أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن تنويع شبكة التحالفات مع القوى الدولية الصاعدة وخاصة مع دول شرق آسيا والهند بات خياراً استراتيجيّاً جماعياً أوجبته المعطيات الجيوستراتيجية، لافتاً إلى أن الاتفاق النووي الإيراني لم يعالج مشكلات المنطقة، وأن إيران تثير القلاقل بين دول الجوار.
وأوضح الوزير، لدى مشاركته في الطاولة المستديرة التي نظمتها سفارة البحرين لدى المملكة المتحدة بعنوان «السياسة الخارجية والدفاعية لدى دول مجلس التعاون بعد الاتفاق النووي»، بحضور عدد من أعضاء مجلسي العموم واللوردات البريطانيين وعدد من رجال السلك الدبلوماسي، إضافة إلى نخبة من الباحثين والأكاديميين، أن الاتفاق الذي أبرم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول 5+ 1 حول الملف النووي الإيراني يوليو الماضي لا يزيل كافة مخاوف دول المنطقة، خاصة أنه لم يعالج المشاكل الحقيقية واكتفى بقضية جزئية فقط في ظل السلوك الإيراني الذي ما زال قائماً على التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار وإثارة القلاقل والاضطرابات بالمنطقة.
وقال إنه ورغم أننا مازلنا نتطلع إلى أن يسهم الاتفاق النووي في أمن واستقرار المنطقة، إلا أننا حتى الآن نرى أن الاتفاق يتناول قضية واحدة من قضايا المستقبل، لكنه لا يتطرق للمشاكل الحقيقية التي نواجهها اليوم، حيث إنه من الواضح أن إيران مستمرة في العمل بكل وسيلة غير قانونية وغير مشروعة على زعزعة الأمن والسلم.
وأشار وزير الخارجية إلى استمرار التدخلات الإيرانية السافرة في الشؤون الداخلية للبحرين، وقيامها باستغلال الفئات المتطرفة، وإيواء الهاربين من العدالة، وفتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات التي تكفي لإزالة مدن بكاملها، وكان آخرها العثور على كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار والمواد التي تدخل في صناعتها، بما يفوق طناً ونصف ومن ضمنها مواد C4 و RDX وTNT شديدة الانفجار، لافتاً معاليه إلى تعرض المواطنين والمقيمين ورجال الأمن للاستهداف والقتل، مما أدى إلى وفاة ستة عشر رجل أمن وإصابة ثلاثة آلاف آخرين.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية والدفاعية لدول مجلس التعاون في ضوء ما سبق من تحديات وأوضاع، فقد أكد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة ضرورة الاستمرار في تنويع شبكة التحالفات الإقليمية والدولية مع القوى الدولية الصاعدة وخاصة مع دول شرق آسيا والهند.
وشدد على أن تنويع شبكة التحالفات لم يعد هدف ضمن أهداف السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون، وفي القلب منها البحرين، وإنما بات خياراً استراتيجيّاً جماعياً أوجبته المعطيات السياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية ويقوم على استراتيجية بعيدة المدى تضمن تحقيق المصالح الحيوية لدول مجلس التعاون والإسهام في تحقيق ما تطمح إليه من تقدم شامل في كافة المجالات وترسيخ الأمن والسلم في المنطقة.
وقال وزير الخارجية إن هناك مرتكزات قوية لنجاح هذا التوجه الاستراتيجي ومن أهمها: التشابه الثقافي والحضاري، وازدياد أهمية علاقة الارتباط القائمة بين التطورات الاقتصادية التي تشهدها الدول الآسيوية والأوضاع الاقتصادية في منطقة الخليج؛ وتزايد أعداد العمالة الآسيوية الوافدة بدول الخليج التي يمكن أن تكون جسراً بين غرب آسيا وشرقها جغرافياً واستراتيجياً.
وشدد الوزير على عمق وقوة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين البحرين والمملكة المتحدة والتي تمتد لنحو مائتي عام، وأضحت نموذجاً يحتذى للعلاقات بين الأصدقاء وتشهد تطوراً مستمراً وتنامياً ملحوظاً في مختلف المجالات.
ونوه إلى مواقف المملكة المتحدة الداعم للبحرين في مختلف الظروف والتي تعكس متانة العلاقات الثنائية المشتركة وحرصهما على الارتقاء بتلك العلاقات لمستويات وآفاق أكثر تطوراً بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين، ويسهم في مواجهة فعالة لمختلف التهديدات للأمن الإقليمي وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة .
ولفت الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إلى ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وضرورة أن تقوم إسرائيل بالتوقيع على معاهدة عدم الانتشار النووي، وإخضاع منشآتها النووية للتفتيش الدولي التابع لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبشأن الأوضاع في اليمن، أوضح الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن البحرين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حرصت على دعم اليمن استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، ولمنع التدهور الحاصل في الأوضاع الأمنية والإنسانية بعد أن قامت جماعات انقلابية مدعومة من إيران بالاعتداء على مؤسسات الدولة ونشر الفتنة والفوضى بالبلاد.
وأضاف الوزير أن الخيار العسكري فرض على دول مجلس التعاون بعد فشل كافة الخيارات الأخرى في ظل إصرار الجماعات الانقلابية على مواصلة العنف والإرهاب ضد أبناء الشعب اليمني.
وقال إن دول مجلس التعاون ستظل ملتزمة بدعم اليمن إلى أن تتحقق آمال الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والتنمية والتقدم وعودة الجماعات الانقلابية إلى صوابها ودخول جميع الأطراف في حوار وطني يرتكز إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن 2216.
وحول ما تمر به سوريا، أعرب وزير الخارجية عن أسفه من التدمير الذي حدث لهذا البلد الشقيق وتحوله إلى ساحة مواجهة بين العديد من التنظيمات الإرهابية، ومن بينها تنظيم داعش وحزب الله الإرهابيين وغيرهما، حاثاً على ضرورة التوصل إلى حل سياسي يتوافق عليه الجميع وفقاً لما جاء في بيان مؤتمر جنيف 1، حتى تعود سوريا إلى ما كانت عليه من وحدة واستقرار وازدهار.
ونوه وزير الخارجية إلى ما تبذله دول مجلس التعاون من جهود واضحة في ميدان إنساني مهم وناتج عن الأزمة السورية وهو مساعدة اللاجئين والنازحين السوريين، إذ قامت باستضافة نحو ثلاثة ملايين من الأشقاء السوريين، ومنحهم حق الإقامة بكامل الحقوق التعليمية والصحية المجانية، والحق في العمل والعيش الكريم.
وتطرق الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إلى الوضع في العراق، معرباً عن أمله في لم شمل الشعب العراقي، واستعادة الأمن والاستقرار من خلال الجهود المقدرة التي يقوم بها حيدر العبادي رئيس الوزراء، والحد من التدخلات الخارجية، والحفاظ على سلامة العراق الإقليمية ووحدة أراضيه ومساعدته في حربه على الإرهاب.