات، وأعتبر أن محطة الإمارات هي التي صنعت جاسم مندي.

جاسم مندي معروف كحكم مباريات كرة القدم، ولكنك حكمت نهائي كرة سلة، حدثنا عن هذه التجربة؟

- في عام 1972 تم إرسالي إلى دولة الكويت كمبعوث من وزارة التربية والتعليم، للدراسة في تخصص كرة سلة، وفي العام نفسه أقيمت مباراة نهائية بين الحد والنسور في شهر رمضان قبل العيد بيومين، وأسند لي تحكيم هذه المباراة، رغم أنني من نادي الحد إلا أنه تم توكيلي بتحكيم إدارة المباراة بموافقة الناديين وكبار اللاعبين في ذلك الوقت، بسبب أنني كنت منصفاً ولا أتحيز إلى أي فريق على حساب آخر، وفاز نادي النسور وما زلت أتذكر النتيجة حيث كانت 74-70 لصالح النسور.

حدثنا عن محطة الإمارات؟

- ذهبت إلى الإمارات وبالخصوص اتحاد دبي عن طريق ترتيب بعض الأصدقاء، وكان في ذلك الوقت لا يوجد حكام دوليون في الإمارات، وفي أول موسم عام 1972-1973 حكمت أغلب المباريات في دوري دبي، وكانت هنالك مباريات قوية ومصيرية وحكمت جميعها، رغم أنني كنت في سنتي الأولى في الإمارات، ولكن بتوفيق من الله والعمل والاجتهاد وضعت اسمي كحكم ممتاز يدير أغلب المباريات.

حكمت مباراة سانتوس ضد نادي النصر، كيف كان شعورك؟

- في ذلك الوقت، كان نادي سانتوس البرازيلي لديه جولة في المنطقة بقيادة أسطورة كرة القدم بيليه، وتم تنظيم مباراة بين نادي سانتوس ونادي النصر، وتم إسناد تحكيم المباراة إليّ، وكان الشعور جميلاً أن أحكم لهذا الفريق العريق وبوجود الأسطورة بيليه، وهذا حدث تاريخي يخلد في مسيرتي، ولكنني كنت أعامل جميع اللاعبين سواسية دون التحيز إلى بيليه كونه اللاعب الأفضل.

كما أنني أنذرته في الشوط الأول، وعند الاستراحة بين الشوطين أتى لي المنظمون وأخبروني أنه من المهم وجود بيليه في الملعب ولا نريده أن يُطرد، ولكنني أخبرتهم أن لا سلطة فوق سلطة الحكم في المباراة، وهنالك قوانين وكل لاعب تنطبق عليه هذه القوانين، وفي حال استحق الطرد في ما تبقى من المباراة، سأضطر إلى طرده.

كيف حصلت على الشارة الدولية من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم؟

- في النظام السابق، كان لكي يحصل الحكم على الشارة الدولية، يجب عليه عند دخوله القائمة الدولية أن يدير مباراتين دوليتين مسجلتين في «الفيفا» خلال سنة، لكي يتم تجربته قبل اعتماده على اللائحة الدولية، وفي حال لم يفعل ذلك فلا يُعطى الشارة الدولية، وحكمت مباراتين معتمدتين من قبل الفيفا، وكانت إحداهما مباراة ودية بين منتخب البحرين ومنتخب البرازيل الأولمبي على إستاد مدينة عيسى.

وبعدها حصلت على الشارة الدولية من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، وذلك في عام 1979، وفي عام 1980 سافرت إلى كوريا الجنوبية لتحكيم 3 مباريات في مسابقة كأس رئيس جمهورية كوريا الجنوبية كأول تكليفاتي الدولية.

كيف كانت تجربة تحكيم كأس العالم للشباب تحت 20 سنة التي أقيمت في روسيا؟

- في عام 1985 أقيم كأس العالم للشباب تحت 20 سنة في روسيا، وحكمت مباريات المجموعات ومباراة المركز الثالث والرابع، وفي رأيي كنت أستحق أن أدير المباراة النهائية، ولكنني من دولة عربية وغير معروفة كروياً، لذلك تم إسناد المباراة إلى حكم أوروبي.

