حسن الستري


«مستقبل البلد طيب، وأدعو الشباب إلى الجد والعمل لبناء الوطن»، بهذه العبارة اختزل عضو مجلس الشورى علي الحداد خبرته الواسعة الممتدة أكثر من 50 عاماً في عدة مجالات، وهو يسرد مسيرته في حوار مع «الوطن».

وتطرق الحداد خلال الحوار إلى العديد من المحطات المهمة في حياته، منذ أن نشأ على تربية «دينية» في جدحفص، مروراً بالتحاقه بالعمل في شركة بتلكو فور تخرجه من الثانوية، إلى أن أصبح مديراً للأوقاف الجعفرية ومدرباً وأستاذاً جامعياً ثم عضواً بمجلس الشورى.
وبدا الحداد معتزاً بتلك التربية التي علمته الدفع بالتي هي أحسن للمشاكل التي واجهته، حين كان مسؤولاً عن قطع خدمة الهاتف للمتخلفين عن دفع الفواتير بدلاً من إبلاغ الشرطة، وكيف استطاع أن يحول العدو إلى صديق. وفيما يأتي نص الحوار:

حدثنا عن نشأتك وأسرتك؟

- نشأت في مدينة جدحفص، وكان بيتنا قريباً من الجامع، وفي عام 1972 انتقلنا بعدها إلى منطقة أخرى، والدي هو الحاج أحمد الحداد، وكان يعمل حداداً، وقد ورث المهنة عن أبيه، وكان يقصده المواطنون من جميع أنحاء البحرين، وبعدها عمل والدي في بابكو حداداً ولحاماً، وكان من الشخصيات المرحة في البحرين، وكان له علاقات مع كثير من الشخصيات في البحرين، ومنهم الأمير الراحل صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، وقد نشأت العلاقة بالصدفة، إذ كان الوالد تربطه علاقة مع الحاج أحمد منصور العالي، وكان يلازمه في أسفاره، وفي إحدى المرات التقى مع الأمير الراحل في المصعد، فرأى الأمير أن ملامح والدي عربية، فسلم عليه، فسأله من أين أنت؟، فقال من البحرين، فسأله: من أين من البحرين؟، قال من جدحفص، فسأله ماذا تفعل هنا؟ فقال له جئت مع الحاج أحمد منصور العالي، وقال لوالدي أبلغ الحجي أنني موجود هنا، فليأت لزيارتنا، وبالفعل ذهب والدي مع الحاج أحمد منصور وجلس معه، ومن هنا نشأت، وتوطدت العلاقة مع الأمير الراحل طيب الله ثراه.

كيف كانت تربية الوالد لكم؟

- الوالد كان يحرص على تربيتنا التربية الصالحة، كنا 15 ولداً من زوجتين، وقد نجح في تربيتنا، والوالدة كانت ابنة عم والدي، وابنة خالته، وربتنا تربية دينية.

لننتقل إلى الحديث عن دراستك؟

- درست الابتدائية في البداية في مدرسة جدحفص للبنين، والإعدادية في مدرسة الخميس والثانوية في مدرسة الحورة، كانت مرحلة الدراسة جميلة، وفيها عناء كثير بسبب شح المصادر المتوفرة الآن، إلا أنني وفقت بفضل الوالد الذي كان يشجعنا على الدراسة.

ومتى التحقت بشركة بتلكو؟

- تخرجت في المدرسة عام 1972 والتحقت فوراً بشركة بتلكو، بقسم الحسابات وتدرجت إلى أن أصبحت مدير حسابات الزبائن، وكنت مسؤولاً عن حسابات الدولة والبنوك، وهذا أكسبني علاقات مع المسؤولين الكبار، منهم وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة ووزير الخارجية د. عبداللطيف الزياني ووزير شؤون مجلسي الشورى والنواب السابق عبدالعزيز الفاضل.

ومتى أكملت دراستك؟

- ابتعثتني شركة بتلكو لدورات تدريبية حرفية في معهد البوليتكنك سابقاً، ثم التحقت بجامعة البحرين في الثمانينات لدراسة المحاسبة والإدارة، ثم أرسلتني شركة بتلكو لدراسة «الماستر» في بريطانيا، ودرست الدكتوراه على حسابي في أمريكا بالنظام المتقطع.

