تتميز سياسة مملكة البحرين بالرؤية الملكية السامية المتمثلة في عدم الانحياز أو التدخل في شؤون أي دولة أخرى، ومدّ يد الصداقة والتعاون مع كل من الشرق والغرب دون أدنى تفرقة، والموازنة في المواقف الدولية بناء على لمّ الشمل العالمي ونبذ الفرقة والدعوة للسلام والتعايش، وفي مقدّمة كل ذلك مصلحة الوطن والمواطن.فعلى الرغم من كون البحرين ليست عضواً فيها إلا أنها حرصت ومن خلال تمثيل «سياسي» على حضور قمة بريكس الأخيرة والتي عُقدت في مدينة قازان بجمهورية تتارستان بحضور الرئيس الروسي بوتين، وأرى في هذا التمثيل البحريني ما عبّرت عنه تقارير أجنبية بأن القمّة «اقتصادية الأهداف» ظهرت وكأنها قمّة سياسية، حيث قرأت البحرين الدعوة وترجمتها في سياقها الحقيقي، فكان الحضور لوزير الخارجية.وعلى الصعيد الاقتصادي، فلا ننكر أن مجموعة دول بريكس تتوسع يوماً بعد آخر، إذ بدأت بالدول التي عبّرت عن حروفها الخمسة وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، لتضمّ اليوم الإمارات العربية المتحدة ومصر وإثيوبيا وإيران، وهناك مؤشرات على قرب انضمام المملكة العربية السعودية، إلا أن البحرين تحاول إعمال سياسة التوازن إلى أقصى حد.اليوم نرى تجمّع بريكس يمثّل نسبة 45% من إجمالي سُكان العالم، وبمجموع اقتصادات يتجاوز 28.5 تريليون دولار والذي يقارب ثلث إجمالي الاقتصاد العالمي، لكن الدّرب طويل أمام تحقيق حلم العملة الموحدة بين هذه الدول، ويحتاج إلى مزيد من العمل «السياسي» قبل الاقتصادي لفك اشتباك الاتجاهات، وتضارب المصالح بين دول «البريكس» أنفسهم مثل «الصين – الهند» «إيران – الخليج» «مصر – إثيوبيا».فلا يتحقق النمو الاقتصادي إلا عبوراً من طريق السياسة، ولذلك بعثت البحرين وزير الخارجية الدكتور عبداللطيف الزياني ليؤكد ذلك في الكلمة، ويطلق تحذيرات من احتمالية التدهور الاقتصادي لدول بسبب كثرة الصراعات، ويؤكد أن السلام ليس مجرد ضرورة إقليمية بل هو أمر حيوي، وقد يفقد الغرب الكثير بسبب الأحداث الدامية التي يشارك فيها اليوم.هذه الحرب المستعرة في منطقتنا والتي تتوسع بصورة شبه سرطانية قد تساهم في الدفع نحو عملة «بريكس» بصورة أسرع مما يتخيله منشئو المجموعة، أو حتى الراغبون في الانضمام إليها، وكلما اشتعلت المنطقة سيزداد العداء الشعبي للدول الداعمة لهذه الجرائم التي تُرتكب ليل نهار، ويوماً ما سيكتشف الغرب أنهم خسروا وربحت البريكس.التحولات الاقتصادية والتي عادة ما تكون مرتبطة بأحداث سياسية، قد تنقلب فجأة ودون سابق إنذار، ولذلك حضرت البحرين إلى «بريكس» لتحذّر الغافلين من تداعيات انغماسهم في جرائم ضد الإنسانية والتي لن تمر مرور الكرام، ولن يكون العالم مثلما كان قبل تلك الحرب الشنيعة التي كشفت وجوهاً وغيّرت فكر الناس، فليستمع الجميع لحكمة البحرين.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90