يؤكد أطباء النساء والتوليد والعقم أن الحمل ليس مرضاً كما يعتقد البعض ولكنه وظيفة فسيولوجية مهيأ لها جسم المرأة، ولكنه يلقي بأعباء ثقيلة على أجهزة الجسم المختلفة، لذلك يضع الأطباء شروطاً لصيام الحامل للمحافظة على صحتها وصحة الجنين. ويقول الأطباء إن أجهزة جسم المرأة الحامل تتأثر بشكل كبير، فمثلاً الجهاز الدوري والقلب يزداد نشاطهما حتى يتمكنا من ضخ الدم اللازم لنمو الجنين والمشيمة، وكذلك الحال في الجهاز التنفسي الذي يواصل عمله من أجل إدخال الأوكسجين والهواء النقي للأم والجنين معاً، ويتأثر أيضاً الجهاز البولي للحامل حيث يضغط الجنين على المثانة لثقله كلما كبر حجمه فتشعر الحامل برغبة كثيرة في التبول أما العمود الفقري وهو جزء أساسي في الجهاز العظمي فهو الأكثر تأثراً مع زيادة شهور الحمل الأخيرة “السابع والثامن والتاسع”، بحيث تشعر الأم الحامل ببعض آلام العمود الفقري في تلك الشهور الأخيرة من حملها، لذلك فالحامل التي لا تشكو مع الحمل من مرض معين كأي من الأمراض المزمنة (سكري – كلى – ضغط – كبد)، يمكنها أن تتحمل أعباء الحمل والصيام دون حدوث أي مخاطر أو مضاعفات سواء بالنسبة للأم أو الجنين. 3 فترات للحمل يقسم الأطباء فترات الحمل إلى 3 فترات، الأولى وهي تشمل الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، والتي غالباً ودائماً ما تتسم بالرغبة في القيء مع صعوبة في التنفس وعدم الرغبة في تناول الطعام وعادة ما ينقص فيها وزن الحامل. ويؤكد استشاريو أمراض النساء والتوليد والعقم أنه إذا كانت الأعراض متوازنة وليست بالمرضية في الفترة الأولى من الحمل بمعنى أن القيء ليس أكثر من 3 مرات يومياً، فعنذئذ يمكن للحامل أن تصوم وتأخذ العلاج المناسب لها بعد تناول الإفطار ومع السحور وإذا شعرت الحامل في فترة الشهور الوسطى من الحمل، “أي من الشهر الرابع إلى السادس” بالتعب بعد تناول الطعام وعسر الهضم والحموضة وهي أعراض تعتبر طبيعية ومتوقعة في هذه الفترة من الحمل والتي تعتبر الفترة الثانية منه فيمكنها أيضاً استكمال الصيام طالما الأعراض مكتملة وبسيطة، أما الفترة الثالثة والأخيرة فتبدأ من الشهر السابع وحتى الولادة، والتي تتسم بصعوبة الحركة، وزيادة الحموضة، وآلام بالمعدة وقد تزداد أعراض تورم القدمين مع آلام الظهر وهي أيضاً أعراض طبيعية ومعروفة بالنسبة لهذه المرحلة من الحمل، ولا خوف منها، فإذا كانت مثل هذه الأعراض متوازنة فيمكن للحامل أن تصوم دون مشكلات. إفطار الحامل وبشأن الحالات التي يطلب فيها الطبيب المختص من الأم الحامل عدم الصيام، يرى الأطباء أنه إذا كان هناك شكوى من عدة أمراض مصاحبة للحمل، ولهذه الأمراض تأثير مباشر على صحة وسلامة الأم والجنين وهناك علاج لابد من تناوله في أوقات محددة طوال اليوم ولا يمكن تأجيله أو تأخيره حتى الإفطار، فهنا يجب إفطار الحامل، ومن أهم هذه الأمراض التي تمنع صيام الحامل الإصابة بأنيميا الحمل والتي تحدث كنتيجة للحمل نفسه، بحيث تكون هناك دورة دموية جديدة للجنين عن طريق المشيمة وكذلك تكوين الجنين نفسه، بحيث لا تستطيع خلايا الجهاز الذي يضخ الجسم في نخاع العظام والكبد والطحال من الوفاء بالمتطلبات والأنسجة، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف نسبة المادة الملونة في الدم وبالتالي يؤدي إلى أنيميا الحمل وذلك بعد استنفاذ الحديد المخزون ويضاعف ذلك القيء وفقدان الشهية للطعام في الشهور الأولى للحمل “بين الأول والثالث”، ويصبح علاج الأنيميا ضرورياً لاستمرار الحمل وسلامته، فإذا أمكن علاج ذلك بعد الإفطار وحتى السحور دون إصابة الحامل بالضعف أو الهبوط أمكن لها الصيام. أما الحامل المصابة بأمراض الأوعية الدموية فمن المعروف أن الحمل يؤثر على هذه الأوعية فيحدث ارتخاء بعضلات جدار الشرايين والأوردة، وبذلك يتسرب الدم إلى أوعية