حَسَمَتْ «المدام» قبل أيام حيرتها بشكل صارم فيما يخص مسألة تقاعدها من القطاع العام؛ فهي قررت التقاعد من عملها الحكومي على الرغم من استقرارها فيه، وحبها وشغفها بعملها الحالي، وعلى الرغم من أنها لم تكمل نصاب سنوات الخدمة، فإذا تقاعدت اليوم فهذا يعني أنها سوف تخسر كثيراً من الامتيازات الحالية، لكنه الخوف من المجهول!

ما يساهم في هروب أو طرد الكفاءات البحرينية مبكراً من القطاع العام هو التصريحات والتخويفات من طرف الجهات المسؤولة في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وتحديداً التصريح المتكرر لرئيسها السيدة إيمان المرباطي، بأن أوضاع صناديق التقاعد في خطر، وأنه يجب تنفيذ التوصيات العشر الموجعة التي قدمها مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لمجلس النواب، للحفاظ على ديمومتها.

هذه التصريحات الساخنة دفعت وستدفع آلاف الموظفين الأكفاء للنفاذ بجلدهم والهروب من مكاتبهم وأماكن عملهم إلى حيث التقاعد، وذلك خوفاً من خسران كافة الامتيازات التقاعدية الحالية لو تم تطبيق بقية التوصيات، وهذا يرشدنا إلى عدم مراعاة التوقيت لهذه التصريحات «الطاردة». نعم، نحن لا نريد أن نخفي المستور في حال أوضاع الصناديق التقاعدية، لكن في ذات الوقت فإن التخويف بهذه الطريقة الغريبة سيُخلي في القريب العاجل ويُفْرِغ كل المكاتب الحكومية من الموظفين الذين هم عماد العمل الحكومي الحالي.

في لقائنا الأخير المثمر بمعالي رئيس مجلس النواب السيدة فوزية بنت عبدالله زينل، والذي نظمه مجلس النواب مشكوراً، تم مناقشة أهم الملفات الحساسة في البحرين خلال المرحلة الحالية والمقبلة. إذ تعرض بعض الزملاء الأعزاء، وأخص بالذكر الزميل الأستاذ «هشام الزياني» لملف التقاعد وأهمية تبني مجلس النواب لهذا الملف الذي وصفه «بالخطير جداً»، خلال المرحلة المقبلة، حيث إن ملف التقاعد يعد من أولويات الملفات الوطنية على الإطلاق، والتي يجب معالجتها دون المساس بامتيازات المتقاعدين المتواضعة أصلاً.

اليوم يجب على الجميع أن يعمل جاهداً على رسم الحلول والإستراتيجيات لإنقاذ الصناديق التقاعدية قبل فوات الأوان، حتى تبقى الكفاءات البحرينية من ذوي الخبرة والعطاء والاجتهاد في أماكن عملها داخل المباني الحكومية، قبل أن ننصدم بعد أيام بخلوها منهم، وهذا أخطر ما يهدد جودة وسلامة العمل الحكومي.