وكيف كانت دراستك في الخارج؟

- عانيت ظروفاً صعبة في بريطانيا لأن عائلتي بقيت في البحرين، ولكنني تأقلمت لأنه من أجل الدراسة الإنسان يضحي بكل شي، أما في أمريكا فلم أكن مقيماً، ولكنني واجهت صعوبة السفر إلى أمريكا.

ماذا كانت طبيعة عملك في شركة بتلكو؟

- كنت مسؤولاً عن الفواتير، وعن قطع خدمة الهواتف للمتخلفين عن دفع الفواتير.

هل واجهت مشاكل مع الزبائن؟

- بالتأكيد، في إحدى المرات قطعت فاتورة عن أحد التجار المعروفين، فاتصل وطلبني إلى مكتبه، وحبسني فيه من الصباح إلى الظهر، ولم يكن حينها هواتف نقالة، وهذه من القصص التي نشرتها يومها في إحدى الصحف الأوروبية، بينت له أن القطع كان بأمر من الإدارة، ولكنه كان غاضباً، وبالتفاهم اقتنع وسمح لي بالخروج وفتحت له هواتفه، وبعدها تحول إلى صديق حميم، وكان يحادثني قبل السفر، ويقول لي «تامرني على شي من البلد الذي سأسافر له»، وقصة أخرى مع شخص آخر، قطعت هاتفه، وجاء يسأل عن المسؤول، فأشاروا إلي، ومباشرة مسكني من رقبتي، فقلت له ما تفعله اعتداء على موظف عام، وأخذته إلى المكتب وتصالحت معه.
وفي إحدى المرات جاءني شخص آخر أيضاً، وشهر سلاحاً في وجهي، وقال لي إما أن ترجع الخدمة وإلا سأستخدم السلاح.

ألم تبلغ الشرطة عنهم؟!

- أبداً، كنت أحل المشاكل بالتفاهم، وبالتي هي أحسن، وكانوا يتحولون إلى أصدقاء حميمين.

وكيف صرت مديراً للأوقاف الجعفرية؟

- في عام 2003 رشحني المرحوم الشيخ سليمان المدني لأكون مديراً عاماً للأوقاف، وحمل أوراقي إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، تقاعدت من بتلكو 3 يناير وفي 7 يناير داومت بالأوقاف، كان رئيس مجلس الإدارة وقتها مصطفى القصاب، وعينت معه في ذات اليوم.

من المعلوم أنك اصطدمت مع مجلس الإدارة وقتها، حدثنا عن سبب ذلك؟

- كانت الأوقاف تحتاج إلى إعادة هندسة الإدارة، وكان لديهم فائض من العقارات غير مستثمر وعقارات مستثمرة بمبالغ زهيدة. وكنت خارجاً من بتلكو وهي قمة في الإدارة، واستفدت منهم، أتيت من وسط إداري قوي ولدي أفكار قوية أردت تطبيقها، إلا أنني واجهت عقليات قاومتني، فطبيعة الناس ترفض التغيير الإداري المفاجئ، وهذا سبب لي صداماً مع مجلس الإدارة وأدى إلى عدم استمراري في عملي رغم أنني قدمت لهم خطة عمل ممتازة ولم يتم قبولها، فتركت العمل معهم بعد 7 أشهر.

تم تعييني مرة أخرى مديراً عاماً في عهد السيد حسين العلوي عام 2012، وكنت أول مدير بالأوقاف يتم تعيينه مرتين بفاصل زمني، إدارة العلوي كانت من أفضل الإدارات، قدمت لهم عدة مشاريع، ولكن تم تشكيل جديد لمجلس الإدارة، وأمضيت معهم سنة، ولكن اختلفت مع مجلس الإدارة حتى تم منعي من ممارسة مهامي.

