أكد خبراء قانون وحقوقيون أن التوجيهات السامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بشأن حماية أركان دولة القانون وإرساء سيادته مع الارتقاء بمؤسسات العدالة وخدماتها، وتطوير التشريعات التي تعزز حقوق المواطنين وأبرزها قانون العقوبات والتدابير البديلة، وضعت البحرين على خريطة الدول المتطورة التي تقدم نماذج رائدة في العدالة.

وقال أمين عام التظلمات في وزارة الداخلية المستشار نواف المعاودة إن الأمانة منذ انطلاق الاستراتيجية الخاصة بوزارة العدل لتحقيق الرؤية الملكية السامية نحو التنسيق والتعاون مع كافة الجهات المعنية بتطبيق نصوص قانون العقوبات البديلة، أبدت استعدادها للمشاركة في التعاون لتطبيق العقوبات البديلة والمشاركة في استيعاب المحكومين فيها، حيث خصصت 9 وظائف يمكن أن استبدال عقوباتهم بتلك الوظائف، وهو ما حدث بالفعل إذ استقبلت الأمانة العامة للتظلمات عدداً من المحكومين وتم استبدال عقوباتهم بالعمل في مؤسسات.

ولفت المعاودة إلى ما حرصت عليه المؤسسات العقابية بشأن المستبدلة عقوباتهم، عن طريق مراجعة الأمانة العامة للتظلمات والتحقق من التزامهم بتنفيذ الاستبدال والتواجد في مقر عملهم. وأكد أن الأمانة العامة حريصة على التعاون مع الجهات القضائية في توسعة النطاق بتوظيف أكبر عدد من الأشخاص الذين يستبدلون عقوباتهم. وقال إن البحرين تفخر بوجود سلطة قضائية قوية ومستقلة تشرف على محاكمات مدنية وجنائية واضحة ودقيقة وشفافة.

تجربة رائدة

وأشاد المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة أمين الشرقاوي بجهود البحرين بإدخال قانون العقوبات والتدابير البديلة، مشيراً إلى أن القانون جاء نتيجة التعاون الدائم مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في سياق اتفاقية إطار الشراكة الاستراتيجية التي وقعتها البحرين مع 16 منظمة أممية، يتم العمل على تحديثها حالياً، بهدف نقل مزيد من الخبرات وتطوير وبناء القدرات وتقديم المساعدة والمشورة والدعم التقني والفني، وهو ما وضع البحرين على خريطة الدول المتطورة، التي تقدم نماذج رائدة في نقل الخبرات والتجارب في مجالات متعددة ومنها العدالة الجنائية.

تعزيز لحقوق الإنسان

فيما قالت رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ماريا خوري إن البحرين تعد من أوائل الدول العربية في تطبيق العقوبات البديلة، معتبرة التطبيق خطوة مهمة من خطوات عدة ثابتة متطورة اتخذتها البحرين في مجال حقوق الإنسان، منوهة بدور المؤسسة الكبير والفعال في تعزيز ثقافة الوعي المجتمعي والمؤسسي بالقانون.

وأوضحت خوري أن الإجراءات العقابية في البحرين بنيت على قواعد احترام حقوق الإنسان ومراعاة الظروف الفردية لكل معاقب ومتابعة أحواله الصحية والنفسية والاجتماعية، استناداً وليس حصراً، على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك اتفاقية حقوق الطفل، مثمنة التوجيهات الملكية السامية في هذا الصدد والإجراءات التنفيذية من قبل الجهات المختصة بتعزيز إمكانياتها من أجل إتاحة المجال للتطبيق الفعال لأحكام قانون العقوبات البديلة.

وأضافت خوري أن العمل بالعقوبات البديلة تأكيد على اهتمام البحرين بمعايير ومبادئ حقوق الإنسان، ورافد مهم من روافد حماية وتعزيز حقوق الإنسان، والعمل على توفير الأمن والأمان في المجتمع، وترسيخ دعائم الحق والعدالة.

واعتبرت العقوبات البديلة نقلة نوعية تضمن تنوع العقوبات بما يتناسب مع الظروف الشخصية للمحكومين، وتحقق الأغراض التي أنشئت من أجلها، وتعمل على إعادة تأهيلهم وتعايشهم مع محيطهم الاجتماعي وتقديم العون والمساندة لهم.

اتجاه إصلاحي

ولفت المستشار القانوني ورئيس جمعية الحقوقيين البحرينية د.عبدالجبار الطيب إلى أن العقوبات البديلة تعتبر ضمانة لأن تكون السياسة العقابية معاصرة وتتبنى اتجاهاً إصلاحياً، عبر مجموعة من الإجراءات التي يتخذها المجتمع لمعاقبة المخالفين لقوانينه، بهدف إصلاحهم وتطبيق العقوبة الرادعة دون تنفيذها داخل أماكن محددة (السجون) بما يعزلهم عن المجتمع، خصوصاً إذا كانت خطورتهم الإجرامية بسيطة وجرائمهم بسيطة.

وأكد الطيب أن الرؤية الملكية لمفهوم العقوبات البديلة والتوجيهات السامية بضرورة تعاون كافة الجهات المعنية بتطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة، تهدف إلى ترسيخ الاستقرار المجتمعي، ومراعاة ظروف المحكومين بمنحهم سبل استئناف دورهم الإيجابي في المجتمع، وتحقيق الصالح العام، والأهداف المرجوة من العقوبة، دون المساس بحقوق المجني عليهم، وتكفل في الوقت ذاته الموازنة بين الردع في شكل العقاب وضمان الاستفادة من خبرات بعض المحكوم عليهم أو قدراتهم التي يمكن أن توظف فيما يخدم المجتمع أكثر من مجرد حجزهم في مكان مغلق لفترة معينة. وشدد على ضرورة تكاتف جميع الجهات المختصة لتمهيد الطريق لتكون البحرين مستودع خبرة في مجال العقوبات البديلة التي تراعي حقوق الإنسان وتتماشى مع المواثيق الدولية.