أكد أحمد محمد المناعي الرئيس التنفيذي لمركز الاتصال الوطني "أن احتفال مملكة البحرين في الرابع عشر من فبراير من كل عام بذكرى ميثاق العمل الوطني، كوثيقة تاريخية هامة، عززت الأسس الراسخة للمملكة كدولة عصرية وديمقراطية، بنهج ملكي دستوري، وجاء كمرجع يعزز المسيرة التنموية الشاملة التي رسخها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى".
وأضاف "أن ميثاق العمل الوطني نال ثقة لافتة من البحرينيين، الذين صوتوا على اعتماده في عام 2001 بنسبة 98.41 بالمائة، ونسبة مشاركة بلغت 90.2 بالمائة، الأمر الذي يظهر التقاء إرادة القيادة والشعب على مواصلة كل السبل الرامية الى التطوير والبناء والتقدم والرفاه والاستقرار".
وأشار المناعي في مقال نشرته "مجلة البرلمان الأوروبي" الأسبوعية ومقرها بروكسل في عددها الأخير، إلى الدور الكبير الذي لعبه ميثاق العمل الوطني في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، ففي هذا العام، وفي الذكرى الثامنة عشرة للتصويت التاريخي على اعتماده تكرم مملكة البحرين الوثيقة بوصفها "ميثاق من ذهب" كناية عن أهمية الميثاق البالغة، وأثره في تقديم الإنجاز تلو الإنجاز للوطن والمواطن.
حوكمة وديمقراطية
وحول أهمية الميثاق في صناعة مستقبل البحرين الديمقراطي على الأسس الحضارية التي تسهم في التطور والازدهار يؤكد المناعي بقوله "أن الميثاق وضع مبادئ الحوكمة والشفافية والديمقراطية، فذهب إلى أهمية الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، إلى إنشاء مجلس النواب المنتخب، وتعزيز شفافية المسؤوليات الحكومية، بما في ذلك استقلال القضاء وحصانته، والتأكيد على أن الشعب هو مصدر قوة الوطن".
تعايش وتسامح
وقال "إن ميثاق العمل الوطني يذهب إلى أبعد من ذلك، فهو يحدد الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الناس في البحرين، فيضمن لهم الحريات الشخصية، كحرية المعتقدات، ويرسخ حقوقاً مثل، حرمة الملكية الشخصية والمساواة أمام القانون، ولطالما كانت البحرين ولا زالت وستبقى دولة متنوعة، ودولة التعايش والتسامح والإخاء. ولطالما كانت البحرين ولا تزال مركز مالي وتجاري محوري في المنطقة تجذب رجال المستثمرين من شتى أنحاء العالم".
وتابع "أن المسيرة التنموية الشاملة لجلالة الملك المفدى منبثقة عن رؤية للتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأن ميثاق العمل الوطني يلزم البحرين بالتنمية الاقتصادية المستدامة وتنويع مصادر الدخل الوطني، وقد تجلى ذلك في رؤية البحرين الاقتصادية 2030 وخطط برنامج عمل الحكومة المتتالية، كما يورد الميثاق أهمية الالتزام بمبادئ الاقتصاد الحر، وحرية حركة رأس المال، الامر الذي شكل عاملاً مسانداً لدعم جاذبية البحرين كمركز للاستثمارات والأعمال والتجارة، إذ تحتل المملكة المركز الثالث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال بالبنك الدولي".
تنمية وتمكين
وحول ضمانة فاعلية المؤسسات الاقتصادية الوطنية في تحريك عجلة الاقتصاد ذكر المناعي "أن قطاعات وهيئات مثل مجلس التنمية الاقتصادية، ومؤسسة "تمكين" التي تدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تساعد على دفع عجلة نمو القطاع الخاص وجذب الاستثمارات، في وقت تسمح فيه البيئة التنظيمية في البحرين بملكية أجنبية بنسبة 100 بالمائة لمعظم القطاعات، كما أن تكاليف التشغيل هي في المتوسط 30 بالمائة، أي أقل من غيرها من دول عربية".
