قالت رئيسة مجلس النواب فوزية زينل إن المرأة البحرينية عبرت من مرحلة كسب الحقوق إلى مرحلة الشراكة في بناء وتنمية مجتمعها مناصفة مع الرجل، معتبرة أن المرأة في البحرين محظوظة بأن قيادتها تؤمن بأهمية دورها وأثرها في المجتمع وهيأت أمامها كل السبل لكي تنطلق في أداء دورها ببناء وطنها، ومحظوظة أيضاً بأن شعب البحرين لديه تاريخ من الوعي الحضاري والثقافي ساعد المرأة على أن تخوض مجال العمل العام بكل ثقة واقتدار.

وقالت زينل في حوار لصحيفة الأخبار المصرية إن علاقات المحبة والأخوة والتفاهم بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية ذات طبيعة خاصة، مشيرة إلى أن "العلاقات تشهد نماء مستمراً على جميع المستويات، بفضل العلاقات المميزة التي تجمع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وفخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي".

ووصفت صحيفة "الأخبار" في مقدمة الحوار زينل بأنها "شخصية استثنائية" فهي "السيدة الوحيدة في المنطقة العربية ودول الشرق الأوسط التي وصلت إلى منصبها بالانتخاب متفوقة على اثنين من المرشحين أحدهما برلماني قديم وبأغلبية وصلت إلى 25 صوتاً من أصل 40 نائباً".

وفي ما يلي نص الحوار:

- بداية علينا أن نتوقف عند مسيرة العلاقات المصرية مع مملكة البحرين وهي ضاربة في جذور التاريخ فالبلدان صاحبا حضارة.. كيف ترين حاضر ومستقبل العلاقات بين البلدين في ظل العلاقة الأخوية التي تجمع الرئيس عبدالفتاح السيسي وصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة؟ وهل هناك في تصوركم آليات محددة لتطويرها على كافة الاصعدة؟

أود أولاً أن أنقل من خلال صحيفة "الأخبار" العريقة خالص تحياتي وتقديري إلى الأشقاء في جمهورية مصر العربية قيادة وحكومة وشعباً، وأن أعرب عن محبة وتقدير أشقائهم في مملكة البحرين لهم وللحبيبة مصر "أم الدنيا"، صاحبة الحضارة ومنبع الإلهام والعطاء، فمصر ليست غالية لدى المصريين فقط، وإنما هي في قلب ووجدان كل مواطن عربي، نشأ وتربى على علومها وفنونها وآدابها، ونهل من معين إبداعها.

أما بالنسبة للإجابة عن السؤال، فإن علاقات المحبة والأخوة والتفاهم بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية فهي ذات طبيعة خاصة، لأنها ترتكز على تاريخ طويل من المودة بين البلدين والشعبين الشقيقين، ونحن تحديداً في مملكة البحرين نحمل مشاعر محبة كبيرة لمصر وشعبها، ولهذا فإن العلاقات البحرينية المصرية تعتبر نموذجاً رفيعاً للعلاقات الثنائية المشتركة بين الدول، وتضرب في أعماق التاريخ والعصر الحديث، وتتميز بخصوصية بين القيادتين والشعبين الشقيقين، وتعد علامة مضيئة في سماء العلاقات الثنائية على الصعيد العربي. ففي جميع المراحل التاريخية كانت العلاقات البحرينية المصرية وستظل بإذن الله قوية ووطيدة، وهذه العلاقات تشهد نماء مستمراً على جميع المستويات، بفضل العلاقات المميزة التي تجمع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وأخيه فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ يحرصان، حفظهما الله على اللقاء المستمر والزيارات المتبادلة والتشاور والتنسيق تجاه كل قضايا التعاون المشترك وفي كل ما يتعلق بحاضر الأمة العربية ومستقبلها. وإضافة إلى ما يربط مملكة البحرين بالشقيقة جمهورية مصر العربية من روابط قوية على المستوى الرسمي، فإن الجانب الشعبي من العلاقات يعكس ذلك النمط الفريد من وشائج الأخوة والمحبة المتبادلة، فهناك علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية وأخوية على درجة كبيرة من الأهمية، ويوجد جالية مصرية كبيرة تعيش وتعمل في مملكة البحرين، نقدرها ونحترمها، حيث تسهم بدرجة كبيرة في المسيرة التنموية التي تشهدها المملكة في جميع المجالات، كما أننا في مملكة البحرين، حكومة وشعباً، نفضل الشقيقة مصر كواجهة للسياحة والاستثمار والثقافة، فالحنين إلى مصر لا ينقطع أبداً.

