حسن الستري




رفضنا طلب شركة خليجية بإلغاء اسم «دلمون»

حريق ميناء سلمان فرض علينا تعدد المواقع

جدي إبراهيم العريض أخذني لمجالس الأمير عيسى

المرحوم علي فخرو دعمني كثيراً حين دخلت الغرفة

إبراهيم حميدان طلب مني قراءة الصحف لتقوية لغتي

الأمير خليفة استدعاني عاجلاً لدخول «الشورى»

إعداد مداخلة مسبقة للحديث أسلوب غير ناجح

إعداد مناقشة «الشورى» تأخذ مني وقتاً وأرجع لمراجع


«كانت أيامي كأي طالب بالمدرسة، أحلامي محدودة، ولكنني كنت متميزاً، وشجعني والدي للعمل معه، يتركني أخطئ لأتعلم من خطأي»، بهذه الكلمات اختصر رجل الأعمال رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى خالد المسقطي بداية حياته في حواره مع «الوطن».

المسقطي لم ينكر فضل أحد عليه، بدءاً من والده ووالدته، وجده لأمه الشاعر الكبير إبراهيم العريض، مروراً بالراحلين الكبيرين الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة والأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراهما، إضافة للوجيه البارز المرحوم علي بن يوسف فخرو، ورئيس مجلس الشورى السابق إبراهيم حميدان، وغيرهم مما لا يسعى المجال لذكرهم.

بدا متواضعاً في حديثه، «استفدت منهم، ولا أعتقد أنهم استفادوا مني»، تلك كانت تعليقاته عن الفترة التي قضاها في بداية تأسيس المؤسسة الخيرية الملكية التي تحول اسمها لاحقاً إلى المؤسسة الوطنية للأعمال الإنسانية، كما قدم نصيحته بأسلوب السهل الممتنع لزملائه البرلمانيين وغيرهم بقوله «إعداد مداخلة مسبقة للحديث أسلوب غير ناجح»، و«ليس من سياستي أن تكون لي مداخلة في كل جلسة».

وفيما يلي نص الحوار:

حدثتا عن بداية حياتك؟


ـ أنا من مواليد 1959، وذهبت للدراسة في المدرسة الوسطى التي تقع جنب الكنيسة وتغير اسمها لاحقاً إلى مدرسة الإمام علي، وبقيت فيها من الصف الأول للصف السادس، كأي طالب خلال تلك الفترة، منزلنا كان على شارع القضيبية ونسير إلى مدرستنا، كانت أيام حلوة من ناحية الأمان والجيران، وكنت طالباً متميزاً، وكانت أحلامنا محدودة، وبعدها درست الإعدادية في مدرسة القضيبية والثانوية في مدرسة الحورة.

ذهبت للدراسة الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت، تم قبولي ولكن كنت بحاجة لدراسة اللغة الإنجليزية، ودرست اللغة لمدة سنة وكان ذلك عام 1974، وبعد سنة التقوية للغة الإنجليزية اندلعت الحرب الأهلية في بيروت وتم سحبنا من بيروت، وذهبت إلى أمريكا على نفقة الوالد، وكان ذلك حلم لنا في السبعينات أن نذهب إلى أمريكا.

هل كانت طفولتك بين المدرسة والمنزل، أم كنت تعمل لدى الوالد خلال تلك الفترة؟

ـ أنا كنت بين المدرسة والمنزل، وكان لدي شغف للعمل مع الوالد، كنا 11 شخصاً، ومن كان لديه إنجاز هو من يسافر مع الوالد والوالدة، وكنت أعمل دائماً بالصيف بلا أجر، وهي من أوجدت في حب التجارة، الوالد دفعني لدراسة التجارة، دخلت التجارة عن حب، وكنت أصغر ابنائه، كلنا خريجو جامعات، وهذا كان طموح الوالد، الوالدة تخرجت من الصف السادس، وتم تعيينها كأصغر مدرسة في المدرسة، وكان تريد بناء مستقبل أبنائها بالدراسة، الوالد تخرج من المدرسة وعمل في أرامكو، نما نفسه بالدراسة الإنجليزية، كان لديه جهداً كبيراً لبناء مؤسسة، دخل في أكثر من مجال وختمها بالصناعة، وأنا تخرجت في الهندسة الصناعية.

كيف كانت بداية حياة والدك المهنية؟

ـ الوالد كان لديه تطلع للصناعة، فتح أول مصنع بالمنامة، بدأ بأعواد البيبسي ونجح فيها وبدأ بعملية التصدير للكويت، وتوسع فيها، ثم احتاجت شركة بابكو إلى «ورق الحمام»، وكانت استيراده مكلفة، فاتفق معهم وجاء بماكينة وكانت بابكو تشتري المنتج بأكمله والماكينة لا زالت موجودة، كان يعمل 24 ساعة رغم أن دراسته لم تتعد الابتدائية وبتلك الفترة؛ المحظوظ من أكمل الدراسة الابتدائية، كما إنه تشارك مع آخرين مما أدى لنجاح مشاريعه.

