عواصم - (وكالات): شيعت دولة الإمارات العربية المتحدة شهداءها الذين قضوا ضمن عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «إعادة الأمل»، فيما أعلنت البلاد الحداد الرسمي، وتنكيس الأعلام 3 أيام، بينما شن الطيران الإماراتي المشارك ضمن قوات التحالف غارات جوية أمس استهدفت مواقع المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، خاصة مبنى وزارة الدفاع في صنعاء الذي لحقت به أضرار بالغة، كما أدت الغارات الإماراتية إلى خسائر بشرية جسيمة في صفوف الحوثيين.
وهزت انفجارات عنيفة صباح أمس العاصمة صنعاء جراء غارات شنتها مقاتلات التحالف على مواقع المتمردين وقوات صالح.
وكثفت مقاتلات التحالف غاراتها على العاصمة، خاصة بعد إعلان البحرين والسعودية والإمارات استشهاد 60 من جنودها جراء انفجار صاروخين بمعسكر تابع للتحالف والمقاومة بمنطقة صافر بمحافظة مأرب، وتبنى الحوثيون إطلاق الصاروخ. وأعلنت الإمارات شن غارات جوية على ثكنات الحرس الجمهوري وحدة النخبة في الجيش اليمني المتحالفة مع المتمردين، في صنعاء وإب ومصنع للألغام في صعدة معقل الحوثيين في الشمال ما أدى إلى وقوع «خسائر بشرية جسيمة». وقالت مصادر في صنعاء إن غارات استهدفت ألوية صواريخ ومخازن سلاح في فج عطان جنوب العاصمة، بينما لا تزال مقاتلات التحالف تحلق بشكل كثيف في أجواء العاصمة اليمنية. كما استهدفت غارات عنيفة منطقة همدان ومعسكر جبل النهدين ودار الرئاسة جنوب صنعاء، وقوات الأمن الخاصة. وكانت طائرات التحالف قد دمرت واحداً من أكبر مخازن الأسلحة التابعة للميليشيات في منطقة صرواح بمحافظة مأرب، وذكرت المصادر أن الانفجارات تعالت وأن ألسنة اللهب اشتعلت من داخل ذلك المخزن.
كما شنت طائرات التحالف 4 غارات على مخازن للسلاح ومواقع للحوثيين في مديرية ميدي بمحافظة حجة، واستهدف القصف الجوي مجمع وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء، كما تم قصف ألوية الصواريخ في فج عطان ومعسكر الحفا بالعاصمة، وجرى استهداف معسكر قوات الأمن الخاصة في تعز، ومواقع للحوثيين في محافظة البيضاء. واستهدف التحالف مواقع للمتمردين في منطقة بيحان في محافظة شبوة جنوب شرق البلاد الواقعة جنوب محافظة مأرب. وبحسب أحد المسؤولين فإن بيحان التي لا تزال تحت سيطرة المتمردين هي المنطقة التي أطلق منها الصاروخ الذي أدى إلى استشهاد جنود التحالف العربي.
وقالت وكالة أنباء الإمارات إن سلاح الجو الإماراتي قصف مصنعاً لتصنيع الألغام في محافظة صعدة التي يهيمن عليها الحوثيون شمال اليمن إضافة إلى معسكرات ومستودعات أسلحة بمحافظة إب وسط البلاد وفي العاصمة صنعاء وألحقت بها خسائر جسيمة.
وقال سكان في صنعاء إن مبنى وزارة الدفاع الذي يسيطر عليه الحوثيون ومركز قيادة قوات الأمن الخاصة كانا من بين الأهداف التي قصفتها طائرات التحالف.
ووصلت جثامين الجنود الإماراتيين الشهداء إلى مطار البطين بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي فجر أمس، على متن طائرة عسكرية تابعة للقوات الجوية والدفاع الجوي، بمرافقة ضباط وضباط صف من القوات المسلحة، وجرت المراسم العسكرية الخاصة لاستقبال الجثامين على أرض المطار. وأدت جموع المصلين من الشيوخ وقادة ومنتسبي القوات المسلحة الإماراتية والمواطنين والمقيمين، الصلاة على الشهداء وسط حداد رسمي وتنكيس للأعلام لمدة 3 أيام. الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من جهته، شارك في مراسم التشييع وتقديم التعازي، كما قدم رؤساء دول ومسؤولون واجب العزاء إلى قادة الإمارات.
واتصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتقديم تعازيه. وأكد الشيخ محمد بن زايد لهادي أن الإمارات «ماضية في مقدمة التحالف العربي مع الشقيقة المملكة العربية السعودية في الدفاع عن اليمن والمنطقة حتى يعود الأمن والاستقرار والسلام لليمن الشقيق».
وأعلنت أبوظبي الحداد 3 أيام وتنكيس الأعلام بعد يوم «الجمعة السوداء»، الذي فقد فيه الجيش الإماراتي أكبر عدد من جنوده منذ تأسيس الاتحاد عام 1971.