البحرينية تؤكد جدارتها

- علينا أن نتوقف بالرصد والتحليل عند تولي أول سيدة منتخبة رئاسة السلطة التشريعية في العالم العربي وعلى مستوى الإقليم ما يعد إنجازاً حضارياً كبيراً يحسب لمملكة البحرين، كيف ترين مكانة المرأة وما حققته؟

إن المرأة في البحرين محظوظة بأن قيادتها تؤمن بأهمية دورها وأثرها في المجتمع وهيأت أمامها كل السبل لكي تنطلق في أداء دورها ببناء وطنها، ومحظوظة أيضاً بأن شعب البحرين لديه تاريخ من الوعي الحضاري والثقافي ساعد المرأة على أن تخوض مجال العمل العام بكل ثقة واقتدار، وللعلم فالمرأة البحرينية دخلت إلى التعليم النظامي منذ عشرينات القرن المنصرم ثم نالت حق المشاركة السياسية بعد ذلك، واستطاعت عبر سنوات من العطاء أن تؤكد جدارتها في كل المواقع التي تبوأتها. لكن التطور الأبرز في مسيرة المرأة البحرينية جاء بعد تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، مقاليد الحكم في 1999 ومشروع جلالته الإصلاحي، الذي وفر للمرأة البحرينية المقومات التشريعية والقانونية التي عززت دورها في تحقيق العديد من المنجزات الوطنية. كما أنه بفضل جهود المجلس الأعلى للمرأة برئاسة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البحرين رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، وما يقوم به المجلس من برامج وخطط ومشاريع ومبادرات نوعية، فقد حققت المرأة البحرينية نقلة نوعية تبرز إنجازاتها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ونقلت المرأة البحرينية من مرحلة "التمكين" إلى مرحلة "التقدم"، في تطور كبير يحسب لمملكة البحرين.

وأود هنا أن أشير إلى أنه من حسن الطالع أن تحتفل البحرين في الأول من ديسمبر من كل عام بيوم المرأة البحرينية، وقد حمل الاحتفال هذا العام "المرأة في مجال التعليم العالي وعلوم المستقبل"، حيث حققت المرأة البحرينية العديد من الإنجازات في هذا المجال وكافة المجالات الحيوية، وأصبحت شريكاً رئيساً في نهضة البلاد والتنمية المستدامة، وفي كافة مواقع ومسؤوليات العمل الوطني والمجتمعي. ومن ضمن المنجزات الحضارية الوطنية لمملكة البحرين تولي امرأة منتخبة لرئاسة مجلس النواب، وقد أصبحت البحرين من الدول السباقة التي كفلت للمرأة ممارسة حقها بالمشاركة الفاعلة في الحياة العامة على مختلف الأصعدة، وعبرت المرأة البحرينية، بكل فخر واعتزاز، من مرحلة كسب الحقوق، إلى مرحلة الشراكة في بناء وتنمية مجتمعها مناصفة مع الرجل، بجانب وصول 6 سيدات للمجلس النيابي المنتخب و9 سيدات في مجلس الشورى (الغرفة الثانية للسلطة التشريعية) وأرسى ميثاق العمل الوطني حق المرأة في الشراكة الفاعلة في مختلف المجالات والقطاعات، في الحقوق والواجبات المكفولة دستوريا

تعاون كامل مع الشورى

- هذا يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعية العلاقة بين المجلس النيابي ومجلس الشورى وأعضاؤه من المعينين؟ كيف ترين العمل المشترك بين المجلسين؟

