على الرغم من أن العديد من الكتاب والباحثين يؤكدون أهمية رأس المال الفكري، إلا أنه مازال الكثير من قادة المنظمات وخاصة في الدول النامية مازالوا لا يملكون إجابات كثيراً منطقية حول ماهية رأس المال الفكري وكيفية تطويره وزيادة فاعليته أو حتى صناعته على مستوى المنظمات التي يقودونها، ولكن ذلك لا يعني صعوبة تحديد مفهوم رأس المال الفكري من خاصة في الدول المتقدمة التي أصبح هذا المفهوم فيها أكثر نضوجا وتم نشر العديد من الكتابات والأبحاث فقد عرفه Stewart، بأنه المعرفة التي يمكن توظيفها، أي أن المعرفة لا تصبح رأس مال إلا إذا تم العثور عليها وتوظيفها بحيث يمكن استخدامها لصالح المنظمة، حيث يمثل رأس المال البشري المعرفة، والمهارة والقدرات الخاصة بالأفراد العاملين والقادرة على خدمة المنظمة. أما رأس المال الهيكلي فهو يعبر عن كل شيء يبقى في المنظمة بعد مغادرة العاملين لمنظماتهم مثل البرمجيات، والمعدات، والعلامة التجارية والهيكل التنظيمي.
إن المحاسبة الإدارية بدأت بالاهتمام بعملية تقييم واختبار وتنفيذ طرق جديدة لكيفية التعامل مع رأس المال الفكري باعتباره عنصراً أساسياً في خلق الثروة للمنظمات على الأمد البعيد لذلك اعتبر هذا الموضوع أيضاً من المواضيع المحاسبية التي تناولتها العديد من البحوث المحاسبية في هذا المجال، حيث عرف من وجهة نظر المحاسبين بأنه الموجودات الفكرية التي تتمثل بالحسابات المدينة والموجودات المملوكة ويمكن اعتبار حقوق الملكية والامتياز والتي يعبر عنها بالأرصدة الدائنة بأنها رأس مال فكري، أو إجمالي حقوق الملكية المستثمرة في جميع الموجودات الفكرية. أما من هم مسؤولون عن العمليات التحويلية لهذه المعرفة ومنهم الأفراد والتكنولوجيا والهيكل التنظيمي.
إن مصطلح رأس المال الفكري يمكن أن يمثل المعرفة التي تتحول إلى أي شيء له قيمة للمنظمة، ومصطلح الموجودات الفكرية أو الموجودات المعرفية فهو مصطلح مرادفي لما يحققه الأفراد من خلال تحويل المعرفة الى قيمة تتمثل بخدمات أو منتجات.
أحياناً يظهر بها عدم وضوح فيما يتعلق برأس المال الفكري هو الاختلاف بين المصطلحات «الموجودات الفكرية، الموجودات المعرفية، المعرفة، المعلومات، البيانات» كل واحدة من هذه المصطلحات هي في الحقيقة تختلف في مفهومها عن الأخرى ولكن بنفس الوقت ترتبط كل واحدة منها بعلاقة ديناميكية مترابطة ومتداخلة
إن تحديد رأس المال الفكري يكون مرشداً لنا لتحديد أهمية هذا النوع من رأس المال الذي سيساهم في تعزيز الموقع التنافسي للمنظمات من خلال مساهمته في تحقيق قيمة مضافة للمنظمات، حيث إن هذا النوع من رأس المال على العكس رأس المال العيني أو المادي الذي من السهولة إدارته، أما رأس المال الفكري فلا يمكن الإمساك به أو رؤيته أو تقييمه بأثمان محددة هكذا نجد أن الكثير من المدراء يتجاهلون أهم ممتلكات شركاتهم وعليهم أن يناضلوا من أجل إثبات وجوده لأنه السبب الأساسي الذي يدفع العملاء ثمنا للحصول عليه ممثلاً في منتجات المنظمات وخدماتها.
كما نجد أن المحاسبين كانوا يعطون اهتماماً جرئياً لرأس المال الفكري قبل بروز عصر اقتصاد المعرفة وكانوا يركزون علي رأس المال المادي ويهملون الأصول الفكرية التي تمتلكها منظماتهم والتي هي غير مسجلة وغير مدركة من قبل صانعي القرار في منظماتهم الين كانوا ينشغلون بمتابعة وقياس حركة رأس المال المادي بالفلس، والدينار والدولار في الوقت الذي يفقدون معايير واضحة تمكنهم من متابعة وقياس رأس المال الفكري لذلك أصبح إلزاماً على قادة المنظمات إدراك أهمية هذا النوع من رأس المال كما إن المختصين في مجال المحاسبة عليهم البحث عن طريقة لتشخيص وتقييم عناصر رأس المال الفكري باعتبارها مصدراً هاماً لخلق الثروة في منظمات الأعمال اليوم.
إن تقييم أو قياس رأس المال الفكري مسألة تواجهها العديد من المعضلات والتي تتمثل في كيفية مثلا وضع تقييم مادي للأصول غير الملموسة أو غير المرئية التي يتكون منها رأس المال الفكري على سبيل المثال، ما قيمة العلماء في المعمل والذين يعتقد أنها تتضمن قدراتهم على تحقيق اكتشافات مستقبلية، والسؤال هنا كيف يمكنك قياس ذلك مادياً؟. المشكلة الأساسية لدى المحاسبين هي في ضرورة فهم رأس المال الفكري والطريقة التي يدار بها وكيف يساهم في خلق ثروة للمنظمة على الأمد البعيد، معنى ذلك أن إدارة رأس المال الفكري لها جانبين الأول إداري والثاني محاسبي، حيث يحتاج المحاسبون في المجال المحاسبي الى التعرف على كيفية إبرازه في النتائج المالية التي تحققها الشركة. وفي هذا المجال ظهرت محاولات كثيرة من قبل المحاسبين والمديرين ومفكري الإدارة لوضع مقاييس مختلفة لتقييم أصول رأس المال الفكري.
وعلى الرغم من أحد لم يتوصل إلى نموذج أو معادلة متكاملة لقياس الأصول الفكرية للمنظمات الحديثة، إلا أن النتيجة التي خلصت إليها كل الشركات تثبت بأن الأسلوب الذي تختاره في النهاية لقياس رأس المال الفكري يعتمد إلى حد كبير على أسلوب بناء وترسيخ القاعدة الفكرية في المنظمات.