في وسط هذه الزيارات المكوكية التي يقوم فيها قادة مجلس التعاون الخليجي إلى بعض دول العالم والقيام بصفقات عسكرية واقتصادية، فهي تسعى لخلق وحدة الكلمة والمصير والاستعداد لما هو قادم، ولعل ذلك مبشر لشعوب المنطقة في توحيد الصف تجاه المخاطر المقبلة وعلى رأسها إيران، غير أن اللافت والذي ينظر إلى الخارطة الخليجية يشاهد مدى تصاعد وتيرة العلاقة البحرينية القطرية رغم توقيع اتفاق العلا.

ففي العلاقات الدولية وحسب أعرافها فأنها متكيفة على المصالح العليا للبلاد، لكن هل البحرين تكن العداء لقطر لدرجة بأنها ترفض الجلوس أم العكس؟ المسألة لا تكمن في هذا الاتجاه وحتى نفهم طبيعة الخلاف البحريني القطري الحالي، فهو مبني على مشكلة أساسية لدى النظام الحاكم بقطر يتمثل بالصورة النمطية للبحرين التي رسمها القادة القطريون بأن وجود المنامة يكشف أصل عائلة آل ثاني في تولي حكم شبة الجزيرة القطرية، وأنهم يريدون قدر المستطاع طمس تاريخ البحرين وبالتحديد عائلة آل خليفة الكرام، وهذا السبب الرئيس الذي يجعل قطر ترفض الجلوس مع مملكة البحرين على طاولة لحل الملفات العالقة وفق اتفاق العلا.

غير أن مملكة البحرين تنظر لقطر بأنها دولة شقيقة ويجمع الشعبين علاقات قرابة وصلة ونسب ودم، فالبحرين أي خطوة نحو التصالح فأنها ستبادر وستفتح أجوائها ومعابرها للأخوة في قطر والدليل الدعوات البحرينية المتكررة للجلوس على الطاولة لتنفيذ بنود اتفاق العلا، إلا أن عدم التزام الدوحة بذلك هو الشيء الذي يحول دون الرجوع إلى العلاقات الدبلوماسية، فلا زالت الماكينة الإعلامية القطرية قناة «الجزيرة» وأتباعها يهاجمون البحرين والتحريض العلني ودعم الإرهابيين المطلوبين، إضافة إلى المضايقات القطرية تجاه البحارة البحرينيين، وغيرها من الملفات لا زالت مستمرة وهي تؤثر على أمن واستقرار البلاد.

خلاصة الموضوع، أن مملكة البحرين ستقف كل خطر يهدد أمنها واستقرارها وأنها واضحة مع الدوحة، فدعم الكيانات الإرهابية والتحريض العلني ضد المنامة سيتم مواجهته بحزم، فإن التصالح مع قطر يتطلب التزاماً من الدوحة يشاهد على أرض الواقع ليس كاتفاق الرياض الذي انتهكته قطر، فالبحرين «لا تلدغ من جحر مرتين».