بقلم: إجلال عيسى بوبشيت
تحتفل مملكة البحرين يوم الرابع من فبراير من كل عام بيوم البيئة الوطني، سعياً منها لرفع مستوى الوعي البيئي وتعزيز الدور المجتمعي متمثلاً في المواطن والمؤسسات باختلاف نشاطاتها لحماية البيئة والحد من الأضرار التي تهدد استدامة الموارد الطبيعية.
والجدير بالذكر أن في مثل هذا اليوم من تسعينيات القرن الماضي، قام المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، بزيارة لجزر حوار في موسم الفقع بعد تساقط الأمطار، وبذلك وتخليدًا لهذا اليوم وهذه الزيارة أصبح الرابع من فبراير يومًا يُحتفى فيه بالبيئة.
وقد أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، حرص مملكة البحرين على دعم الجهود الدولية في مواجهة التغيرات المناخية حيث أكدت كلمته السامية في افتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب اهتمام جلالته بمتابعة ما يصدر من قرارات وتوصيات أممية لمؤتمرات المناخ والإسهام في تحقيق أهدافها لعودة التوازن البيئي واستدامة الموارد الطبيعية وعدالة الحصول عليها.
إن ما تقوم به مملكة البحرين متمثلةً في المجلس الأعلى للبيئة وشركائه في القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني بالشأن البيئي، من إرساء قواعد ثابتة من شأنها بلوغ أهداف التنمية المستدامة على مدى سنوات من العمل المتواصل، نتج عنه توقيع العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية يعود تاريخها إلى عقود مضت. وتضمنت في مجملها التعاون على الحد من الملوثات البيئية بمختلف أنواعها وحماية طبقة الأوزون والحياة الفطرية والتنوع الحيوي.
ومن أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ وما تبعتها من بروتوكولات كان آخرها التصديق على اتفاق باريس 2016م بشأن تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة، وقد وضعت خارطة طريق للوصول إلى خفض الانبعاثات بنسبة 30% بحلول عام 2035م، والتي أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله أثناء مشاركة مملكة البحرين في مؤتمر تغير المناخ" COP26" الذي عُقد في المملكة المتحدة عام 2021م، كما أعلن سموه عن نية البحرين في الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2060م. ويعتبر فوز مملكة البحرين برئاسة اجتماع الأطراف 34 لبروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون في نوفمبر 2022م إنجازاً يضاف إلى إنجازات مجلس الوزراء الموقر ودليلاً على الثقة الدولية لمكانة مملكة البحرين.
وقد أولت مملكة البحرين موضوع تغير المناخ جل اهتمامها حيث أعدت هيئة الطاقة المستدامة أول خطة عمل وطنية لكفاءة الطاقة في البحرين والتي وافق عليها مجلس الوزراء في 2017م. هذه الخطة تُعد ترجمة فعلية لجهود المملكة في سبيل تحقيق انتقال الطاقة المستدامة المتوخى في الرؤية الاقتصادية 2030. كما تمثل الخطة تنفيذ الالتزامات الدولية على المملكة بموجب اتفاقية باريس، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى الالتزام بإطار جامعة الدول العربية للطاقة المتجددة.
وحددت الخطة هدفاً وطنياً رئيساً وهو الوصول لكفاءة الطاقة بنسبة 6٪ بحلول عام 2025م. واقترحت ما مجموعه 22 مبادرة لتحقيق هذا الهدف. وتغطي هذه المبادرات جميع قطاعات الاقتصاد وتستهدف تحسين الكفاءة في كل من العرض والطلب على الطاقة. ومن أهم المبادرات والمشاريع المقترحة من قبل هيئة الطاقة المستدامة: إزالة الكربون من مصادر الطاقة ومضاعفة مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة أشجار نبات القرم، وتشجيع الاستثمار المباشر في تقنيات احتجاز الكربون وتكوين مزيج الطاقة المتجددة المقترح من الطاقة الشمسية والرياح وتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة. وقد تم بالفعل العمل على وتنفيذ المشاريع الآتية:
- وضع البرنامج الرقابي على منتجات الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل والعمل على تنفيذ مشروع منع استخدامها.
- تركيب أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح 8 مدارس حكومية.
- إنشاء مصانع للألواح الشمسية.
- تطوير نظام شهادات الطاقة المتجددة لرصد كمية الطاقة المنتجة من قبل منصة إلكترونية تابعة لهيئة الطاقة المستدامة.
- وضع استراتيجية وطنية لدمج المركبات الكهربائية ضمن منظومة التنقل في البحرين
- مشروع تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في حلبة البحرين الدولية.
- مبادرة ربط المباني الحكومية بشبكة التبريد المركزي.
- الاعتماد على الطاقة الشمسية في إنارة الحدائق والسواحل والملاعب.
- مشروع تركيب أنظمة الطاقة الشمسية على الجسر الرابع المزمع تشييده لربط جزيرة المحرق بالمنامة.
والجدير بالذكر أن تفضل عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه بالمصادقة وإصدار القانون رقم (7) لسنة 2022م بشأن البيئة، يُعد خطوة متقدمة تنقل خطط العمل إلى مراحل الإنجاز ويُسهم إلى حد بعيد في مواجهة التحديات. كما يعكس التعاون المثمر بين المجلس الأعلى للبيئة والسلطة التشريعية والحكومة، كون يهدف القانون لحماية البيئة من شتى مصادر التلوث والمحافظة على الموارد الطبيعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويعد انطلاق النسخة الأولى من منتدى الشرق الأوسط للاستدامة في الشهر الماضي في البحرين تحت عنون تحول الأعمال للحياد الكربوني الصفري – الطريق نحو مستقبل ناجح منخفض الكربون بمشاركة أكثر من 400 صانع قرار ونخبة من خبراء الطاقة، مؤشراً واضحاً على أهمية مشاركة القطاع الخاص في إيجاد الحلول العلمية لخفض الانبعاثات الكربونية. كما يعتبر هذا المنتدى فرصة لتضافر الجهود لنشر الوعي البيئي وتحفيز جميع الأطراف المشاركة نحو تقديم نماذج عملية قابلة للتنفيذ تمهيداً لمؤتمر تغير المناخ COP28 الذي ستستضيفه الشقيقة الإمارات ديسمبر هذا العام.
إن الإنجازات التي حققتها المملكة في مجال الحفاظ على البيئة والطاقة المستدامة لهو مدعاة للفخر والتي لم تكن لتتحقق لولا توجيهات صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه ورؤيته الثاقبة ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله خطوة بخطوة لتنفيذ رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030.