سبحان الله.. لم نعد نستوعب إطلاقاً سرعة انقضاء الأوقات والأيام والأعمار..كأنها اللحظة الوليدة التي تكرر أحداثها ولم تعد تدرك كيف انقضت تلك المواقف سريعاً، وكيف رحل من رحل من حياتها!! عندما نستشعر قيمة «الوقت» ونستشعر انقضاء الأعمار، فإننا نظل نتأمل في حياتنا في كل لحظة، ونراجع حساباتنا، ونمني النفس بإنجازات لم نعشها بعد، فقد كانت بالأمس أحلاماً وظلت كذلك تتوارى وراء ظلام النسيان بالتسويف وهدر الأوقات في المتاهات المُهلكة. صور تتكرر في رحيل الناس..واحدة تلو أخرى فتتأمل حالك ومآلك وتقول في نفسك.. من يا ترى سيكون القادم؟ ومتى يا ترى سيكون الرحيل؟ «لكل أجل كتاب». وورد في تفسيرها: «لكل أجل قدّره الله، ولكل أمر قضاه، كتاب أثبت فيه، ووقت معلوم يقع فيه، لا يتقدم عليه ولا يتأخر، فلا تكون آية إلا بأجل قد قضاه الله تعالى في كتاب». هكذا هي الآجال لا تمهلك كثيراً، ولا تعطيك فرصة لتحقيق تلك الآمال المعلّقة وأعمال الخير المؤجلة، والمشروعات التي كنت تمني النفس أن ترى النور، ولكنك ترددت ولبست ثوب التسويف والخوف من التنفيذ، سواء خوفاً من الفشل، أو خوفاً من أن لا تكون كما تحب. وهذه هي الطامة الكبرى التي تزلزل مشاعر الناس وتفرض عليهم أن يعيشوا بلا أهداف مرجوة، فلا مكان في حياتهم حينها «للأثر الجميل».

يأتيك شعور أحياناً «بالكسل»، فتغدو لعملك ولمناشط حياتك «بلا مزاج» والأمر يرجع لكونك استسلمت لتلك المناكفات والخيالات المزعجة، ولتلك المصادمات النفسية مع من وقف حجر عثرة في طريقك، حينها تدرك أنك قد أهدرت وقتاً ثميناً لا يعوّض، كنت فيها ضعيفاً وهوجمت بأسلوب رخيص من نفوس مريضة لم تتشافى أبداً من مزعجات أسلوبها التافه ولا من ذاتها السلبية. كل ذلك يأتي «بلحظات» سريعة فلا تجعلها تسلب منك «السعادة» ومكامن الأثر الجميل الذي يجب أن تصنعه. حينها ردد صباحاً ومساءً: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل». وانفض عنك غبار الكسل، واسع إلى غاياتك الجميلة التي ما زالت مرسومة على جدران قلبك الطيب الأصيل الذي يحب الخير ويحب أن يكون ومضة أمل وإشراقة حياة وأثر جميل وتغيير إيجابي وإحسان إلى كل الحياة، فكل الحياة تتفاعل معك لتكون معها الإنسان الذي يزهو بالخير وبالمحبة والعطاء وصناعة أجمل الأثر.

أنت اليوم تسعى لتكون العنصر الذي يمكن الخير في حياة الآخرين، فكن أثراً وقدوة وتمكيناً في نفسك أولاً، وكن العجلة التي لا تدور ولا تتوقف، والقطار الذي يسير في محطات مشاعر الآخرين ولا يحب أن يتوقف طويلاً في أي محطة، سوى أن يتزود منها ما يعينه على المسير.

كن أنت الذي نعرفه بخبراتك وعطائك الطويل، تستعين بالمولى الكريم وتسأله العون في مسيرك في العطاء، فتعطي وتنشر الخير وتترك الأثر، ولا ترضى أن تكون مجرد فرد يعيش بلا مشاعر ولا يستشعر معاني الحياة ومعاني اللحظات. عش لحظتك بعطاء، ولا تمر عليك دقيقة دون أن تكون فيها مُنتجاً للخير، منتجاً للأثر الجميل، مُنتجاً بكلماتك التي تحب أن تترك الأثر الجميل، مُنتجاً بمحطتك الإنسانية العالمية التي تطمح من خلالها أن يكون «التميز» عنوانها. لا ترضى أن تكون سطوراً في حكاية مبتذلة، ولا عنواناً في كتاب سوداوي، ولا تجلس فوق ذلك الكرسي الإداري المتهالك الذي اعتاد أصحابه أن يتفننون في إضاعة أوقاتهم ولا يصنعون من اللحظة إنجازاً ومبادرة تشهد لها أجيال الحياة، ويصفق لها الآخرين. كن أنت الذي نعرفه عنواناً للمحبة والعطاء تعطي في كل سنوات عمرك، فليس للعمر مكاناً في صناعة الأثر، بل العكس كلما تقدمت كلما ازددت خبرة وحكمة وعطاءً وأثراً، فأنت تكتب تاريخك من أجل أن تتعلم الأجيال كيف تستطيع أن تعيش بلا أمراض للقلوب والنفوس، وكيف تستطيع أن تكتب اسماً خالداً في الأثر في حياة زائلة، والأجمل هناك في مساحات الفردوس الأعلى تتغنى بحكاياتك الدنيوية الصادقة التي أوصلتك إلى الجنان.

ومضة أمل

حكاية تعيشها بمشاعرك لتكون «الغيث المنهمر» في طاقة الكون الجميلة.