سيد حسين القصاب

ناقش مجلس الشورى تقرير لجنة الخدمات حول مشروع قانون بإصدار قانون المؤسسات التعليمية الخاصة، المرافق للمرسوم رقم 60 لسنة 2025، وذلك بحضور وزير التربية والتعليم د. محمد جمعة، وعدد من مديري المؤسسات التعليمية الخاصة ورياض الأطفال. وينظم المشروع 374 مدرسة ومؤسسة ومعهداً خاصاً في البحرين، وقرر المجلس في ختام المناقشات الموافقة على مشروع القانون من حيث المبدأ، وتأجيل التصويت على مواده إلى جلسة لاحقة.

في هذا السياق، أكدت مقررة اللجنة، لينا قاسم، أن مشروع القانون يهدف إلى تنظيم العملية التعليمية في المؤسسات التعليمية الخاصة، بما يضمن اتساقها مع السياسات التعليمية الوطنية، وتوفير نظام تعليمي عالي الجودة يُسهم في بناء شخصية الطفل والطالب بصورة متكاملة، إلى جانب تعزيز كفاءة المخرجات التعليمية واستدامتها، وتحسين حوكمة هذه المؤسسات، من خلال تنظيم الترخيص والإدارة والرقابة، وتشجيع الاستثمار المسؤول في قطاع التعليم، بما يحقق التوازن بين المصلحة العامة وضمان حقوق المستثمرين.

وأوضحت أن مشروع القانون يُحدّث الإطار التشريعي المنظم لقطاع التعليم الخاص ويواكب مستجداته، ويفصل تنظيم المؤسسات التعليمية الخاصة عن المؤسسات التدريبية الخاصة، كما يوسع نطاق المؤسسات الخاضعة لرقابة وزارة التربية والتعليم، ويعزز صلاحيات الوزارة في الإشراف والمتابعة، بما يكفل ضبط جودة العملية التعليمية.

وبيّنت المقررة أن مشروع القانون يسعى إلى ترسيخ مبدأ الردع العام من خلال تشديد الجزاءات الإدارية والجنائية مقارنة بالقانون النافذ، بما يحد من المخالفات ويمنع تكرارها، ويحمي البيئة التعليمية من أي تجاوزات أو إخلال بالمعايير المعتمدة، مشيرة إلى أن النص الحالي يعتمد على جزاءات محدودة لا تراعي تفاوت المخالفات، في حين جاء المشروع بمنظومة جزاءات متدرجة تتيح للوزارة اتخاذ الإجراء المناسب وفق جسامة المخالفة وخطورتها.

من جانبها، أكدت رئيسة لجنة الخدمات، د. جميلة السلمان، أن قطاع التعليم الخاص في مملكة البحرين يشهد توسعاً ملحوظاً يعكس حجم المسؤولية التشريعية والتنظيمية الملقاة على عاتق الجهات المعنية، موضحةً أن عدد المؤسسات التعليمية الخاصة الخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم يبلغ 82 مدرسة خاصة، إلى جانب 275 مؤسسة للتعليم المبكر، و17 معهداً تعليمياً، مقابل 208 مدارس حكومية. وأشارت إلى أن هذه الأرقام تعكس الوزن الحقيقي للتعليم الخاص ضمن المنظومة التعليمية الوطنية.

وأضافت أن الإحصاءات تُظهر أن نحو 40% من الطلبة يتلقون تعليمهم في المدارس الخاصة، بواقع 90 ألف طالب، إلى جانب 154 ألف طالب في المدارس الحكومية، فضلاً عن 21 ألف طفل ملتحقين بمؤسسات التعليم المبكر، مع تسجيل نسبة استمرارية بلغت 96% في المدارس الخاصة، ونسبة التحاق كاملة (100%) للأطفال بمؤسسات التعليم المبكر، مؤكدةً أن هذه المؤشرات تستدعي إطاراً تشريعياً متكاملاً يضمن جودة التعليم، وحماية حقوق الطلبة، وتعزيز الرقابة، وتحقيق التوازن بين التطور التعليمي والاستثمار المسؤول في هذا القطاع الحيوي.