وأوضح في مقاله "أن القطاع العام يقوم بدور مهم في تعزيز نمو اقتصاد البحرين، كما أن استراتيجية المملكة في تحويل القطاع الخاص إلى محرك رئيس للنمو والتشغيل، حققت وتحقق نتائج واضحة ومثمرة، ويأتي ذلك كله، ضمن بيئة اقتصادية آمنة ليس بالضرورة ان يكون النفط هو العمود الفقري في الإنتاج وزيادة النمو في مختلف المسارات، وقد مثلت 15.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في منتصف عام 2018، وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر 830 مليون دولار في عام 2018، في حين نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة تقدر بـ 2 بالمائة، وبلغ النمو غير النفطي 2.7 بالمائة".
حقوق وحريات
وتابع بقوله "يتم إنجاز هذا التطور الاقتصادي في البحرين في ترجمة للرؤية المستدامة المنصوص عليها في ميثاق العمل الوطني، وهي رؤية منبثقة عن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتي اعتمدتها البحرين إيماناً منها بأهميتها، ولم يترك الميثاق أي تفصيل يسعى لتعزيز نهضة المملكة إلا وأحصاه، ومن وحي تلك التفاصيل، فقد وفّر تصريح العمل المرن وهو الأول من نوعه في مجلس التعاون الخليجي المزيد من الفرص لكل من أرباب العمل والموظفين في القطاع الخاص، إذ نوهت وزارة الخارجية الأمريكية بهذا التصريح، كسبب رئيس لتقدم البحرين إلى المستوى الاول في تقريرها لعام 2018 حول الاتجار بالأشخاص".
إشعاع إقليمي ودولي
وحول نجاح الدبلوماسية البحرينية في تحقيق أهدافها على المحاور المختلفة يؤكد المناعي أن "ميثاق العمل الوطني شكّل خريطة طريق جلية وواضحة ترسم معالم الحاضر والمستقبل سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي، حيث يحدد وفقاً لذلك دور البحرين داخل مجلس التعاون الخليجي وخارجه، وقد نجحت الدبلوماسية البحرينية والتي تحتفل بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيسها هذا العام، في بناء شبكة من التحالفات والشراكات الدولية على أساس احترام سيادة الدول، وحسن الجوار وبناء جسور التفاهم".
وأضاف المناعي "في ذات الإطار ومن أجواء الاحتفال بذكرى الميثاق، سيتم تحويل معهد البحرين للدبلوماسية وبموجب مرسوم ملكي، إلى أكاديمية خاصة للدراسات الدبلوماسية، سميت باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، رائد الدبلوماسية البحرينية، وذلك تقديراً لإنجازاته الدبلوماسية، التي تحققت بفضل الرؤية المنصوص عليها في الميثاق، والذي يستمد منه توجيه سياسات البحرين لتنفيذها دائماً على أكمل وجه".
وبشأن الرؤية الاستراتيجية للدور العالمي والاقليمي للمملكة يقول الرئيس التنفيذي لمركز الاتصال الوطني "لأن مملكة البحرين تحرص على تعزيز الأمن والاستقرار وتدعيم سبل السلام في المنطقة والعالم، يلتزم الميثاق بالمبادئ الأساسية للتسوية السلمية للنزاعات، والقناعة بأن السلامين الإقليمي والعالمي هما من الأهداف الاستراتيجية الجوهرية لاستدامة التطور والاستقرار، الأمر الذي يُبرّر بذل الجهود كافة من أجل تحقيقهما، وتلتزم سياسة البحرين الخارجية كذلك بتعزيز التضامن العالمي، وتحسين الأمن البشري، كما تلتزم بميثاق الأمم المتحدة والقوانين والمعايير والقواعد الدولية".ت
وختم المناعي مقاله قائلا "برغم كل ما تحقق، بإرادة وعزيمة ومثابرة، تحرص مملكة البحرين على إحراز المزيد من الإنجازات الداعمة لمسيرة التنمية الشاملة، وإلى تحقيق الآمال والطموحات التي تعود بالنفع والإيجابية والرخاء على الوطن والمواطن، ويحق لنا أن نفاخر بما تم إحرازه من تقدم في وطننا الغالي لغاية الآن، هذا الوطن الذي يستحق منا المزيد من العطاء والخير، في ظل قيادة جلالة الملك الحكيمة المظفرة".