سماهر سيف اليزل - تصوير: نايف صالح


«هذا المساء» نجح في حل قضايا مجتمعية..

«فكر مرتين قبل أن تتكلم» حكمة أسير بها في حياتي


كنت طفلاً غير مجازف وقدت سيارة «داتسون» وأنا في الثانوية

الوزير الأسبق طارق المؤيد رعاني وساندني ولا أنسى فضله أبداً

أحمد سليمان أجبرني على اتباع بعض قناعاته الإعلامية والإدارية

على الجامعات التي تدرّس إعلاماً التركيز على العملي أكثر من النظري


لصوته صدى مألوف يأخذك إلى عمق الذاكرة، فرغم أنه حلم بتخصص الطيران إلا أن خطاه وموهبته الإعلامية الفذة قادته إلى الإذاعة والتلفزيون، حيث صقل موهبته دراسياً من خلال المعهد العالي للفنون بدولة الكويت، ليبدأ مسيرته بالعمل في الإذاعة لسنوات قليلة قبل أن يترعرع في التلفزيون كمعد ومقدم تلفزيوني بارع، وكان ظهوره الأول في برامج المناسبات وقدم عدداً من البرامج الشهيرة والمؤثرة أبرزها «هذا المساء»، وشغل خلال مسيرته مناصب عدة بإذاعة وتلفزيون البحرين كمدير إدارة الأخبار، رئيس القناة الثانية، مستشار التطوير الإعلامي، والمدير المنتدب السابق لإدارة الإعلام بديوان صاحب السمو الملكي ولي العهد.

هو الإعلامي سامي هجرس، صاحب الحضور الذي شكل نموذجاً لمعنى الإعلامي، غاصت «الوطن»، في بحور ذاكرته وذكرياته، وتنقلت معه في رحلته ومحطاته المختلفة ضمن سلسلة «سيرة ومسيرة».

وقال هجرس في حواره مع «الوطن» إنه «دخل الإعلام مبكراً بمحض الصدفة بعد التحاقه بأحد البرامج خلال إجازة الصيف، مضيفاً «كنت أصغر موظف بوزارة الإعلام وكانوا ينادونني بالمدلل»، وقال إن «وزير الإعلام الأسبق طارق المؤيد رعاه وسانده وأنه لا ينسى فضله أبداً».

وأشار إلى أن «أبرز برامجه «هذا المساء» لاقى نجاحاً كبيراً لتناوله الكثير من الموضوعات الجدلية والجادة، حيث ناقش العديد من المواضيع المجتمعية والدينية، وتوفقنا من خلاله لحل بعض القضايا المجتمعية العالقة أو الإسهام في حلها». وفيما يلي نص الحوار:

من هو سامي هجرس وأين كانت الولادة والنشأة؟

- سامي إبراهيم حسين هجرس، ولدت في حالة بو ماهر في 14 أكتوبر 1966، نشأت في فريج يسمى «فريج الصنقل» وفي ناس تسميه «الصنكل»، حظيت بنشأة جميلة جداً في منزل كبير بحجمه وأهله، بمنطقة جميلة تجمع الكثير من الأهل والأصدقاء الذين أتذكرهم إلى اليوم.

حدثنا عن أبرز ذكرياتك في تلك المرحلة.

- في سنوات صباي لم تكن هناك تكنولوجيا، كل ما هو موجود هاتف المنزل والتلفزيون، لذلك كنا نقضي وقتنا بين المدرسة والمنزل ولعب الكرة إلى وقت غروب الشمس حيث إنها كانت التسلية الوحيدة، ثم نعود لمشاهدة مسلسل السابعة الذي كان تلفزيون البحرين متمسكاً بعرضه، ولم يكن هناك سهر.

كيف كنت في فترة الطفولة والمراهقة؟

- كنت طفلاً غير مجازف، ولا أذكر أني دخلت في أي نوع من أنواع المشاجرات في صغري، ولكن عندما وصلت للثانوية حدثت بعض المواقف الجريئة حيث كنا «نشرد» من المدرسة ولكوني امتلكت سيارة في تلك الفترة، وعندما كنت أصطف في طابور المقصف وينتهي الأكل قبل وصولي آخذ أصدقائي لأي كافتيريا لتناول الإفطار، وكانت أول سيارة قدتها داتسون رمادية بباب واحد.

