ملخص ظاهر موقف النظام الإيراني فيما يخص مقتل قاسم سليماني قبل عام هو ما جاء على لسان علي خامنئي قبل حين وهو أن «الانتقام حتمي، وفي أي زمان ممكن.. وسيتم الانتقام ممن أمر، ونفذ اغتياله»، لكن باطن موقف النظام ومرشده مختلف، والسبب بسيط وهو أن هذا النظام دون القدرة على مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل ومختلف الدول التي تتخذ منه موقفاً وتعتبر أن في غياب سليماني مصلحة للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم.

كل ما فعله ويفعله النظام الإيراني منذ مقتل سليماني يصنف في باب امتصاص الغضب الشعبي والقول إنه لم يتخاذل ولم يجبن وإنه ستأتي اللحظة التي يسمع فيها خبر الانتقام. دليل هذا كثير مما جاء في المقابلة التي أجرتها قناة «الميادين» الممولة من قبل النظام مع أمين عام حزبه في لبنان والتي امتدت أربع ساعات وعمد خلالها إلى تبييض صفحة النظام وتهدئة الشعب الإيراني بالتأكيد أن لحظة الانتقام آتية لا محالة وإن الأمور لا تتم بطريقة قتل شخص مقابل قتل شخص وإن هناك طرقاً أخرى. ولم يتردد عن القول إن النظام الإيراني سينهي الوجود الأمريكي في المنطقة!

ولكن لأن الشعب الإيراني صار يعرف كل أساليب النظام المستولي على الحكم في إيران والمروجين والمطبلين له والمستفيدين منه لذا لا تنطلي مثل هذه الحيل عليه، وخصوصاً أن ما يروج له النظام وأتباعه لا يستقيم مع المنطق، حيث المنطق يقول إنه لا توجد مقارنة بين قوة النظام وحجم تسلحه وقوة وتسلح الولايات المتحدة وإسرائيل؛ فالميزان لا يميل للنظام إلا في حالة اعتماد معيار الكلام وتوجيه التهديدات والتوعد بالانتقام.

النظام الإيراني يدرك جيداً أنه قابل للغياب عن الوجود في غمضة عين لو أنه اتخذ قراراً بقتل أي أمريكي في أي مكان من العالم، ولهذا يحذر ارتكاب مثل هذه الحماقة ويستمر في خداع الشعب الإيراني بالتوعد بالانتقام لسليماني ومن سيقتل بعده.