بيروت - (رويترز): دأبت مواقع تربطها صلات بالحرس الثوري الإيراني لسنوات على نشر مقالات في رثاء مقاتلين شيعة يلاقون حتفهم في سوريا. لكن الوضع كان مختلفاً بالنسبة لرجلين نالا إشادة الشهر الماضي بعدما قتلا دفاعاً عن ضريح قرب دمشق في نموذج مختلف عن غالبية «الشهداء» الذين حظوا بمثل هذه المعاملة في السابق، فقد كانا باكستانيين.
كان الرجلان من «الزينبيون» - وهي وحدة مقاتلين باكستانيين سميت على اسم حفيدة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ودفنت في ذلك الضريح بسوريا - وكانت هذه أحدث مجموعة في إطار مساع إيرانية لتجنيد شيعة من المنطقة للقتال في سوريا.
تدل الزيادة في عدد بيانات «الشهادة» لمقاتلي هذه المجموعة خلال العام الحالي على اضطلاعهم بدور أكثر نشاطاً في الصراع. وفي تغريدة بحساب في موقع «تويتر» حمل اسم المجموعة بثت منتصف نوفمبر الماضي نشرت صور 53 رجلاً وصفوا بأنهم مقاتلون قضوا في المعركة.
ولم يصدر إعلان رسمي بأعدادهم الإجمالية لكن مصدراً بالمنطقة على علم بالمسألة قال إنه يوجد مئات المقاتلين الباكستانيين في سوريا معظمهم متمركزون حول ضريح السيدة زينب.
ويضيف «تجنيد إيران لمقاتلين باكستانيين بعداً دولياً آخر للحرب الأهلية السورية»، التي تقترب من إكمال عامها الخامس والتي عمقت الخلافات المذهبية في عموم العالم الإسلامي وأججت في المنطقة صراع القوى الإقليمية والدولية.
ويساعد الشيعة الباكستانيون في الدفاع عن حكومة الرئيس بشار الأسد حليف إيران المدعوم أيضاً بغارات جوية روسية وبمقاتلين من «حزب الله» الشيعي اللبناني في وجه معارضة سنية تدعمها تركيا ودول عربية. وتشن الولايات المتحدة وتركيا ودول عربية وأوروبية أيضا حملة قصف في إطار تحالف مناهض لتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي.
وعرضت صفحة بموقع «فيسبوك» تحمل اسم الزينبيون صوراً لما قالت إنها جنازة في إيران في أواخر نوفمبر الماضي يقف فيها عناصر من الحرس الثوري الإيراني بجوار رجال في زي باكستاني تقليدي.
وقال فيليب سميث الباحث بجامعة ماريلاند والزميل بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذي أجرى أبحاثاً مكثفة على الجماعات الشيعية المقاتلة في سوريا «الزينبيون مجموعة من شيعة باكستان يديرهم الحرس الثوري الإيراني».
وأضاف «شكلوا صورتهم الخاصة ونوع التجنيد الخاص بهم، لقد أصبحوا عنصراً مرغوباً فيه قرب نهاية صيف 2015، كان ذلك حين تحولوا بشكل أكبر لمجموعة مركزية».
ورغم كون غالبية الباكستانيين من السنة فإن هذا البلد موطن لملايين الشيعة الذين جعلوا منه أحد أكبر المجتمعات الشيعية في العالم.
وقال أليكس فاتانكا الزميل البارز بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن ومؤلف كتاب عن العلاقات بين باكستان وإيران «إنه معين كبير للسحب منه».
وأضاف «هناك جيوب داخل المجتمع الشيعي لديها الاستعداد لحمل السلاح للقتال من أجل الهوية الشيعية، هويتهم الطائفية، وهذا ما يستغله الحرس الثوري الإيراني».
وهؤلاء هم أحدث مجموعة شيعية تجندها إيران للقتال في سوريا بعد مقاتلي «حزب الله» اللبناني وعناصر من الأغلبية الشيعية في العراق ومن أقلية الهزارة الشيعية في أفغانستان. كل هؤلاء المقاتلين استقدموا دعماً للأسد الذي تمثل طائفته العلوية فرعاً من الشيعة. وتقول مقاطع فيديو وصور نشرت بمواقع التواصل الاجتماعي إن مقاتلين من جماعة الزينبيون انتشروا حول حلب وكذلك في الضريح قرب دمشق الشهر الماضي.
ومن واقع ما نشر على الإنترنت يقدر سميث عدد هؤلاء المقاتلين الزينبيين بنحو ألف.
واستقى الزينبيون من رموز أقرانهم من المقاتلين الشيعة رموزاً خاصة تميزهم بشعار خاص بهم فيه قبضة تحمل سلاحاً آلياً وضعت في إطار باللونين الأخضر والأصفر وهو يكاد يكون مماثلاً لشعار «حزب الله» اللبناني. ويشار إليهم عادة على الإنترنت بأنهم «حزب الله باكستان».
ولا يخفي الزينبيون ولاءاتهم فتشيد صفحات فيسبوك الممثلة لهم بالمرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي وتتحدث عن شعور بالواجب في الدفاع عن ضريح السيدة زينب.
ووفقاً لمدونات تنشرها المجموعة على الإنترنت فإن بعض المقاتلين الباكستانيين في سوريا كانوا بالفعل مقيمين في إيران بينما حضر آخرون من تجمعات البشتون الشيعة في بلدة باراتشينار بمناطق باكستان القبلية. وقال سميث إن الزينبيين بدأوا كجزء من وحدة من المقاتلين الأفغان عرفوا باسم الفاطميين. وتعرض الفاطميون لخسائر فادحة في سوريا وهناك على الإنترنت تدوينات دورية عن ضحاياهم على مواقع للمتشددين الشيعة. وبعض المقاتلين الأفغان على الأقل تم إغراؤهم للقتال بوعود بالحصول على الجنسية الإيرانية أو دخل شهري ثابت. وتشير إعلانات تستهدف الباكستانيين لوعود مماثلة.
وقال موقع تجنيد على فيسبوك الأسبوع الماضي إن أي رجل لائق بدنياً عمره بين 18 و35 عاماً عليه التقدم لطلب القتال في سوريا. وعرض الموقع تقديم تدريب أولي مدته 45 يوماً بالإضافة لتدريب آخر في سوريا لستة أشهر براتب شهري 120 ألف روبية باكستانية «نحو 1100 دولار» والحصول على عطلة مدتها 15 يوماً كل 3 أشهر.
وإذا قتل مجند فسيتم دفع تكاليف تعليم أولاده وستحصل أسرته على رحلات دينية سنوية إلى إيران والعراق وسوريا. وقال إعلان إن على أي راغب في التطوع الذهاب إلى مدينة قم المقدسة في إيران.