هدى حسين

أكد رواد أعمال شباب أن البحرين تملك بيئة مناسبة لريادة الأعمال وينقصها التنسيق بين المؤسسات الحكومية. فيما لفت رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينيين علي المولاني إلى ضرورة توظيف المشاريع الناجحة لتصل إلى العالمية عن طريق التجارة الإلكترونية.

وأوضح رواد الأعمال أن الفرص كثيرة أمام الشباب البحريني، مؤكدين في الوقت نفسه ضعف استغلال هذه الفرص بالنسبة لشباب وقلة معرفتهم بها.



وتعد ريادة الأعمال اليوم أسلوباً لتحويل الأفكار إلى عمل تجاري قائم على أرض الواقع، مروراً بكل مراحل التأسيس والنمو والتمويل بطريقة فعالة وغير تقليدية، مع الحرص على الاستمرارية، بغية الحصول على ربح وتحقيق الاستقلال المالي، للمساهمة في دفع عجلة التقدم الاقتصادي، وتعزيز روح ريادة الأعمال وإلهام الابتكار في جميع القطاعات الاقتصادية، تماشيًا مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030.

الشاب علي جعفر حسين قال "لا أعتقد بأن السوق البحرينية تشجع على الإبداع، فهي تهتم بالمادة بالدرجة الأولى، ثم الجودة لاحقاً".

وأوضح "الشاب البحريني يبحث عن العمل المريح سواء كان عاماً أم خاصاً. أولوية الجودة قد تكون مهمشة بسبب عدم وجود محفزات، فالسوق تسيطر عليها العمالة الأجنبية".

فيما قالت الشابة فاطمة هاشم إن "تراجع إقبال الشباب على ريادة الأعمال يعود إلى عدم وجود جهات تشجيعية أو استشارية لاحتضان المواهب الحقيقية وأصحاب الأفكار المبتكرة".

وأضافت "يجب العمل على توفير بيئة ملائمة لتطوير المفاهيم لدى الشباب حول ريادة الأعمال ومعرفة وضع الاقتصاد المحلي وتنمية قدراتهم في مختلف المجالات ليكونوا شركاء حقيقيين في مسيرة التنمية وتطور عجلة الاقتصاد في المملكة".

في حين قالت الشابة ليلى السعيد مصممة المجوهرات إن "هناك فرصاً كثيرة أمام الشباب لريادة الأعمال في السوق البحرينية لكن ضعف استغلال هذه الفرص من الشباب ساهم في الحد منها".

وأضافت "تغير مفهوم الوظيفة من التقليدية إلى الإبداعية، أنا شخصياً أدركت كيف يكون العمل بعمر الشباب دؤوباً وجميلاً بالسعي المتواصل".

وعن التحديات، قالت السعيد "أكثر ما يواجهني عدم توافر الميزانية"، مناشدة الجهات المعنية دعم الشباب حتى يصلوا إلى العالمية.

هكذا نجحنا

وقال محمود مرزوق صاحب استوديو لتصوير الأعراس يضم 8 موظفين بحرينيين إن "الشباب البحريني يمتلكون طاقة جبارة لكنهم بحاجة ماسة إلى جهة لاحتضانهم".

وأضاف "بما أنني بدأت مشروعي من الصفر فأحس تماماً بالشباب اليوم والصعوبات التي يواجهونها، حيث عشت مراحلي الابتدائية والإعدادية والثانوية بوضع مادي سيئ لكني كنت في مهمة لا بد أن أنتهي منها وهي الدراسة. بعدها لم أنتظر الوظيفة، فصنعت مستقبلي بيدي لأغير وضعي المادي. كنت في البداية أصور بالمجان فقط لأصنع اسماً في السوق وواجهت تحديات كثيرة حتى استطعت أن أكون عملاء".

وأضاف "السوق البحرينية صعبة في جميع المجالات، وهناك تنافس قوي بين المشاريع سواء في قطاعات المطاعم أو العقارات".

وأكد مرزوق أن "ريادة الأعمال تنبع من الشخص نفسه، وتعتمد على طموحه. بعض الشباب يكتفي بوظيفته، والآخر يخلق البيئة المناسبة للانطلاق في ريادة الأعمال بفكرة خاصة مميزة ويؤمن بقدراته ويواجه المخاطر في السوق إلى حين الوصول لمبتغاه (..) لا أؤمن بأن هناك وظائف تقليدية وأخرى إبداعية، فهناك مثلاً مدرسون ينظرون إلى عملهم كهواية ويبدعون في المجال، رغم أنها وظيفة تقليدية. الأمر يعتمد على الشخص نفسه".

واعتبر مرزوق أن الفكرة السائدة "الوظيفة الحكومية أفضل وراتبها أعلى من القطاع الخاص" انتهت بعد كل هذه التطورات والمفاهيم والأفكار الجديدة.

وأضاف "يجب على رائد الأعمال استغلال الفرص من غير تردد أو خوف. وأن يرى نفسه أمام سلم للصعود فيصعد خطوة خطوة".

