فرنسا تعلن الحداد وتفرض الطوارئ وتغلق الحدود وتنشر 1500 جندي إضافي بباريس
الرئيس الفرنسي: الاعتداءات عمل حربي ارتكبه «داعش» دبر من الخارج بتواطؤ داخلي
مقتل 8 مهاجمين بينهم 7 فجروا أنفسهم بأحزمة ناسفة
العثور على جواز سفر سوري قرب أحد منفذي اعتداءات باريس
هيئة كبار العلماء السعودية: داعش» خرج من عباءة الأسد والاعتداءات منافية لتعاليم الإسلام
هولاند يتحادث مع عدد من الرؤساء وتدابير لحماية المباني الفرنسية بالخارج


عواصم - (وكالات): أعلن تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي أمس مسؤوليته عن الاعتداءات التي استهدفت باريس أمس الأول، والتي وصفها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بـ «عمل حربي»، متوعداً التنظيم المتطرف. وقد أثارت الهجمات الإرهابية صدمة واسعة بين الفرنسيين الذين استفاقوا على ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 129 قتيلاً، و352 جريحاً، بينما بدأت العاصمة الفرنسية تلملم جراحها بعد ليلة دامية، فيما تواصل قوات الأمن مساعيها لتفكيك طلاسم الهجمات في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس الفرنسي بملاحقة التنظيم. ونتيجة لأكثر الاعتداءات دموية في أوروبا منذ 2004، قتل 129 شخصاً وأصيب 352 بينهم 80 في حال حرجة، بحسب الشرطة، في الاعتداءات التي تخللتها تفجيرات انتحارية وعمليات إطلاق نار وقعت في مناطق عدة في باريس وضاحيتها. وقتل 8 مهاجمين بينهم 7 فجروا أنفسهم وكانوا جميعهم يضعون أحزمة ناسفة. وبعد 10 أشهر على الاعتداء على صحيفة «شارلي إيبدو» ومتجر يهودي في باريس، ما تسبب بمقتل 17 شخصاً، عاش الفرنسيون مجدداً لحظات طويلة من الرعب، فيما انتشرت جثث الضحايا والدماء في عدد من شوارع العاصمة. وتبنى «داعش» في بيان تداولته حسابات متطرفة على موقع تويتر اعتداءات باريس. وهدد التنظيم المتطرف فرنسا مؤكداً أنها «على رأس قائمة أهداف «داعش»». وتشارك فرنسا في الائتلاف الدولي بقيادة أمريكية الذي ينفذ غارات جوية في سوريا والعراق ضد تنظيم الدولة ومجموعات متطرفة أخرى. وقبل صدور بيان التنظيم، اتهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التنظيم المتطرف بالوقوف خلف سلسلة الهجمات.
وقال خلال اجتماع أمني في قصر الإيليزيه «ما حصل أمس هو عمل حربي، ارتكبه «داعش» ودبر من الخارج بتواطؤ داخلي سيسمح التحقيق بإثباته». وعثر على جواز سفر سوري قرب جثة أحد منفذي اعتداءات باريس ويجري التحقق منه، كما أعلنت مصادر الشرطة. وقد عثر على هذا الجواز «على مقربة من جثة أحد المهاجمين»، كما أكد أحد هذه المصادر.
وأعلن هولاند الحداد الوطني 3 أيام، مشيراً إلى أنه سيلقي كلمة غداً أمام البرلمان الفرنسي الذي سينعقد بمجلسيه في قصر فرساي قرب باريس «للم شمل الأمة في هذه المحنة».
وعلقت جميع الأحداث الرياضية والثقافية في منطقة إيل دو فرانس المقررة نهاية الأسبوع.
ولم يفتح برج إيفل أبوابه منذ مساء أمس الأول، و»سيبقى مقفلاً حتى إشعار آخر»، بحسب ما أعلن متحدث باسمه.
وكانت الاعتداءات استهدفت 6 مواقع مختلفة بينها محيط إستاد دو فرانس الدولي في الضاحية الشمالية لباريس، وفي الشرق الباريسي حيث توجد حانات مشهورة تكتظ عادة بالرواد خلال عطلة نهاية الأسبوع على مقربة من ساحة الجمهورية التي جمعت نحو مليون ونصف المليون شخص في يناير الماضي احتجاجاً على الاعتداءات التي استهدفت العاصمة في تلك الفترة.
وكان 1500 شخص موجودين في مسرح باتاكلان عندما اقتحمه المهاجمون وبدؤوا بإطلاق الرصاص. وقال الصحافي جوليان بيرس من إذاعة أوروبا 1 «استغرق الأمر 10 دقائق أو 15 دقيقة. كان عنيفاً جداً، وحصلت موجة من الذعر. هرع الجميع في اتجاه خشبة المسرح، وحصل تدافع، وكان البعض يدوس على الآخرين». وتم التعرف على جثة فرنسي معروف لدى أجهزة الاستخبارات ويرجح كثيراً أن يكون أحد منفذي الهجوم على المسرح.