ما الذي أضافه خالد المسقطي لتجارة والده بعد تخرجه؟

ـ عدت إلى البحرين عام 1980، كان لديه «دكان» بالقرب من باب البحرين، وكان مكتباً إدارياً، والمصنع موجود عند مقبرة المنامة، كان لدي شغف بالصناعة والوالد شجعني للدخول بالتجارة، وكان الوالد يجعلني أقوم بأعمال وأخطئ فيها ويساعدني في اتخاذ الإجراء الصحيح، كنت بالصيف أعمل مع الوالد، ولذلك لم أواجه صعوبة عند التخرج لأنه كان لدينا خبرة.

حسين المسقطي بدأ أول منتج بالبحرين ورق الحمام، ثم مناديل الورق في السبعينات وكان هذا المنتج جديداً على الناس، ودخل في تحد ونجح فيه، وشركة خليجية طلبت منه إغلاق شركة دلمون والدخول في منتجهم، لكننا رفضنا لأننا نفخر بها.

ألهذا السر لم تتغير علبة دلمون؟

ـ بالطبع، فهي صناعة بحرينية قديمة، أجريت تطوراً لمواكبة التحديثات في المجال الصناعي، اقترحت على الوالد أن نكون قريبين من المصنع الذي نقلناه إلى ميناء سلمان.

بحكم أنني كنت بأمريكا اطلعت على أمور كثيرة لم تكن موجودة عندنا، وكانت لدي قاعدة أن المنتج الموجود هناك سينتقل لنا، أتيت بأكياس البلاستيك، كان التحدي توفير المواد الخام، وتغلبنا عليه، واستحدثتا قسماً خاصاً لاحتياجات الطيران، من «صواني» وشوك وسكاكين، تحولنا إلى ما يطلبه الشارع، وكانت هذه نقلة نوعية بالصناعة، كنت أزور المعارض وأتيت بالمنتجات، كانت لدينا فزعة للتطوير.

إلى أن حدث حريق عام 1983 في ميناء سلمان، أوقفنا عن العمل 4 شهور وكانت فرصة ذهبية لتطوير أنفسنا، وعرفنا أن المشكلة أن العمل كله في موقع واحد، فأجرينا سياسة التنويع، فتحنا مصانع في سترة والحد، كل موقع لديه نوع من الإنتاج يختلف عن الآخر.

كيف كانت علاقتكم بالوالدة رحمها الله؟

ـ كانت تعمل مدرسة، وكانت من النوع الذي تعطي الجميع اهتماماً ووداً، تلاحظ أبناءها كانت شديدة وحنونة في ذات الوقت.

هل كان لجدك لوالدتك شاعر البحرين الكبير إبراهيم العريض، دور في تنمية علاقاتك؟

ـ كانت علاقته قوية مع الأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، وطلبت منه الذهاب معه لزيارة سموه، ذهبت معه أكثر من مرة، وفي مرة من المرات اعتذر جدي وقال اذهب بمفردك وسلم على الشيخ، وكان سموه يعطي اهتماماً للكل، فسألني عنه، فأخبرته بمرضه، فقال لي: «ما يشوف شر، خلني أشوفك»، فهمت منها خلك على تواصل، جلست قليلاً وخرجت من المجلس للسيارة، فتفاجأت برجال يركضون نحوي: وينك؟!، فقلت لهم: عسى ما شر؟!، فقالوا لي سمو الأمير ينتظرك وأنت جالس بالسيارة، فرجعت له واعتذرت منه وسألني من أين متخرج وماذا تعمل وشجعني على خدمة البحرين، ومن حديثه جاءت فكرة أن أترشح للغرفة التجارية، فاستأذنت الوالد، فشجعني، قابلت وقتها أحمد كانو بالمطار وقال لي مر علي، فزرته وطلبت منه الترشح للانتخابات فشجعني ونجحت في انتخابات الغرفة عام 1993، وجئت بأفكار، ولا أنسى المرحوم علي بن يوسف فخرو، تعلمت منه أموراً كثيرة، طرحت أفكاراً لم يكن وقتها الجماعة بالغرفة مرتاحين لها، لكن المرحوم علي فخرو دعمني دعماً غير متوقع، عملت معرض «صنع في البحرين» للصناعة البحرينية، وفرت التمويل من المصانع المشاركة، لأنه تلك الفترة الغرفة لم يكن لديها مالاً، وكانت تعتمد على الدعم الحكومي، وفي افتتاح المعرض زارنا المرحوم سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، وأعجب بما جرى.

كيف كان دخولك لمجلس الشورى؟

ـ رجعت المنزل من العمل الظهر ورن الهاتف وإذا به علي العريض، وقال لي الأمير خليفة بن سلمان يريد أن يراك، فذهبت مسرعاً وحين دخلت رأيت الوزير محمد المطوع، وقال لي هناك أخبار حلوة، دخلت على المرحوم الأمير خليفة، ولم يكن أحد غيري معاه، فقال لي الآن ودعت الملك حسين بن طلال، ولم أرد تأخير رؤيتك، لقد سمعت عنك كلاماً طيباً، فقد طورت تجارة أبيك، ودخلت الغرفة، لذلك أريدك أن تدخل مجلس الشورى.