ودانت الإمارات الهجوم «الجبان» وقالت إنه لن يضعف عزمها على مواصلة العمل مع التحالف لإعادة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي إلى منصبه. وبعد أكثر من 5 أشهر من حملة غارات جوية مكثفة ضد المتمردين، قرر أبرز أركان التحالف، السعودية والإمارات تقديم دعم مباشر على الأرض للقوات الموالية لهادي، ما سمح باستعادة مدينة عدن والمحافظات الجنوبية وتعبئة عسكرية في مأرب تمهيداً لهجوم محتمل على صنعاء والشمال.
وأدت القوات الإماراتية دوراً كبيراً في العملية واستشهد 7 من جنودها في القتال.
وأظهر قادة الإمارات عزماً واضحاً في ردود الفعل. وقال نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «هذه الأحداث لن تؤدي سوى إلى زيادة عزمنا» وأن «نكون أكثر تصميماً لتحقيق الانتصار».
أما وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش فقال «رايتنا ستبقى مرفوعة عالياً. وهجوم جبان لن يثنينا ولن يمنعنا من تحقيق أهدافنا».
وقال قرقاش لقناة تلفزيون «العربية» إن الجنود استشهدوا عندما أصاب صاروخ أرض أرض مستودعا للأسلحة بقاعدة مأرب.
وخصصت جميع صحف الإمارات صفحاتها للحدث ولرثاء «الشهداء» مشددة على تعبئة مختلف المؤسسات والجمعيات التابعة للدولة للاعتناء بالجرحى مثل التبرع بالدم والاهتمام بعائلات القتلى الذين أعيدت جثامينهم إلى الإمارات. وكتبت صحيفة «غالف نيوز» بعنوان عريض «نحيي الأبطال ال 45 الذين قدموا التضحية الكبرى خدمة لبلادهم». واعتبرت أن التزام دولة الإمارات بالائتلاف يعكس إيمانها بـ «التضامن العربي» لحماية المنطقة من «تهديد وجودها والتدخل الأجنبي». وفي الوقت نفسه، ذكرت صحيفة «خليج تايمز» أنه عندما بدأت دول الخليج تحركها في مارس الماضي لدحر المتمردين كانت دولة الإمارات تدرك تماماً «المخاطر التي تنطوي عليها العملية». وأضافت أن مأساة الجمعة «لن يتم نسيانها أبداً» و «إذا كان أعداء هذا البلد يعتقدون أن الإمارات سوف تتراجع، فإنهم مخطئون» مشيرة بأصابع الاتهام إلى طهران.
وتابعت أنه «لا يمكن لإيران أن تتنصل من مسؤوليتها في إنشاء ميليشيات الحوثيين» ورأت أنه «يمكن أن نتوقع رداً عربياً بعد هذه المأساة». وقال الحوثيون إنهم أطلقوا صاروخ توشكا على معسكر صافر في مأرب.
وكانت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين قد أعلنت أمس الأول أيضاً أن 5 من جنودها استشهدوا «أثناء قيامهم بتأدية واجبهم الوطني المقدس في المشاركة بالدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية».
وذكر الإعلام السعودي أمس أن 10 جنود سعوديين ينتشرون في اليمن استشهدوا في الهجوم الذي استهدف مستودعاً للأسلحة قرب صنعاء وأدى إلى انفجارات.
ونقلت صحف سعودية عدة على مواقعها الإلكترونية عن المتحدث باسم قوات التحالف العميد الركن السعودي أحمد عسيري استشهاد الجنود السعوديين العشرة.
وكتبت صحيفة «الرياض» السعودية أن عسيري شدد على تصميم التحالف على إنجاز مهمته في اليمن حيث يدعم السلطات في مواجهة المتمردين. وقال إن «هدف قوات التحالف هو تحقيق أمن واستقرار اليمن، وستستمر العمليات العسكرية حتى تحقيق أهدافها المرحلية» رغم الخسائر البشرية الجسيمة التي وقعت الجمعة. ومنذ أواخر مارس الماضي، انضمت البحرين والإمارات إلى التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية لإلحاق الهزيمة بالمتمردين الموالين لإيران الذين سيطروا على مناطق شاسعة، بينها العاصمة، وأجبروا الرئيس الشرعي هادي، على اللجوء إلى عدن ومن ثم التوجه إلى السعودية. وذكرت مصادر عسكرية في القوات الموالية للرئيس اليمني أن قوات التحالف أرسلت تعزيزات إلى صافر تشتمل على دبابات وعربات مدرعة وحاملات جنود ومنصات إطلاق صواريخ ومروحيات أباتشي. والهدف من التعزيزات هو شن هجوم مضاد للقوات الموالية للرئيس اليمني والتحالف للتقدم نحو صنعاء. من جهة أخرى، صد مقاتلو المقاومة محاولة تقدم للمتمردين الحوثيين نحو جبل وعش في تعز وسيطروا على منطقة الخمسين، فيما تواصل ميليشيات الحوثي وصالح قصف الأحياء السكنية بالأسلحة الثقيلة بشكل عشوائي وعنيف، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وفي مأرب تتواصل الاستعدادات العسكرية والتحضيرات مع وصول المزيد من التعزيزات والقوات العسكرية إلى منطقة صافر، بانتظار ساعة الصفر لبدء عملية عسكرية كبرى سيتم إطلاقها لتحرير محافظات مأرب والجوف وصعدة والتوجه صوب العاصمة صنعاء.