كركوك - (وكالات): شهد العراق أمس موجة من العنف الدامي بين قواته العسكرية ومتظاهرين مناهضين لرئيس الوزراء نوري المالكي قتل فيها 53 شخصاً بينهم 13 عسكرياً وتسببت في استقالة وزيرين من الحكومة المترنحة أصلاً بفعل الأزمات المتراكمة.
وأعمال العنف أمس هي الأكثر دموية بين قوات الأمن والمتظاهرين منذ بدء حركة التظاهر المعارضة لنوري المالكي نهاية ديسمبر الماضي احتجاجاً على تفرده بالحكم وتهميشه السنة، بحسب ما يقول خصومه السياسيون. واندلعت أولى الاشتباكات فجر أمس حين اقتحمت قوات من الجيش ساحة اعتصام لمتظاهرين في الحويجة غرب كركوك، ما أدى إلى مقتل 25 متظاهراً وجنديين اثنين وإصابة نحو 70 شخصاً، وفقاً لمصادر عسكرية.
وجاءت عملية الاقتحام بعد انتهاء مهلة حددتها وزارة الدفاع للمتظاهرين لتسليم المسؤولين عن مقتل جندي الجمعة الماضي عند حاجز قريب من ساحة الاعتصام.
وقال ضابط برتبة عميد في الفرقة 12 في الجيش العراقي المنتشرة إلى الغرب من كركوك شمال بغداد أن «العملية التي نفذتها قواتنا استهدفت جيش الطريقة النقشبندية» وهي جماعة مسلحة.
لكنه قال إن «قواتنا لم تطلق النار صوب المتظاهرين حتى قيامهم هم بذلك فردت بدورها للدفاع عن نفسها».
وأشار إلى «عثور قوات الأمن على 34 بندقية كلاشنيكوف و4 أخرى من طراز «بي كيه سي» إضافة إلى نماذج وثائق للانتماء إلى جيش النقشبندية» التي تدين بالولاء الى الرجل الثاني في نظام صدام حسين الهارب عزة الدوري.
وأعلنت وزارة الدفاع أن قواتها ولدى اقتحامها الساحة «جوبهت بنيران كثيفة من مختلف الأسلحة وأدى الاشتباك إلى استشهاد عدد من أفراد قواتنا المسلحة وقتل عدد من المسلحين من عناصر القاعدة والبعثيين».
غير أن المنسق العام لمعتصمي الحويجة عبد الملك الجبوري قال «لا نملك في الساحة إلا 4 أسلحة رشاشة لحمايتها ولا يوجد أي مطلوب للقوات الحكومية بيننا».
ولفت إلى أن «القوات التي اقتحمت المكان أحرقت الخيام وأطلقت النار بشكل عشوائي» على المتظاهرين الذين غادروا ساحة الاعتصام إثر الاشتباكات.
وأشعلت عملية اقتحام الاعتصام الذي كان يضم المئات من المتظاهرين، شرارة هجمات انتقامية في أنحاء عدة من العراق.
وقتل 13 مسلحا خلال هجومين ضد مواقع عسكرية شنوها انتقاما للمتظاهرين، حيث قتل 6 منهم في ناحية الرشاد جنوب كركوك و7 في ناحية الرياض غرب كركوك، وفقا لمصادر عسكرية.
وذكر الجبوري أن المهاجمين «هم من الثائرين بوجه سياسة الحكومة» وكانوا «يحاولون الانتقام». وفي وقت لاحق، قتل 6 جنود عراقيين على أيدي متظاهرين مسلحين قرب مركز اعتصام في الأنبار.
وقال الملازم أول في الشرطة إبراهيم فرج إن «6 جنود قتلوا واسر سابع من قبل متظاهرين مسلحين ملثمين هاجموا مدرعتين للجيش قرب مركز الاعتصام القريب من الرمادي» غرب بغداد.
وذكر المصدر أن «الجندي الأسير محتجز في داخل ساحة الاعتصام» التي تضم آلاف الأشخاص وتقام منذ نهاية ديسمبر الماضي على طريق رئيسي بين بغداد والرمادي.
وفي حادث آخر، قتل 6 أشخاص هم نقيب في الجيش و4 جنود ومسلح في هجوم منسق استهدف عدة نقاط تفتيش للجيش في منطقة سليمان بيك في صلاح الدين، وفقاً لعضو المجلس البلدي أحمد عزيز.
وانسحبت التوترات على الأرض إلى جسم الحكومة، حيث أعلن وزيرا التربية محمد علي تميم المتحدر من الحويجة ووزير العلوم والتكنولوجيا عبد الكريم السامرائي استقالتهما احتجاجاً على مقتل المتظاهرين.
وأعلنت قناة «العراقية» أن نوري المالكي «رفض استقالة وزير التربية».
وجاءت استقالة الوزيرين السنيين بعد استقالة وزيرين سنيين آخرين هما وزير المالية رافع العيساوي والزراعة عز الدين الدولة في مارس الماضي احتجاجاً أيضاً على ما اعتبروه قمعاً للتظاهرات المناهضة للمالكي، الشخصية الشيعية النافذة الذي تحكم البلاد منذ 2006.
وأدان رئيس مجلس محافظة كركوك حسن تروهان «قيام قوات حكومية باقتحام ساحة الاعتصام واستخدام القوة المفرطة».
وتابع «نحن كمجلس محافظة كنا حذرنا ودعونا إلى التهدئة، وما جرى اليوم يجعلنا نطالب الأمم المتحدة بالتدخل لأن الوضع خطير بالنظر لخصوصية كركوك» الغنية بالنفط والتي تضم خليطاً من القوميات.
واستنكرت من جهتها السفارة الأمريكية في بغداد أحداث الحويجة، معتبرة أن التوترات الأخيرة في العراق «سياسية وطائفية»، ومشيرة إلى أن مسؤولين أمريكيين يتواصلون مع قادة العراق بهدف الساعدة على نزع فتيل هذه التوترات.
ولم تكن مواجهات الأمس الأولى بين القوات الأمنية والمتظاهرين المناهضين للمالكي، إذ وقعت في الأشهر الأربعة الماضية اشتباكات في عدة مناطق بين الجانبين، بينها الفلوجة غرب بغداد، حيث قتل 8 متظاهرين، والموصل شمال بغداد حيث قتل متظاهر.
من ناحية أخرى، قتل 13 شخصاً وأصيب 39 في هجومين استهدفا مسجدين سنيين في العراق.
وقال ضابط في الشرطة إن «9 أشخاص قتلوا وأصيب 25 إثر سقوط قذائف هاون في باحة مسجد «محمد رسول الله» السني في المقدادية شمال شرق بعقوبة شمال شرق بغداد.
كما أعلن مصدر في وزارة الداخلية أن «4 أشخاص قتلوا وأصيب 14 جراء انفجار عبوتين» قرب مسجد «الأرقم بن الأرقم» جنوب غرب بغداد.