الاتحاد الأوروبي يشدد القيود على وسائل تحويل أموال يستخدمها إرهابيون
جهود أوروبية لإصلاح «اتفاقية شنغن» إثر اعتداءات باريس
عواصم - (وكالات): قررت دول الاتحاد الأوروبي أمس فرض تدابير مراقبة معززة «فورا» على حدود الاتحاد الخارجية لجميع المسافرين بما يشمل الرعايا الأوروبيين، خلال اجتماع استثنائي في بروكسل، بينما يصوت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار حول مكافحة تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، فيما دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الفرنسيين المتواجدين «في بلدان حساسة» لاتخاذ «احتياطاتهم». وأوضحت المصادر أن وزراء داخلية الدول الثماني والعشرين في الاتحاد الأوروبي أيدوا طلب فرنسا مراجعة قوانين فضاء شنغن على وجه السرعة بحيث تسمح بفرض «تدابير مراقبة منهجية لرعايا أوروبيين» في حين تخصص إجراءات المراقبة المنهجية المشددة حالياً لرعايا الدول من خارج الاتحاد الأوروبي. وجاء في مسودة بيان الاجتماع أن «الدول الأعضاء تتكفل بتطبيق إجراءات التفتيش المنهجية والضرورية بشكل منسق على الحدود الخارجية بما في ذلك على أفراد يتمتعون بالحق في حرية الحركة». وأثارت اعتداءات باريس التي أوقعت قبل أسبوع 130 شخصاً تساؤلات حول أمن الحدود داخل فضاء شنغن حيث يمكن لدول الاتحاد الـ 22 والنرويج وسويسرا وايسلندا وليشتنشتاين التحرك بحرية بدون جواز سفر. وقال مسؤولون إنه سيتم في الوقت الحالي التحقق من جوازات السفر فقط على أن يتم التحقق من المعلومات الشخصية في قواعد البيانات.
وقرر الاتحاد الأوروبي أيضاً تشديد القيود على البطاقات المدفوعة مقدماً وتحويلات الأموال والبيتكوين في مسعى للحد من تمويل الإرهاب.
واتفق وزراء الداخلية والعدل بدول الاتحاد الأوروبي في بروكسل على زيادة إجراءات التحقق من وسائل الدفع التي يجري استخدامها دون الكشف عن هوية منفذيها والتي من المحتمل أن تلجأ إليها المنظمات الإرهابية لتمويل هجمات. وحث الوزراء المفوضية الأوروبية على «زيادة القيود على وسائل الدفع غير البنكية مثل المدفوعات الإلكترونية والمدفوعات المجهولة المصدر والحوالات المالية وشركات نقل الأموال والعملات الافتراضية وتحويلات الذهب والمعادن النفيسة والبطاقات المدفوعة مقدما بسبب المخاطر التي تشكلها تلك الوسائل».
وأعلنت الحكومة الفرنسية أن المفوضية الأوروبية ستعرض «بحلول نهاية العام مقترحاً لإصلاح قانون حدود فضاء شنغن» ليصبح ممكناً إجراء مراقبة منهجية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بالنسبة للمواطنين الأوروبيين.
وأوضح وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف خلال اجتماع طارئ في بروكسل مع نظرائه الأوروبيين لتنسيق الرد على التهديد الإرهابي، إن هذا الأمر يشكل «تغييراً مهماً».
وتجسدت ثغرات مكافحة الإرهاب من خلال عودة المتطرف البلجيكي المغربي عبد الحميد أباعود إلى أوروبا، دون أن يتم التنبه له. فقد تم تصويره من إحدى كاميرات المراقبة في محطة مترو مونتروي شرق باريس ما عزز فرضية مشاركته المباشرة في هجمات باريس.
وأثار تأكيد وجوده في المنطقة الباريسية في حين كان يفترض أنه في سوريا جدلاً. إذ كيف تمكن هذا البلجيكي وهو موضع بطاقة توقيف دولية من دخول أوروبا لتنسيق اعتداءات 13 نوفمبر؟ ويجيب رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس «لا نعرف». وتم التعرف على جثة أباعود الذي وصفه محاميه البلجيكي السابق بأنه «تابع أكثر منه قائداً»، التي عثر عليها بين الأشخاص الذين قتلتهم الشرطة الفرنسية في شقة داهمتها الأربعاء الماضي شمال باريس.
