ازدادت الإعلانات التي تنشرها الجامعات الخاصة في مملكة البحرين، للترويج لبرامجهم الأكاديمية المطروحة للقبول والتسجيل، والتي للأسف أكثر من نصفها لا يمثل ما يحتاجه سوق العمل، ولا حتى المهارات المستقبلية التي يتطلب وجودها لدى الخريج ليلتحق بركب العلم.

هذا التساؤل قادني إلى إحدى الشخصيات المرموقة في التعليم، لأجري حديثاً مطولاً معه عن أسباب عدم تجديد البرامج الأكاديمية، ولولا أنني وعدته بعدم ذكر اسمه، لكنت قد أجريت معه حواراً مطولاً في الصحيفة عن هذا الأمر.

ما ذكره أولاً، أن بعض الجامعات الخاصة بحسب علمه، تعاني من عدم وجود عدد كاف من الطلبة للتسجيل، وأنهم لم يصلوا إلى أهدافهم المحددة، ولذا فإن هذه الجامعات مهددة بتسريح بعض من أكاديمييها وعمالتها، لموازنة المصروفات مع المداخيل.

ما قاله ثانياً، كان عن عدم استطاعة العديد من الجامعات طرح برامج أكاديمية متخصصة يتطلبها سوق العمل، وقد ذكر عدة مشاكل أبرزها، هو صعوبة الحصول على الموافقات الرسمية، والتي تتطلب وقتاً وجهداً ربما لا تستطيع الجامعة بنفسها توفيره، أو حتى العمل عليه، في ظل وجود نقص في الكادر التعليمي، ومتطلبات ورقية كثيرة على عضو الهيئة الأكاديمية أن يقدمها من أجل برامج الجودة.

الأمر الثالث، والذي من وجهة نظري هو الأهم حتى الآن، هو ضعف الموازنات لدى الجامعات الخاصة، فمثلاً تخصصات مثل الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، التخصصات البيئية الحديثة، وغيرها العشرات من التخصصات الجديدة، تكلف الجامعة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف البرامج الاعتيادية، كالحقوق على سبيل المثال لا الحصر.

هذا العائق هو الأصعب حتى الآن، فعدد قليل من الطلبة الذين سيدفعون 400 – 500 دينار مقابل الساعة الأكاديمية الواحدة، حيث ستكلف الدراسة حينها للتخرج من برنامج البكالوريوس وحده ما بين 40 ألفاً – 60 ألف دينار للحصول على شهادة بتخصص مهم، في حين تكلفهم الشهادة في تخصصات أخرى حوالي 12 ألف دينار أو حتى أقل من ذلك بكثير مع التخفيضات التي طرحتها الجامعات.

أما عن أسباب ارتفاع تكاليف الشهادات ذات التخصصات المهمة، فأولها هو ارتفاع أجور الأكاديميين في العالم الذين يقومون على تدريسها، والأمر الآخر، يتعلق بتوفير معدات وأدوات وبرامج وغيرها للطلبة، تكلف الكثير من الأموال، وبكل تأكيد فإن الجامعات هدفها الحصول على ربح حتى وإن كان قليلاً، ولن تدفع من «جيبها» مقابل طرح تخصصات جديدة قد لا يستطيع السوق دفع تكاليفها.

الأمر الرابع والذي عمل مجلس التعليم العالي والجامعات على حله، هو الحصول على الاعتراف من دول مجلس التعاون، وربما نقول إن هذه الأزمة قد انتهت بالفعل.

البروفيسور الذي نقلت كلامه أعلاه، أكد أن هذه العوائق جميعها يمكن حلها بعدة خطوات، أبرزها، دعم تمكين لبرامج وتخصصات حديثة في الجامعات البحرينية الخاصة، على أن تكون هذه التخصصات مطلوبة لسوق العمل فعلياً، ووفق أعلى المعايير، وبالتالي سيكون من السهولة طرح هذه البرامج بشتى الطرق.

كما أن ابتعاث طلبة بحرينيين للدراسة في الجامعات الخاصة، والتي تطرح تخصصات جديدة، سيعطي المزيد من الميزانيات لها، والمزيد من المصداقية لبرامجها، وهو أمر مطلوب جداً، وبقوة.

بعدها يبدأ عمل وطني مشترك من كافة الجهات، للترويج لهذه البرامج خارج مملكة البحرين، مقابل وجود أسماء كبيرة في أعضاء الهيئات الأكاديمية، وطرق تعليم حديثة وغيرها، وحينها سيكون الاستثمار مجدياً، والبرامج مستقطبة للطلبة، والبحرين تصبح وجهة تعليمية متميزة في المنطقة.