تستخدم البنوك عمليات زيادة رأس المال لتعزيز قدراتها على تمويل الأنشطة الاقتصادية وتحسين مؤشرات كفاية رأس المال والقدرة على تحمّل المزيد من المخاطر الائتمانية، وهو ما يرفع من قيمة أسهم البنك في الأسواق التي ينشط فيها سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

وعادة ما تقوم البنوك بزيادة رأس المال بتحويل جزء من الاحتياطيات أو الأرباح المحتجزة إلى رأس مال مدفوع، وهذه الطريقة لا تغيّر قيمة البنك، ولكن تزيد نسبة رأس المال إلى الديون، أو تستخدم البنوك أدوات بيع أسهم جديدة لكنها أيضاً تخفض من قيمة الأسهم القديمة وحصّة كل مساهم في الملكية، وقد تلجأ البنوك إلى الزيادة العينية عن طريق بيع أصول أو حقوق أو خدمات، ومن عيوب هذه الأداة التقييم غير العادل لتلك الأصول.

وهنا ربما يكون الأمر محل جدل وبحث بالنسبة للبنوك التجارية وتنافسيتها في السوق، لكن الخبر الذي جعلني أتطرق لهذه القضية، هو إعلان سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عن زيادة رأسمال بنك الإسكان من 108 ملايين دينار إلى 250 مليون دينار، وبنسبة زيادة تبلغ أكثر من 131%، وهو ما يعد مستوى غير مسبوق للبنك الحكومي الداعم لخطط وبرامج الإسكان في المملكة.

هذه الزيادة لم تكن نظيرة للأدوات المذكورة سابقاً، فما يميزها هو دخول هذه الزيادة كأموال حقيقية في محفظة البنك دون الاستعانة بإصدار أسهم أو بيع أصول وغيرها من الأدوات، وهو ما يفتح الأبواب لانتعاشة اقتصادية حقيقية في عدة مجالات.

فعلى صعيد خطط الإسكان فمن المؤكد سيكون القرار سبباً في تسريع وتيرة الطلبات القديمة واستيعاب أكبر عدد منها في فترة زمنية وجيزة خاصة وأننا نتحدث عن زيادة في محفظة القروض لدى بنك الإسكان تبلغ حوالي 30% من رأسماله.

وعلى صعيد النشاط المصرفي التجاري فمما لا شك فيه أن تشهد الفترة القادمة نشاطاً مكثفاً من البنوك التجارية لتقديم قروض موازية لعمليات الإسكان التي ستتضاعف بسبب هذا القرار، وهو ما يضاعف أيضاً أرباح البنوك التجارية، هذا فضلاً عن القفزة التي ستحدث في القطاع العقاري والإنشاءات بسبب هذا القرار وما يمكن أن يحدثه ذلك في سوق المملكة من حركة اقتصادية كبيرة، ستخلق معها فرص عمل ومؤسسات ريادية تنشط في المجالات اللصيقة بالإنشاءات والديكور والأثاث وغيرها.

وسنرى خلال فترة وجيزة نشاطاً ينعكس أيضاً على متاجر ومصانع وخدمات كثيرة يمكن أن تلتقط لها حصة من كعكة زيادة رأسمال بنك الإسكان وما ينتج عنها من ثمار كثيرة ومتنوعة.

لذلك أجد في هذا القرار المتجاوز لحدود الإبداع، استكمالاً لما تحدثت عنه في المقال قبل السابق، بأن القيادة إبداع له أبعاد، وصدق حدسي بهذه المقولة، من قرار سمو ولي العهد رئيس الوزراء الذي يواصل الإبداع ذا الأبعاد المتجاوزة لحدوده.