حدثنا عن مراحلك الدراسية؟

- درست المرحلة الابتدائية في مدرسة عمر بن عبدالعزيز التي كانت معروفة باسم مدرسة الدوي، وفي المرحلة الإعدادية درست في مدرسة عبدالرحمن الناصر، ودرست سنة في المرحلة الثانوية بمدرسة الهداية، ثم طُردت، وذلك لأنه وبحسب النظام آنذاك من يرسب سنتين يطرد من المدرسة، وكنت قد دخلت المسار العلمي على أمل أن أصبح طياراً بحكم عمل جدي وإخواني وأخوالي كما أنني كنت أعمل في فترة الصيف في شركة طيران الخليج، وبدأ حبي للطائرات ونشأ هذا الحلم الذي دخلت بسببه هذا التخصص، ولكن بسبب صعوبة المواد العلمية واصلت بعد سنة من الراحة «منازل» بمدرسة القضيبية الإعدادية الثانوية للبنين.

حدثني عن الرحلة بين حلم الطيران وصولاً إلى الإعلام؟

- هذه الرحلة جاءت بالصدفة تماماً، حيث إني كنت مقبلاً على إجازة في سنة أولى ثانوي ورسبت، ووالدتي كانت تعمل في الإعلام وخالتي الإعلامية بدرية عبداللطيف كانت مسؤولة آنذاك عن برامج الأطفال والأسرة ، وتم في ذلك الوقت فتح مجال التوظيف بالإذاعة والتلفزيون وبوزارات أخرى فعرضا علي الالتحاق بأحد البرامج خلال فترة إجازة الصيف ولم أمانع، وأذكر أن هذه الفترة كانت في رمضان، وكان عملي هو الرد على الهاتف وتدوين بيانات المتصلين على المسابقات الرمضانية، ورأيت بعد انتهاء الإجازة أني لا أريد الابتعاد عن مجال الإعلام، وفي يوم رآني الأستاذ الراحل عبدالرحمن عبدالله والأستاذ حسن كمال وسألاني ماذا تفعل هنا بعد انتهاء الإجازة، فقلت لهم إني أريد العمل في أي شيء، فنقلوني إلى قسم الأخبار في الرصد وبدأت هناك ثم نقلت إلى قسم البث اليومي القناة العامة 601، إلى أن تم افتتاح البرنامج الثاني وإذاعة القرآن الكريم، وهذه كانت بدايات دخولي في مجال الإعلام، ولا أستطيع أن أقول إني وجدت نفسي في تلك المرحلة، لأن ظهوري على الشاشة وتقديم برامج خلف الميكروفون لم يكن هاجساً بالنسبة لي، حيث إني كنت أستمتع بتنفيذ البرامج الإذاعية واختيار الموسيقى، واختيار إشارة البداية والأغاني المناسبة، ولكن مسألة الشهرة وتقديم البرامج الإذاعية لم يكن في بالي أبداً، ولم يكن حلمي قد تكوّن في الحقل الإعلامي وقتها.

متى تكوَّن حلمك الإعلامي ومتى بدأت المسيرة الفعلية؟

- أعتقد أن ولادة هذا الطموح جاءت متأخرة قليلاً، في فترة برنامج «محليات» حيث إن شغف الظهور على الشاشة نما مع هذا البرنامج، حيث إني قبلها كنت قد بدأت أعمل بالصدفة في إذاعة أجنبية، وسجلت بعض المقاطع للأستاذ الكبير أحمد سليمان الذي كان يدير الإذاعة آنذاك، وقال لي إنني مذيع جاهز رغم أن لغتي الإنجليزية آنذاك كانت متواضعة.

كيف كانت علاقتك مع العائلة ومن كان الأقرب لك؟

- كانت والدتي هي الأقرب بلا منازع، رغم أني لم أطلق عليها كلمة «أمي» إلا متأخراً لاعتقادي بأنها كانت أختي، بسبب مناداة الجميع لها باسمها، كما أنني متعلق جداً بجدي عبداللطيف الذي رباني وكانت علاقتي به لا يمكن للكلمات وصفها أو إنصافها بالشرح فهي نابعة من الداخل، فقد «تمكن من النفس والروح» وكان حبه لي كبيراً جداً، ودائماً أقول إني لولا جدي عبداللطيف لكنت في موقع آخر بأخلاق أخرى ولكنت في كارثة، وكذلك كنت قريباً لجدتي الراحلة «أمي لطيفة».