وماذا كنت تفعل منذ عام 2003 إلى 2012؟

- كنت أقوم بالتدريس والتدريب، دربت في مجموعة من المعاهد في البحرين وخارج البحرين، منها مركز التنمية الإدارية- البحرين (MDC)، ومعهد تطوير الأداء البشري- البحرين (HPI، ومعهد جنيتيك -البحرين، GENETECH)، ومعهد العاصمة – البحرين، ومعهد بريدج لحلول التدريب - البحرين، ومعهد القادة في دبي LEADERS، ومعهد العالمية في الرياض، والمعهد الأوروبي في مسقط، والمعهد الأوروبي فى الرياض وجدة، ومعهد القانون الدولي في دبي، كما نفذت مئات الدورات ودربت مئات الأشخاص في البحرين وفي دول العالم وخصوصاً لمجلس الشورى السعودي لمدة خمس سنوات، كما اتجهت لتدريس الإدارة في الجامعة الأهلية لمدة عامين.

خضت تجربة الانتخابات التكميلية في 2011، حدثنا عن هذه المرحلة؟

- كانت تجربة جميلة، ودخلت الانتخابات مستقلاً، ونافست جمعية الرابطة، وكان حضورهم قوياً بالساحة ولديهم إعلام قوي، ونافستهم وبلغت الجولة الثانية، ولكن بسبب حضور الجمعية القوي لم يحالفني الحظ، ومع ذلك فإن علاقتي بهم جيدة.

ما هي المؤلفات التي لديك؟

- لدي مجموعة من المؤلفات، منها مؤلفات باللغة العربية في الجانب الديني، وباللغة الإنجليزية، ولدي عدة مؤلفات، طُبع منها، الاقتصاد البحريني في ظل ميثاق العمل الوطني، وقد أهديته إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء.

وكيف تأسست جمعية جدحفص التعاونية؟

- أنا من مؤسسي جمعية جدحفص التعاونية، بدأنا كمجموعة من الأفراد، نجلس في مجلس علي الشرقي، كنا مع السيد مصطفى القصاب وعبدالله المدني والشيخ سليمان المدني، وخلف أحمد خلف، وفيصل مدن، تبادرت الفكرة وكانت وزارة العمل تشجع آنذاك على إنشاء الجمعيات التعاونية.

الجمعية ازدهرت في أيام إدارة المرحوم مصطفى القصاب، ثم أتت إدارات أقل كفاءة، وأصبحت المنافسة قوية مع الهايبر ماركت، لذلك أصبحت الجمعية في أسوأ وضع، قد تأتي بالمال والاستثمار، ولكن ما لم تدعمه إدارة رصينة، من الصعب الاستمرار كما أنني دخلت عضواً في نادي جدحفص منذ طفولتي في الستينات، وأصبحت عضواً في معهد التنمية الإدارية، وكان يعقد دورات للمؤسسات الحكومية والعسكرية، منها جامعة السلطان قابوس، وقد كنت محاضراً فيها.

وكنت عضو مجلس إدارة معهد الأمل في البحرين، ورئيسا] لانتخابات اللجنة العمالية في شركة بتلكو.

لننتقل إلى المحطة الأخيرة المتمثلة في مجلس الشورى؟

- تجربة مجلس الشورى كانت تجربة رائدة جداً، كنت أحاضر في دورة، وجاءني اتصال من الديوان الملكي أنه وقع الاختيار عليك بتعيينك في مجلس الشورى، لم أطلع أحداً على الخبر حتى أهلي.

مجلس الشورى تجربة رائدة، ويفتح آفاقاً كثيرة جداً، وأنا سعيد جداً كوني عضواً بمجلس الشورى، لعدة أمور أهمها البعد الإداري والسياسي في هذا الجانب.
حدثنا عن أبنائك؟

- لدي ستة أبناء، 3 ذكور و3 إناث، وكلهم جامعيون، بنت محامية ولديها مكتب محاماة، وبنت خريجة أدب إنجليزي، وتدرس في المعاهد البريطانية، وبنت خريجة ولكنها لا تعمل، ابني الأكبر كان موظفاً بوزارة العدل وخرج تقاعداً مبكراً، ويعمل مع أخته في مكتب المحاماة، وابن يعمل في دولة الإمارات، ومتخصص في الشبكات البترولية وابن مهندس في ألبا.

ما هي هواياتك؟

- ركوب الخيل والدراجات النارية.
هل هناك كلمة أخيرة تود قولها؟
مستقبل البلد طيب، وأدعو الشباب إلى الجد والعمل لبناء الوطن.