يضم قطعاً نادرة من آثار البحرينفي متحف اللوفر بالعاصمة الفرنسية باريس، سيكون الجمهور الفرنسي والعالمي غداً الأربعاء الموافق 5 أكتوبر 2022م على موعد مع افتتاح معرض "من تايلوس إلى البحرين: رحلة أثرية حول مملكة البحرين".إن هذا المعرض هو عبارة عن إعارة من متاحف البحرين إلى متحف اللوفر لمدة خمس سنوات، وهو ثمرة للتعاون الوثيق ما بين متحف اللوفر وهيئة البحرين للثقافة والآثار في ظل الاتفاقية التي تم توقيعها ما بين المؤسستين كجزء من الزيارة التاريخية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظّم حفظه الله ورعاه إلى العاصمة الفرنسية باريس عام 2019 .ويقدّم معرض "من دلمون إلى تايلوس: رحلة أثرية حول مملكة البحرين" فرصة الاطلاع والتعرف على ماضي البحرين القديم وإرثها الاستثنائي والمتنوّع من خلال أكثر من 70 قطعة أثرية، من ضمن اتّفاق الإعارة إضافة إلى قطع أخرى من قسم الشرق الأدنى بمتحف اللوفر، وتحكي كلها بشكل متكامل قصة الحضارات المتعاقبة على مملكة البحرين ما بين العصر البرونزي قبل أكثر من 4000 عام وحتى بداية الألفية الأولى بعد الميلاد. وتكشف هذه القطع الكثير حول الممارسات الاجتماعية والعلاقات السياسية والثقافية ما بين سكّان البحرين قديماً والحضارات الأخرى من حولها.البداية من دلمون أرض الخلوديبدأ التسلسل الزمني للمعرض من حضارة دلمون المتأخرة التي تعود إلى حوالي 2500 عام قبل الميلاد، حيث يلقي الضوء على العوامل الهامة التي ساهمت في استحواذ هذه الحضارة على أهمية استراتيجية بين الحضارات التي ازدهرت في عُمان، وادي السند وبلاد ما بين النهرين، حيث يصف المعرض دلمون بأنها أصبحت "مستودعاً لمنطقة الخليج وتقاطعاً للبحّارة الراغبين في التجارة" بفضل موقعها الجغرافي المثالي ما بين البلاد الغنية بالمواد الغذائية والمعادن الثمينة.ويؤكد المعرض كذلك على تميز البحرين بخلجانها المحصّنة وينابيع المياه العذبة الكثيرة المنتشرة في البر والبحر، لتصبح بذلك محطّات تزويد للرحلات ما بين حضارة بلاد الرافدين ووادي السند وماجان في عمان وغيرها.ويمكّن المعرض الزوّار من التعرف عن قرب على العادات والطقوس الجنائزية التي سادت دلمون المتأخرة، والتي ساهمت في ظهور تلال الدفن الشهيرة والتي تم تسجيلها على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو باسم "مدافن دلمون الأثرية" ويصل عددها اليوم إلى أكثر من 8000 آلاف، إذ تعكس هذه التلال تعدد الطبقات الاجتماعية في دلمون، إضافة إلى احتوائها على دلائل قوية، من قطع فخارية وأحجار وأوعية حجرية، تشير إلى وجود طقوس دفن معقدة في دلمون وعلاقات تجارية مع البلدان المجاورة.حضارة بلاد الرافدين ودلمونيلفت المعرض النظر إلى ظهور اسم دلمون في العديد من الوثائق الرسمية والإدارية والنصوص الأسطورية لبلاد الرافدين، حيث تصوّر هذه النصوص دلمون كبلاد خصبة وغنية وتؤكد أنها أصبحت شريكاً تجارياً رئيسياً لحضارة ما بين النهرين ومصدرها للعديد من المواد كالنحاس والخشب الأحمر والقصدير والأحجار الكريمة. ومن أمثلة هذه النصوص التي قدّمها المعرض لوحة أور-نانشي الشهيرة التي تتحدث عن المعابد التي تم بناؤها باستخدام أخشاب من دلمون.ومن بين القطع الهامة التي يكشف عنها معرض "من تايلوس إلى دلمون"، وعاء الأفعى الذي وجدت منه 50 قطعة في موقع قلعة البحرين المسجل على قائمة التراث العالمي للونيسكو، إذ تؤكد هذه الأوعية تأثر المجتمع في دلمون في فترة لاحقة بثقافة بلاد ما بين النهرين. فمن بعد صعودها القوي، خسرت دلمون استقلالها في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد وسقطت تحت حكم مملكة الكيشيّن البابلية (العراق في العصر الحالي) ويدل على ذلك العدد الكبير من ألواح الكتابة المسمارية التي وجدت في موقع قلعة البحرين. وبعد عدة قرون، وفي الفترة الآشورية الحديثة (القرن التاسع إلى السابع قبل الميلاد)، ظهرت دلمون مجدداً كمملكة صغيرة تدين بولائها لملك الآشوريين ساراجون وكانت تدفع له ضريبة.البحرين في عصر تايلوسيقدّم معرض "من تايلوس إلى البحرين: رحلة أثرية حول مملكة البحرين" عدداً من القطع الأثرية، التي تم اكتشافها في مواقع مثل الشاخورة وأبوصيبع وسار ومدينة حمد، كشواهد القبورو الأوعية الزجاجية والمجوهرات واللؤلؤ، والتي تعطي فكرة حول حقبة تايلوس. ففي أعقاب غزو الإسكندر الأكبر للشرق الأوسط، وقعت البحرين تحت حكم الإمبراطورية السلوقية، حوالي 300 قبل الميلاد. واحتفظت البحرين في تلك الفترة بموقعها في قلب خطوط التجارة الإقليمية وظهرت فيها العملات النقدية واحتفظت بشهرتها كموطن لمصايد اللؤلؤ التي وصلت لآلئها إلى أسواق روما.هذا المعرض من جديد على متانة العلاقات الثقافية التي تمتّعت بها مملكة البحرين مع الجمهورية الفرنسية، حيث ساهمت البعثية الأثرية الفرنسية في الكشف عن الكنوز الحضارية في المملكة وتقوم البعثة، ومنذ العام 2017، بعمليات تنقيب في هذا موقع أبوصيبع الذي يضم مقبرة من حقبة تايلوس (50 ق.م - 150م) وقد استلم متحف اللوفر دور قيادة هذه العملية في عام 2022. وتشهد عيّنات المرفقات الجنائزية التي وجدت مع الموتى في هذا الموقع، والتي تم تضمين بعضها في الإعارة من متاحف البحرين إلى متحف اللوفر، على فترة من ازدهار كبير شهدته جزيرة البحرين-تايلوس في تلك الحقبة.وإضافة إلى الأختام الدلمونية، شواهد القبور من عصر تايلوس، يقدّم المعرض قطعاً فريدة من كل متحف البحرين الوطني وقسم الشرق الأدنى بمتحف اللوفر، كاللوحات المسمارية التجارية التي تتحدث عن مكانة دلمون التجارية والسياسية، أوعية الأحجار والفخّار التي تم استخدامها في التجارة وفي الطقوس الجنائزية. إضافة إلى التماثيل الصغيرة الأباريق، الصحون، الكؤوس وأشرطة الفم والعيون الذهبية.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90