تبادل المرشحون في الانتخابات الرئاسة الإيرانية الاتهامات بشأن السياسة الخارجية للبلاد والحريات العامة، في آخر مناظرة تلفزيونية بينهما أمس الأول. وقال المرشح المحافظ الأوفر حظاً سعيد جليلي إن منافسه «المعتدل» حسن روحاني أضر بالبلاد لخضوعه للقوى الغربية.
وستكون الانتخابات المقرر إجراؤها في 14 يونيو الجاري منذ إعادة انتخاب الرئيس الحالي احمدي نجاد في 2009 التي أعقبتها احتجاجات واسعة النطاق لأنصار التيار الاصلاحي الخاسر استمرت عدة أشهر. ويخضع زعيمان اصلاحيان للاقامة الجبرية منذ عام 2011.
ودافع حسن روحاني وهو معتدل شغل منصب كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي ابان حكم الرئيس محمد خاتمي عن دوره في السياسة الخارجية أثناء شغله للمنصب، وقال انه جنب البلاد هجوما عسكريا امريكيا كما قال إنه ينبغي على إيران ان تتجنب «التطرف».
وقال روحاني «خلال رئاسة خاتمي نجت البلاد من أزمة، تعرض بلدان إقليميان لهجمات وكان إيران على القائمة دائماً» في إشارة منه إلى أفغانستان والعراق. وللبلدين حدود مع إيران من ناحية الشرق والغرب.
وأضاف روحاني «تمكنت إيران من ان تنأى بنفسها عن هذا المسار من خلال الحكمة والتخطيط». وشارك روحاني في المفاوضات الخاصة بتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم في بلاده مما أدى إلى تهدئة حدة التوتر مع القوى الغربية وإن جلب عليه ذلك انتقادات من جانب منافسيه المحافظين. واستؤنف البرنامج بعد وصول الرئيس احمدي نجاد للسلطة في 2005.
وانتقد المرشح «المتشدد» سعيد جليلي رئيس وفد المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي حاليا سياسة بلاده الخارجية خلال عهد خاتمي الذي امتد من 1997 وحتى عام 2005 وحذر من ان القوى الغربية قد تستفيد من «تهاون» إيران. وقال «عندما كان بعض الأصدقاء يقولون ينبغي علينا ان نتجنب المواجهات غير الضرورية مع القوى الغربية، ماذا كانت النتائج؟». في غضون ذلك، انتقد المرشح علي اكبر ولايتي اسلوب التفاوض «الاشكالي» الذي يعتمده سعيد جليلي مسؤول التفاوض عن الجانب الايراني مع القوى الكبرى بشأن الملف النووي الايراني.
وقال ولايتي وزير الخارجية الأسبق والمستشار الدبلوماسي للمرشد الإيراني إن «المفاوضات الجارية حاليا اشكالية». ووجه ولايتي توبيخاً حاداً لجليلي، وقال «أنت تذهب إلى المحادثات مع الغرب وتقول إننا تفاوضنا بمنطق وهزمناهم، ولكن الناس يرون أنك لم تحقق أي تقدم منذ سنوات، العقوبات على إيران تتزايد والضغوط تتفاقم على المواطنين، الفن الدبلوماسي أن توقف العقوبات وتحتفظ بحقك في الطاقة النووية».
وهي المرة الأولى التي ينتقد فيها مرشح بشدة الأسلوب المعتمد في المفاوضات من الجانب الإيراني منذ بدء الحملة للانتخابات الرئاسية. واضاف ولايتي «فن الدبلوماسية هو انقاذ حقنا في النووي والحد من العقوبات في الوقت نفسه». وجليلي الممثل المباشر لمرشد إيران في المفاوضات مع مجموعة 5+1 «الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا»، المستمرة منذ سنوات من دون أن تحرز تقدماً. في الوقت ذاته، رحبت الصحافة الايرانية بالمناظرة التلفزيونية بين المرشحين مشددة على التبادل الحاد بشأن المفاوضات حول الملف النووي وايضا حول الحريات السياسية.
وعنونت صحيفة دنيا الاقتصاد «الخلافات بين المرشحين باتت واضحة. بداية ساخنة للسباق النهائي» في حين رحبت صحيفة «ارمان» الاصلاحية بالنقاش الذي «أظهر الخلافات» بين المرشحين الثمانية للانتخابات الرئاسية.
وقال المحلل السياسي صادق زيباكلام «كنت اود ان اكتب بان الفائز في المناظرة كان حسن روحاني او محمد رضا عارف الاصلاحيان لكن علي ان اقول بان المحافظ علي اكبر ولايتي كان الفائز الحقيقي». واضاف «من جهة لانه دافع عن السياسة الخارجية للرئيس السابق المعتدل اكبر هاشمي رفسنجاني ومن جهة اخرى لانه انتقد علنا موقف سعيد جليلي في المفاوضات النووية» مذكراً بأن « أحداً لا يمكنه اتهام ولايتي بأنه غير مطلع وبأنه مرتبط بالغرب أو أنه لا ينتمي إلى معسكر المحافظين».
وقال المحلل السياسي القريب من المحافظين امير موهبيان ان «المناظرة الثالثة اظهرت انقسامات عميقة لدرجة يجب اعادة تحديد الانشقاقات السياسية بعد الاقتراع الرئاسي».
واضاف «في الملف النووي كان هناك منطقان الاول دافع عنه ولايتي وروحاني ورضائي الذين يرون انه للتوصل الى نتيجة في المفاوضات مع مجموعة 5+1 يجب تقديم تنازلات للحصول على منافع. والثاني دافع عنه جليلي وغلام علي حداد عادل ويعتبران انه للحصول على نتيجة يجب اتخاذ موقف حازم حتى يرضخ الجانب الاخر». وركزت الصحافة على نقاط في المناظرة حيث انتقد محمد رضا عارف الضغوط السياسية على مناصريه. وقال «هل من الطبيعي منع أنصاري من رفع صور لمحمد خاتمي» الرئيس الإصلاحي السابق المتهم من قبل السلطات بدعم مير حسين موسوي ومهدي كروبي المرشحين اللذين دانا في 2009 عمليات تزوير كبيرة وطلبا من انصارهما النزول الى الشارع وهما في الإقامة الجبرية منذ أكثر من عامين.
وقال محللون إن المؤسسة الحاكمة في ايران وعلى رأسها المرشد الأعلى اية الله علي خامنئي تسعى لإيصال مرشح موال لها الى سدة الحكم لتجنب تكرار اضطرابات 2009 التي كانت الأسوأ في إيران منذ الثورة الاسلامية عام 1979.
وتخضع إيران لعقوبات دولية تم تشديدها منذ 2012 بحظر نفطي ومصرفي أوروبي وأمريكي. وتسببت العقوبات بأزمة اقتصادية خطيرة مع تضخم رسمي بنسبة 31% وتخفيض قيمة العملة بـ 70%.
«فرانس برس - رويترز - العربية نت»