حدثنا عن دخولك للمعهد العالي للفنون؟

- كانت هذه إحدى تبعات دخولي تخصص العلمي في الثانوية، وبعد أن حصلت على الشهادة الثانوية في المسار التجاري طلبت أن أدرس الإنتاج التلفزيوني ولكن لم يحالفني الحظ، فتقدمت إلى البعثات التي يمنحها المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت، وأتذكر أن الأستاذ قحطان القحطاني قال لي وقتها إن هذه المؤسسة ليس بها رياضات «فلا تحاتي»، فكان الخيار الأمثل لي في وقتها سواء إن كنت راغباً أو غير راغب، وبلا شك أن المعهد العالي للفنون المسرحية أهلني لمرحلة دخول الإعلام، حيث تعلمنا فيه الإلقاء، وقرأنا في المسرح والثقافة، وأعتبر أن مادة الإلقاء والتربية الصوتية كانت من أهم ما ساند عملي في المجال الإعلامي.

ما هي أبرز ذكرياتك في مرحلة الدراسة بالمعهد؟

- عندما التحقت بالمعهد لم أكن أعرف أحداً، ثم تعرفت على بعض الأخوة البحرينيين، وأول من تعرفت عليه وأصبح أخاً وصديقاً عزيزاً وأدخلني بيته وعرّفني على أهله كان نادر الحساوي، وهذه الصداقة مستمرة حتى اليوم، ثم تعرفت على المخرج الذي أصبح من المتميزين وهو محمد دحام الشمر، ثم تعرفت على الأخ العزيز الفنان طارق العلي، وكان له مواقف لا تنسى، وهو من الشخصيات القريبة لي شخصياً، بالإضافة إلى الأخ جوهر الجويهر وكان من الرجال الطيبين الذين عرفتهم في فترة الدراسة ومجموعة كبيرة كنا نقضي وقتاً جميلاً مع بعضنا البعض.

موقف لا تنساه في تلك المرحلة؟

- ذهبت للكويت بسيارتي، ولم أكن أعرف طبيعة المعهد فلبست بدلة وكرفته ودخلت المعهد واتجهت للشؤون الإدارية فقالوا لي إنني تأخرت فقلت لهم «ما أدل الكويت» وضيعت شوي، فأرسلوني إلى محاضرة مشتركة بين التمثيل والإخراج والديكور والنقد، فطرقت الباب وفتح لي المدرس قلت له صباح الخير، ورد علي بصباح الخير يا أفندم، سألته إذا كانت هذه المحاضرة لسنة أولى تمثيل وإخراج فأجابني بنعم يا أفندم اتفضل، قلت له أنا طالب جديد في الدفعة، فقال لي تفضل يا ابني أنا اعتقدت أنك العميد الجديد للدفعة.

وبعد عدة أيام أخبرت محمد دحام أنني لا أملك «جينز» ولا أعرف طبيعة المعهد فقال لي «عاد مو لدرجة أنك تجي ببدلة»، ثم ذهبنا للسوق لشراء ملابس «كاجوال» لدوام المعهد، وكانت لي مشاركة في مسرحية وحيدة مع المسرح العربي.

كنت أصغر موظف في الإعلام، فكيف كانت البداية وإلى أين وصلت؟

- كنت أصغر موظف نعم وكانوا ينادونني بالمدلل، وبدأت رحلتي في الإذاعة ولم تكن رحلة طويلة حيث مكثت هناك لمدة سبع سنوات فقط.

ويجب أن أذكر في حديثي عن تلك المرحلة الشخص الذي له حق وفضل علي وهو وزير الإعلام السابق طارق عبدالرحمن المؤيد رحمه الله، وأذكر أنه في مرة من المرات كنت أعمل بإدارة إذاعة القرآن الكريم فدخل علي ولم يكن من الشخصيات التي تمرح ونادراً ما تراه يبتسم ولكن قلبه كان كبيراً جداً، ورأى كتباً إنجليزية وكتباً لوزارة التربية والتعليم وسمع القرآن فسألني من الذي يقرأ فقلت له الشيخ الحصري، ثم التفت علي مرة أخرى وسألني عن الكتب فقلت له إني أدرس منازل وهذه الكتب التي أدرس منها، ثم رأى بعض ما كنت أعمل عليه لبرنامجي في الإف إم وأحضر منه المعلومات، فقال لي «انت منو مشغلك هني» فقلت له «أنت طال عمرك»، ومن يومها صارت بيني وبينه علاقة الأخ الكبير بأخيه الصغير، وكان يرعاني ويسأل عني وله فضل علي لا أنساه أبداً.