حدثنا عن اختيارك للتحكيم في كأس العالم 1990 بإيطاليا؟

- تم إبلاغي باختياري للتحكيم في كأس العالم في إيطاليا خلال إحدى مباريات الدوري البحريني على ملعب الإستاد الوطني، حينها كنت حكماً مساعداً أول، وخلال مجريات الشوط الأول تغيرت الشاشة من نتيجة المباراة إلى عبارات تهنئة لي، حيث كتب على اللوحة «مبروك جاسم مندي على الترشح لكأس العام»، فكان خبراً رائعاً وذكرى لا أنساها، وبعدها سافرت في أبريل 1990 إلى إيطاليا لعمل اختبارات اللياقة البدنية استعداداً لكأس العالم، وتكللت الاختبارات بالنجاح.

وبدأ مشوار التحكيم في كأس العالم، وشاركت في مباريات عديدة وأهمها مباراة ألمانيا ضد كولمبيا، وكان شرفاً لي أن أمثل مملكة البحرين في هذا المحفل العالمي.

ما هو المنصب الذي شغلته في «الفيفا» وما هي مهامك؟

- في البداية أخبرني رئيس لجنة الحكام في الاتحاد البحريني جاسم محمود، بأنه وصلني ظرف في البريد، وعندما فتحته رأيت أنه تم تعييني عضو لجنة دولية، وأصبحت عضو لجنة دولية ومسابقات في 2013 و2014، حيث كنت أنا وحكم ياباني مسؤولين عن قارة آسيا، والتي كانت عبارة عن 47 دولة، وكانت مهامنا هي اختيار حكام آسيوين للمحافل الدولية، بالإضافة إلى توصيات ترشيحات الاقتراحات التحكيمية التي تصل من الاتحاد الآسيوي، وكانت هنالك ثقة بتوصيات وترشيحات الأعضاء من قبل متخذي القرارات في الاتحاد الدولي لكرة القدم.

لماذا قررت أن تصدر كتاب جاسم مندي سفير التحكيم البحريني؟

- ارتأيت أن أوثق هذا المشوار الحافل والتنقل المستمر بين المحطات التاريخية، وهذا الكتاب اعتبره ثمرة حصاد السنين الماضية، ونتيجة الجهد المبذول منذ الطفولة، لذلك بعد التوكل على الله قررت أن أوثق تاريخي التحكيمي في هذا الكتاب، ولا أنسى الأخ والصديق العزيز محمد لوري الذي أعتبره نصف الكتاب إذا أنا كنت نصفه الآخر.

لم تكن لدي المعرفة الكافية لطريقة التوثيق وإصدار الكتاب، لذلك توجهت إلى محمد لوري لطلب المساعدة، ووافق على مساعدتي في كتابة الكتاب وكان مهتماً به جداً ولولاه لم يصدر أبداً، حيث تم العمل على الكتاب لما يقارب 9 أشهر من البحث المستمر عن المعلومات والوثائق الرسمية لتوثيقها في الكتاب.

حدثنا عن لحظة تدشين الكتاب وما هو الصدى الذي لاقاه؟

- بتوفيق من الله تم تدشين حفل كتابي «جاسم مندي سفير التحكيم البحريني» في صالة المناسبات في نادي الحد، وتم ذلك وسط حضور غفير من جميع طبقات المجتمع، من الكبار والصغار والرياضيين والسياسيين، حيث حضر الحفل رئيس مجلس النواب أحمد المسلم، ووزير المجلسين غانم البوعينين.

كما أرسلت نسخاً خاصة لكبار الشخصيات، وأرسلت عبر الديوان الملكي نسخة خاصة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، ووصلتني رسالة رد من الديوان، كان فحوها شكر وتقدير من جلالته، وكان هذا وسام شرف لي أن أستلم رسالة تقدير من عاهل البلاد المعظم.

كما أرسلت نسخاً لخارج البحرين لكبار المسؤليين في الرياضة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكثير من البلدان العربية، ولله الحمد الردود جميعها إيجابية ومشجعة.