وقال رائد الأعمال والاقتصادي حازم الجناحي "لننهض بقطاع ريادة الأعمال يجب الانتباه إلى أربعة محاور، الأول المجتمع لأنه يلعب دوراً كبيراً، بحيث يجب أن يكون المجتمع حاضناً ويدعم الأفكار الريادية. والثاني هو الأسرة، إذ يجب على الأسرة تمنية قدرات الشباب. والثالث الحكومة التي تقوم بواجباتها وتطور التشريعات والأنظمة، وأخيراً الشخص نفسه فلا بد أن يكون فرداً مستقلاً ولا يعتمد على أي أطراف أخرى".

وأوضح أن "البحرين لديها بيئة مناسبة لريادة الأعمال تطورت منذ العام 2007 منذ تأسيس منظومة "تمكين" كأول خطوة لإنعاش ريادة الأعمال، أما الخطوة الثانية فجاءت بتسهيل الإجراءات الرسمية وتسهيل منح التراخيص وفتح السجلات التجارية والافتراضية، إذ يمكن لأصحاب المشاريع المنتجة أن يطلقوا تجارتهم من المنزل. ما ينقصنا اليوم هو التنسيق بين المؤسسات الحكومية، ونتوقع أن يتحسن الأمر في القريب العاجل".

ولفت الجناحي إلى أن سوق البحرين بيئة شديدة التنافسية بين رواد الأعمال، وشعب البحرين حساس من ناحية الذوق والجودة والخدمة، ولا ننسى أننا نحن في طور الثورة الصناعية الرابعة التي ستمكننا من تأسيس المشاريع من المنزل وسننطلق إلى العالمية. وأنصح الشباب دائماً أن يؤسسوا مشاريعهم في البحرين ويستفيدوا من المميزات الموجودة فيها، واستهداف البلد أولاً والخليج ثانياً وصولاً إلى استهداف العالم. فالشاب اليوم ليسوا بحاجة إلى دراسة أكاديمية، إنما بحاجة إلى احتضانهم من قبل التجار ورواد الأعمال وتقديم النصح والإرشاد".

وعن التحديات، قال الجناحي "التنسيق بين الدوائر الحكومية، وشح التمويل الرأس مالي، كما نفتقر لمؤسسة قادرة على إيصال صوت الشباب الريادي إلى المسؤولين".

لدينا قوانين متطورة

فيما رأى رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينيين علي المولاني أن "في البحرين كثيراً من الفرص التي يمكن أن يستغلها الشباب وصغار التجار، لأن البحرين متنوعة ومنفتحة وتحوي جميع القطاعات بأنواعها، إضافة إلى أن البحرين شابة ديموغرافيا، وتوجد بيئة داعمة لريادة الأعمال مثل "تمكين" تقدم فرصاً كثيرة".

وعن التسهيلات، قال المولاني "اليوم في المملكة من السهل استخراج السجل التجاري والتراخيص، ومن السهل الحصول على محلات تجارية ومكاتب للقيام بالأعمال، والتكلفة العامة للموظفين أقل بكثير من الخارج ، هذه المعطيات جميعها تدل على أن هناك بيئة تنافسية تشجيعية على ريادة الأعمال في البحرين".

وأضاف "السوق اليوم تستوعب الشباب الجدد ورواد الأعمال الشباب. ويجب على الجيل الجديد أن ينظر إلى الإقليم والعالم كله وليس فقط للبحرين، لأن لدينا سوق التجارة الإلكترونية. ولا يوجد في البحرين قوانين تحد أو تمنع التجارة الالكترونية. نحن اليوم نتكلم عن 4.30 مليار دولار الناتج المحلي للمملكة، نحن نسبياً صغار كحجم اقتصاد، لكننا نرى مشاريع ناجحة اليوم في البحرين، فيجب استغلال هذه المشاريع الناجحة في البحرين لتصل إلى الخليج والعالم عن طريق التجارة الإلكترونية".

وقال المولاني "هناك شباب ينتكسون ويفشلون، فيصابون بردة فعل قوية ويقررون عدم المواصلة، وهذا خطأ، لأن الرواد الأعمال الكبار والتجار يفشلون بدل المرة عشرة، ويتعلمون من أخطائهم ويبنون عليها، ويصبحون أكثر خبرة في كل مرة يفشلون فيها، وبعد فترة يفهمون السوق بشكل أعمق، وبالإصرار والعزيمة يصبحون من أكبر التجار. لا يوجد رجل أعمال وصل إلى ما وصل عليه إلا بعد تكرار الفشل وتخطي العثرات، وهناك قانون إعادة التنظيم والإفلاس يسمح للمؤسسة أن تستمر في العمل لفترة إلى أن تخرج من الحماية تحت قانون الإفلاس وتقف مرة أخرى على رجليها. هذه القوانين متطورة ولا يوجد مثيل لها في الخارج".

وعند دور الجمعية في دعم رواد الأعمال الشباب، قال المولاني "نعمل على توعية المجتمع عموماً والشباب خصوصاً عن الأمور الاقتصادية ونسلط الضوء على أهم المستجدات. ننظم فعاليات ومحاضرات فيحضر رواد الأعمال وصناع القرار، ويحصل رائد الأعمال الشاب على فرصة لقاء رواد الأعمال والتجار وأخذ الاستشارات والنصيحة والتركيز على اقتناص الفرص الصحيحة. ربما لا يوجد دعم مباشر لهم لكننا نقدم لهم نظرة أعمق لاقتصاد البحرين وكيفية استغلاله".