وفي إستاد دي فرانس شمال العاصمة، كان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يشاهد مباراة ودية بين منتخبي ألمانيا وفرنسا، إلى جانب 80 ألف متفرج آخرين، عندما تم إبلاغه بأن الانفجارات ليست عرضية وأن أحداثاً تقع في مسرح باتاكلان، فغادر المكان.
وفي شارع بيشا، روت فلورانس التي وصلت إلى المكان بعد دقيقة واحدة من إطلاق النار، إن «الأمر بدا خيالياً. كان الجميع أرضاً. عاد الهدوء، ولم يكن الناس يدركون ما حصل. رأيت رجلاً يحمل فتاة بين ذراعيه. بدت لي ميتة». وفتحت السلطات الفرنسية تحقيقاً في «جرائم قتل على علاقة بمنظمة إرهابية».
وانتشر 1500 جندي إضافي في شوارع باريس بناء على أمر من فرانسوا هولاند.
وكان هولاند أعلن حالة الطوارىء في البلاد وإقفال الحدود. كما أعلن في المكان حرباً «لا هوادة فيها» ضد الإرهابيين.
وأوضح مصدر أمني أن «الأولوية الآن للتعرف على الجثث، خاصة جثث الانتحاريين التي تناثرت في كل مكان بعد أن فجرت».
وسارع العالم إلى إدانة الاعتداءات. ودانت دول عربية عدة الاعتداءات ومن بينها تونس التي زار رئيسها الباجي قائد السبسي باريس أمس، والسعودية والبحرين والإمارات ومصر والأردن وسلطنة عمان والكويت وقطر وليبيا والجزائر والعراق، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى الأزهر والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي.
كما نددت دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وبريطانيا وإيران وكندا وإيطاليا والصين باعتداءات باريس.
وبرز إلى الواجهة رد فعل الرئيس السوري بشار الأسد الذي حمل السياسات الفرنسية «الخاطئة» مسؤولية تمدد الإرهاب، في تعليق على الاعتداءات.
وقال الأسد خلال لقائه وفداً فرنسياً برئاسة عضو الجمعية الوطنية النائب تييري ماريانيان إن «السياسات الخاطئة التى انتهجتها الدول الغربية خاصة الفرنسية إزاء ما يحصل في منطقتنا وتجاهلها لدعم بعض حلفائها للإرهابيين هي التى ساهمت في تمدد الإرهاب «.
واعتبر الأسد أن «الإرهاب هو ساحة واحدة في العالم وأن التنظيمات الإرهابية لا تعترف بحدود». وانتشرت ردود الفعل المنددة بين العرب والدول الغربية. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن اعتداءات باريس وغيرها من الأعمال الإرهابية الأخيرة تؤكد أن العالم يشهد «نوعاً من الفاشية من القرون الوسطى والحديثة (...) الساعية إلى التدمير ونشر الفوضى». وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الهجمات الدموية التي شهدتها باريس تبرر تصعيد عملية مكافحة المتطرفين مثل «داعش». ودانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية اعتداءات باريس، معتبرة أنها «منافية لتعاليم الإسلام». وقالت الأمانة العامة للهيئة في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية السعودية إن «الأعمال الإرهابية لا يقرها الإسلام وتتنافى وقيمه التي جاءت رحمة للعالمين».
واعتبرت الهيئة أن الاعتداءات الإرهابية الأخيرة التي تبناها «داعش» «هي امتداد للإرهاب الذي يمارسه النظام السوري المجرم وأعوانه ضد الشعب السوري الأعزل الذي يمطره بوابل من البراميل المتفجرة». وأضافت أن التنظيم المتطرف «خرج من عباءة هذا النظام، ويتبادل الأدوار مع نظام بشار، وإن غض العالم الطرف عن ذلك هو الذي أدى إلى هذه الجرائم المروعة». ونوهت الأمانة إلى أن «القضاء على الإرهاب يستدعي تكاتف الجهود بمحاربته أياً كان مصدره بموقف أخلاقي موحد لا يفرق بين إرهاب وإرهاب حسب النظرة المصلحية الضيقة».
وتحادث الرئيس فرنسوا هولاند هاتفياً مع العديد من القادة الأجانب، بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذين عبروا عن دعمهم بعد اعتداءات باريس.
من جهة أخرى أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في فيينا أنه تم اتخاذ «تدابير» لتعزيز حماية المباني الرسمية الفرنسية في الخارج بعد اعتداءات باريس، قبل أن يدعو إلى «تنسيق المكافحة الدولية للإرهاب».
وأشار عدد من الدول إلى احتمال وجود ضحايا من رعاياها بين القتلى في باريس.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن «عدداً» من البريطانيين قد يكون بين الضحايا، بينما أعلن وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز أن مواطنين بلجيكيين قتلا في الاعتداءات.