وبعد حصولي على الثانوية وبسبب تقديمي في الإف إم وبعض الفقرات في بعض البرامج التلفزيونية اقترحت علي الدكتورة هالة العمران أن أنتقل إلى التلفزيون، بمساعدة الأخ قحطان القحطاني والذي أخبرني أن التلفزيون عالم آخر ، وفعلاً انتقلت للعمل التلفزيوني، وكنا نعمل على بعض البرامج الصيفية وبرامج المناسبات، إلى أن قدمت برنامج محليات والذي شهد تطوراً كبيراً.

كيف ترى الإعلام البحريني بين الماضي والحاضر؟

- أنا محب للإعلام التقليدي ولكنني لست ضد التطور، ومحب للإعلام البحريني خصوصاً أنني عاصرت فترة الكيف، فقد كنت أخرج بعض البرامج الإذاعية وكلها كان بها نصوص، والآن في بعض الأحيان لا يكون هناك نص بل أسئلة يقوم بكتابتها المعد ويقول لك تفضل بقراءتها.

سابقاً كانت وسائل الإعلام مصدراً للمعلومة أما اليوم ليست بمصدر وهذا لا يقتصر على الإعلام البحريني فقط، فالإعلام لم يطور نفسه لدرجة أن يكون سباقاً، ولا يمكن تصديق كل ما ينشر في وسائل التواصل، كما أن السياسة الإنتاجية تغيرت بين الماضي والحاضر.

وأتمنى أن يتم النظر في مسألة المضمون وأن تكون هناك سياسة إنتاجية تعتمد على البحث والإدراك واستخدام المعلومة بشكل صحيح ، والتحليل ولا تعتمد على سرد قصة من طرف واحد، فالإعلام مؤسسة خطيرة يجب أن تكون راعية وأن تشكل الرأي العام.

حدثنا عن برنامج هذا المساء؟

- هذا المساء جاء بفكرة من وزير الإعلام السابق الأستاذ نبيل الحمر، الذي طلب مني وقال «أبغي برنامج فيه ناس، فيه حضور»، وقدم لنا كل الدعم وبدأنا البرنامج ببعض الموضوعات الجدلية والجادة، وكانت ردود الأفعال تشكل نجاحاً بحد ذاته، وناقش البرنامج عدداً من المواضيع المجتمعية والدينية، وكانت ردود الأفعال تأتي من المسؤولين، وتوفقنا لحل بعض القضايا العالقة أو الإسهام في حلها.

من قدوتك في الحياة وفي المجال الإعلامي؟

- تأثرت بعدد من الأشخاص في مختلف مراحل الحياة، ولكن في مجال الإعلام أعتقد أن الراحل أحمد سليمان هو من أجبرني على اتباع بعض قناعاته الإعلامية والإدارية.

عبارة أو حكمة تسير بها في حياتك؟

- «فكر مرتين قبل أن تتكلم»، فالتكلم من منطلق ردة فعل قد يجرح من هو أمامك أو تؤثر في قراره وتنهي مستقبله، وقرارته مع نفسه، لذلك يجب التفكير مرتين قبل الرد أو الحديث وأنا أحاول أن أتمسك بهذه المبدأ والعمل به في حياتي.

وماذا عن حياة سامي هجرس في البيت؟

- أسكن في بيت جميل مع شريكة حياتي السيدة ملاك وابنتي نورة، وتنورنا والدتي الغالية بسبب وضعها الصحي، أنا شخصية مرتبة جداً في المنزل، وأحب أن أساهم في الطبخ أو سقي الحديقة والزراعة، وأبحث كل يوم عن شيء لأفعله، كما أني أحب القراءة وأستغرق أوقاتاً طويلة في القراءة، كما أحب قيلولة العصر.

نصيحة في مجال الإعلام وكلمة أخيرة؟

- نصيحتي لأصحاب القرار في المؤسسة الإعلامية وإلى الجامعات التي تدرس إعلاماً التي تركز على الجانب النظري أكثر بكثير من الجانب العملي، أعتقد أنه لا يجب أن يطغى الجانب النظري ، ويجب الاهتمام بالجانب العملي بشكل أكبر ومتى وكيف أبني اللقطات، حيث إن الجوانب والعناصر الهامة في العمل التلفزيوني هي «الصورة، الصوت، النص».

وفي الختام أشكر كل من ساندني ووقف معي، على ما حظيت به من اهتمام ودعم، وأتمنى التوفيق لكل العاملين والعاملات في إذاعة وتلفزيون البحرين.