الأطراف، ويقل ضغط الدم في أوعية الدم الرئيسة، كما إن الحامل تعاني أثناء فترة حملها من الانخفاض في ضغط الدم بسبب الهبوط العام والصداع، وإذا كان العلاج ضرورياً أثناء النهار ولا تستطيع معه الصوم يمكن لها أن تفطر ثم تعوض ما أفطرته من أيام فيما بعد رمضان. أما بشأن الحامل المصابة بارتفاع ضغط الدم، وهو خطر على صحتها والجنين معاً، ويحدث عادة في الشهور الأخيرة ويكون مفاجئاً في حال تسمم الحمل، والذي يصاحبه تورم في الساقين، مع وجود زلال بنسبة عالية في البول وبقاء ضغط الدم مرتفعاً يزيد من احتمال حدوث تسمم الحمل بنسبة 30% في المرات الأخرى المقبلة من الحمل، ولذلك تتعرض الحامل لعدة مخاطر في هذه الحالة منها هبوط القلب والتهاب الكلى، وإذا تمكن الطبيب من علاج ضغط الدم المرتفع بعد الإفطار وحتى وجبة السحور يمكن للسيدة الحامل الصيام في اليوم التالي وإذا استدعت الحالة ضرورة أخذ العلاج بمواقيت ثابتة ومحددة بانتظام وأثناء النهار يصبح للحامل أن تفطر لأن مرض ارتفاع ضغط الدم من الأمراض التي تحدث للسيدة لأول مرة في حياتها بسبب الحمل وتأثيره. سكري الحمل وإذا كانت الحامل تعاني من أمراض السكري، فيؤكد الأطباء أن المواد السكرية والنشوية في الغذاء هي التي تمد الجسم بالطاقة للحركة ويلزم لإتمام ذلك هبوط هرمون الأنسولين في البنكرياس، ففي أثناء الحمل تفرز المشيمة عدة هرمونات لها تأثير معاكس على عمل هرمون الأنسولين بمعنى أنها تقلل من فاعلية الأنسولين في عملية احتراق السكري في الجسم الأمر الذي يسبب زيادة نسبة السكري في الدم، لذلك يمكن أن تظهر أعراض مرض السكري ابتداء من الحمل الأول لولا قدرة غدة البنكرياس على إفراز مزيد من هرمون الأنسولين من خلال خلاياه الاحتياطية لمواجهة ظروف الحمل ومعادلة هرموناته التي تقلل من مفعول الأنسولين، لذلك فالحامل المريضة بالسكري يجب التعامل معها بحرص شديد، ومن الأفضل أن تفطر على أن تعوض الأيام التي أفطرت فيها بعد رمضان وبعد إتمام عملية الولادة حيث يمكن أن تختفي أعراض مرض السكري والذي قد يصاحب الحمل فقط. القيء المرضي أما بشأن الحامل التي تعاني من القيء المرضي، فهناك فارق بينه وبين القيء الطبيعي الذي تعاني منه الحامل في الشهور الأولى فهو شعور بالقيء مع دوار بسيط وإذا زاد عدد المرات التي يحدث فيها القيء يومياً يصبح جرس إنذار على صحة وسلامة الأم الحامل ويتعبها ويكون حالة مرضية تستدعي العلاج، وقد تزداد الحالة سوءاً في بعض الأحيان بحيث تفشل جميع العلاجات المؤقتة والمسكنة، مما يتطلب استعمال الأدوية بالحقن والمحاليل وهنا يصعب الصيام، وعادة ما يحدث القيء في الصباح عند نهوض الحامل من النوم، وقبل أن تتناول أي شيء، وقد يلازمها طوال النهار، مما يحول دون تغذيتها عن طريق الفم، ويظهر مع القيء، إحساس بالحرقة المزعجة، خلف القفص الصدري وفوق المعدة، كما تحدث تقلبات خاصة في الشهية، هنا عليها عدم الصوم. أما عن الحامل التي تعاني من التهاب الكلى، فمن المعروف أن أهم ما يجب العناية به أثناء الحمل، الكلى، حيث يكون حجم الحامل ضعف حجمه الطبيعي، نتيجة لضغط الرحم، وعادة ما تشكو الحامل من آلام بالجانبين، مع اضطرابات في التبول، ولابد من الرعاية والاهتمام بهذا الأمر وعدم إهمال التحاليل الطبية للوقوف على حقيقة الوضع الصحي لهذه المنطقة. حمل التوأم كذلك الأمر بالنسبة للسيدات اللائي يكتشفن أنهن يحملن في توأم، حيث إنهن معرضات دائماً للإصابة بارتفاع ضغط الدم، ولذلك يجب عليهن عدم المغامرة بالصيام، والامتناع عنه تماماً مثل السيدات اللائي يتعرضن للإجهاض المتكرر لأنهن في احتياج دائم لتناول أدوية مثبطة لعضلة الرحم، وعلى فترات متقاربة طوال 24 ساعة لمنع حدوث الانقباضات الرحمية المبكرة، والتي تؤدي إلى تناول طفل مبتسر أي ناقص النمو، والذي غالباً ما يتعرض لمضاعفات صحية خطيرة.