وأعلن القضاء الفرنسي أنه تم التعرف أيضاً على جثة قريبته حسناء آيت لحسن التي عثر عليها في الشقة ذاتها، ولاتزال هناك جثة لم يعلن عن صاحبها.
ولايزال المحققون يبحثون بشكل حثيث عن صلاح عبد السلام الذي يشتبه في أنه كان ضمن الكوماندوز الذي أطلق النار على مطاعم شرق باريس. ومن المؤكد، في مرحلة أولى، أنه تم تهريبه إلى بلجيكا من قبل متآمرين اثنين اعتقلا في بلجيكا. كما تم التعرف على 4 انتحاريين قضوا في الاعتداءات كلهم فرنسيون وحددت هوياتهم وهم إبراهيم عبد السلام «31 عاماً» وبلال حدفي «20 عاماً» وسامي عميمور «28 عاماً» وعمر إسماعيل مصطفاوي «29 عاماً». ولايزال يتعين التعرف على هويات 3 انتحاريين آخرين بينهم رجل مر مؤخراً عبر اليونان وعثر عليه على جواز سفر سوري مشكوك في صحته.
وتتواصل عمليات المداهمة التي جعلتها حال الطوارئ أكثر سهولة وبلغ عددها نحو 800 منذ 13 نوفمبر في كل أنحاء فرنسا وقد فرضت السلطات الإقامة الجبرية على 164 شخصاً ووضع 90 آخرون قيد الإيقاف التحفظي وتمت مصادرة 174 سلاحاً. كما تم تفتيش مسجد يؤم مصليه سلفي في بريست غرباً. وفي إجراء نادر تم فرض حظر تجول إثر حجز أسلحة في بلدة سينس وسط فرنسا وذلك بموجب حالة الطوارئ. وأعلنت الرئاسة الفرنسية أنها ستنظم تكريماً وطنياً الجمعة المقبل لضحايا الاعتداءات.
وعلى الصعيد الخارجي، أمر الرئيس الفرنسي بـ «تكثيف» الغارات الجوية ضد التنظيم المتطرف في سوريا والعراق. كما إن وصول حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول إلى شرق المتوسط سيزيد قدرات المقاتلات الفرنسية 3 مرات. وأثار هولاند الذي سيتوجه الأسبوع المقبل إلى واشنطن وموسكو «التعاون العسكري» في سوريا خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي باراك أوباما.
من جهة أخرى، شكر هولاند العاهل المغربي الملك محمد السادس على «المساعدة الفعالة» التي قدمها المغرب بعد هجمات 13 نوفمبر. وكانت مصادر مغربية وفرنسية قالت إن الرباط قدمت معلومات حيوية أدت إلى تحديد مكان عبد الحميد أباعود. وفي تطور آخر، يصوت مجلس الأمن الدولي في نيويورك على مشروع قرار فرنسي يجيز «اتخاذ كل الإجراءات اللازمة» للتصدي لتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي كما أفادت البعثة الفرنسية لدى الأمم المتحدة. ويتوقع دبلوماسيون تبنيه بالإجماع. ولن يعطي مشروع القرار تفويضاً مشروعاً للتحرك عسكرياً ضد تنظيم الدولة ولن يلجأ إلى الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة.
لكنه سيقدم «دعماً سياسياً قوياً» للحملة ضد المتطرفين في سوريا والعراق والتي تكثفت إثر اعتداءات باريس كما قال دبلوماسيون فرنسيون.
ويطلب مشروع القرار من الدول «التي لديها القدرة على اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمضاعفة الجهود وتنسيق مبادراتها بهدف منع ووقف الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تحديداً «داعش» وكذلك مجموعات متطرفة أخرى متحالفة مع تنظيم القاعدة.