وأكدت د. جميلة السلمان أن مشروع قانون تنظيم المؤسسات التعليمية الخاصة جاء في توقيت مهم، في ظل التوسع الكبير في أعداد المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة وارتفاع نسبة الطلبة الملتحقين بها، مشددة على أن التعليم الخاص يشكل ركيزة أساسية في المنظومة التعليمية الوطنية، ما يستوجب إطاراً تشريعياً واضحاً ومتكاملاً يواكب النمو والتطور.

وأوضحت أن مشروع القانون جاء استجابة لواقع عملي فرضته مخالفات رُصدت في عدد من المؤسسات التعليمية الخاصة، تمس حقوق الطلبة والبيئة التعليمية والسلامة، مؤكدة أن الهدف يتمثل في تعزيز الرقابة وقياس الأثر التشريعي، وردع المخالفات وتصحيح المسار دون الإخلال بالعملية التعليمية، من خلال توحيد الإشراف، وتنظيم الرسوم الدراسية، ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحسين جودة التعليم ورفع تنافسيته، بما يخدم البيئة الاستثمارية التعليمية في المملكة.

من جهته، أكد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى، جمال فخرو، أن مشروع القانون ينظم مستقبل قطاع التعليم الخاص بعد عقود من غياب المراجعة الشاملة للتشريعات، في ظل التغيرات القانونية والاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، مشيراً إلى أن التأخر في تحديث القوانين أسهم في إيجاد فجوة بين النصوص التشريعية وواقع المدارس الخاصة، ما يستدعي مراجعات دورية تواكب احتياجات المجتمع وتحولات التعليم.

وأضاف جمال فخرو أن مشروع القانون يضع إطاراً واضحاً لتنظيم العملية التعليمية وتعزيز الرقابة، مؤكداً أهمية تطبيق الجزاءات والغرامات بدقة وتوازن، لاسيما فيما يتعلق برياض الأطفال والمؤسسات التعليمية الصغيرة، بما يحفظ مصلحة الطلبة، ويضمن حماية الأطفال، وتنظيم الاستثمار التعليمي دون الإضرار بالعملية التعليمية.

بدورها، ذكرت النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى، د. جهاد الفاضل أن تنظيم قطاع التعليم الخاص يُعد تشريعًا مهنيًا متقدمًا، لافتة إلى أن آخر تعديل على قانون التعليم الخاص يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، في وقت يشهد فيه القطاع نمواً كبيراً، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نحو ثلث طلبة مملكة البحرين يتلقون تعليمهم في مؤسسات تعليمية خاصة.

وأوضحت أن حماية الطالب، وتعزيز الحوكمة، والرقابة على المؤسسات التعليمية، وتنظيم الرسوم الدراسية، والالتزام بالمناهج التعليمية والثوابت الوطنية، تمثل أبرز مرتكزات مشروع القانون، مؤكده أن أي تعديل في الرسوم أو المناهج لن يتم إلا بموافقة وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى إقرار تشكيل مجالس أولياء الأمور في المدارس الخاصة، لما لها من دور إيجابي في تعزيز الشراكة المجتمعية.

من جانبه، أكد العضو د. محمد حسن أن قطاع التعليم الخاص في مملكة البحرين يمتد تاريخه لعقود طويلة، وأصبح مكوّناً أساسياً في المنظومة التعليمية، مشيراً إلى أن أكثر من 40% من الطلبة ملتحقون بالمدارس الخاصة، مع تجاوز عدد المؤسسات التعليمية الخاصة 80 مدرسة، إلى جانب المراكز التعليمية الأخرى، الأمر الذي يستدعي إطاراً تشريعياً متوازناً يعالج التحديات القائمة، وفي مقدمتها ارتفاع التكاليف، ويضمن جودة التعليم وحماية حقوق الطلبة.