بالطبع لم أجد بداً من قبول العرض ولكن بالحقيقة كان وقتها لدي مشكلة، وهو أنني لا أتحدث العربية إلا ومعها كلمات إنجليزية، كان وقتها رئيس المجلس إبراهيم حميدان، ذهبت لزيارته وقلت له إنني نسيت اللغة العربية، وأغلب كلماتي باللغة الإنجليزية، والآن بالمجلس لم يعد ينفع هذا الشيء، فقال لي احرص على قراءة الصحف كل يوم، واستمع إلى إذاعة bbc وستتطور لغتك، جلست فترة بالمجلس مستمعاً، إلى أن تمكنت قليلاً من اللغة العربية.

دخلت في مراحل في مجلس الشورى، وكل فترة كنت أخذها بنظرة تختلف، دخلت اللجنة المالية واستفدت كثيراً من الأخ جمال فخرو، الذي كان يرأس اللجنة وقتها.

ماذا عن فترة إعداد الميثاق؟

ـ في هذه الفترة جرى التحضير لإعداد مشروع الميثاق، واخترت ضمنهم في فترة جداً حساسة، كانت هناك خلطة في اختيار الأشخاص، جئنا بتجمع يمثل مختلف جميع الفئات، نجتمع ونبقى للفجر، وهي فترة استفدت منها كثيراً كبداية كنت آتي محضراً للمداخلة التي أود قولها، واكتشفت لاحقاً أنه أسلوب غير ناجح، الأسلوب الصحيح أن تستمع إلى الكل وتعلق على ما طرح أثناء النقاش، أعطاني نوعاً من التوجه الجديد، استخدمته أثناء لجنة إعداد الميثاق.

وكيف كانت تجربتك مع الحوار؟

ـ فوجئت عام 2011 بأنني سأكون مدير جلسة بالحوار، وقلت لهم إن مجالي اقتصادي، فقالوا لي سيكون محورك اقتصادياً، أعطونا تدريباً وجيئ لنا بخبراء، كنت أترأس جلسة بها 250 شخصاً خرجنا بنتائج، وبالجزء الثاني كنت أحد المتحاورين، اكتسبت خبرة في نواحي مختلفة.

ما الذي أضافته لك عضوية مجلس إدارة نقد البحرين؟

ـ أعطتني نوعاً من الجرأة، وكان رئيس مجلس الإدارة وقتها الأمير خليفة بن سلمان، والأعضاء خالد كانو وعبدالله سيف والشيخ أحمد بن محمد حاكم المصرف وخالد البسام، كنا نجتمع 5 أشخاص، كنا نحس بالصعوبة بالحديث أمام سموه، ولكنه كان يعطينا الأريحية بإلقاء طرفه، وكان يسأل، كنا 3 خوالد، ويسال خالد اشرايك فنجيبه ثلاثتنا.

كنتم النواة للمؤسسة الخيرية الملكية، حدثنا عن بداية هذه المرحلة؟

ـ قالوا لنا إننا نريد تبني ملف الأيتام والأرامل للحصول على حقهم في الحياة، ودخلت للعمل معهم، كان الرئيس الشيخ عدنان القطان والنائب الشيخ عبداللطيف المحمود، كلهم شيوخ دين وأنا الوحيد «الزقرت»، كانوا يسمعون كلامي استفدت منهم ولا أعتقد أنهم استفادوا مني، رتبنا استلامها لمن جاء بعدنا، كنت سعيداً أنني كنت شريكاً في هذا الموقع.

كيف تقضي يومك؟

ـ لا زلت مدمن عمل، آتي إلى المكتب قبل الساعة السادسة صباحا، وقبل الموظفين، لدي التزام بمجلس الشورى يوم الأحد، تعلمت هذه العادة أن أخذ عملي معي للمنزل، عملت مكتباً لدي في المنزل، واحتاج الأبناء غرفة المكتب، وبعدها تعلمت المكتب مكتب والبيت بيت، ومن حسنات الجائحة أن أبنائي الذين ذهبوا للدراسة بالخارج عادوا للدراسة عن بعد، وهي فترة لم يكن هناك تجمع وزيارات، فكنا نأكل مع بعض.

ما هي هواياتك؟

ـ أحب القراءة، 80% من قراءتي بالإنجليزي، لأن المعلومات يسهل الوصول لها، كما إن الإعداد للمناقشة بالشورى تأخذ مني وقتاً كثيراً وأرجع لمراجع، فليس من سياستي أن تكون لي مداخلة في كل جلسة، لا أتكلم إلا إذا شعرت أن ما سأتكلم به إضافة وليس تكراراً، كما أنني أحب السفر العائلي.