إن المشروع الاصلاحي للملك شكل نقلة نوعية في مسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين، من خلال تبنيه للعديد من المبادرات التي تعزز ركائز دولة القانون والمؤسسات المرتكزة على أسس دستورية عصرية وحضارية، فجاء دستور البحرين العام 2002 وتعديلاته العام 2012 ليعزز من دور السلطة التشريعية بغرفتيها الشورى والنواب من خلال العديد من المواد التي تنظم العلاقة بين المجلسين. وتتميز هذه العلاقة بالاحترام المتبادل والتعاون الدائم والتكامل المستمر، انطلاقاً من أن المجلس الوطني بغرفتيه يسعى لتحقيق تطلعات الوطن والمواطنين في ظل المسيرة التنموية الشاملة بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد. وأشير هنا إلى أن النهج المتبع في العلاقة بين جناحي السلطة التشريعية، الشورى والنواب، هو الحرص الدائم والسعي المستمر للتنسيق المشترك في كافة المجالات والممارسات البرلمانية، والتوأمة بينهما في كثير من المشاريع والمبادرات.

ديمقراطيتنا دائمة التطور

في اطار المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالة الملك حمد بن عيسى فقد دخلت تعديلات وتطوير في مهام المجلس النيابي، كيف تسير عملية تنفيذ هذا البرنامج الإصلاحي من جهة، وهل يمكن أن نتوقف عند ما تم انجازه في دور الانعقاد الاول للمجلس بعد الانتخابات في العام الماضي؟

إن أهم ما تتميز به التجربة الديمقراطية في مملكة البحرين بأنها دائمة التطور ولا تتوقف عند حد معين، وهو النهج الذي يتبناه جلالة الملك ويحرص عليه، ويعد مجلس النواب أحد أهم الأوجه التي تعبر عن ذلك، فبحكم مسؤولياته التشريعية والرقابية فإنه يشارك إلى جانب مجلس الشورى في متابعة مدى تحقيق الرؤية الملكية السامية في الاصلاح، ويعمل على ضمان تحقيقها لأهدافها بما يدعم جهود التنمية الشاملة في الوطن ويلبي تطلعات شعب البحرين. وأننا والحمد لله على مدى دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الخامس قطعنا في مجلس النواب شوطاً كبيراً في إقرار ومناقشة العديد من مشروعات القوانين والمقترحات برغبة التي تطرقت إلى العديد من القضايا التي تهم الوطن والمواطن، وشهدنا حالة من التعاون المحمود من قبل السلطة التنفيذية، وذلك أمر مهم لنجاح أي تجربة ديمقراطية ونضجها. وعلى مستوى الأمانة العامة لمجلس النواب لدينا خطة عمل استراتيجية تشمل أدوار الانعقاد الأربعة من الفصل التشريعي الخامس (2018- 2022) بدأنا في تطبيق جزء منها خلال دور الانعقاد الأول، ونحن مستمرون في التطوير والتحديث وتنفيذ كامل الخطة خلال الأدوار التالية.

تحريض إيراني

-تتعرض مملكة البحرين لحملة إيرانية شرسة تستهدف التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة والنيل من استقرارها وأمنها، هل ثمة دور لمجلس النواب في فضح مثل تلك الحملات؟

سياسة مملكة البحرين دائماً تدعو إلى السلام والتعاون الإيجابي بين الدول والشعوب من أجل صالح الانسانية، وفي جميع المحافل الاقليمية والدولية وتؤكد ضرورة أن يلتزم الجميع بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول باعتباره حقاً أصيلاً أقرته القوانين والتشريعيات الدولية.

في المقابل، لم نر من النظام الإيراني إلا التدخلات السافرة في شؤون بلادنا ودول المنطقة، عن طريق دعم العنف وتسليح جماعات متشددة تأتمر بأمره، ومروراً بالتحريض على الوطن ومكونات المجتمع، بجانب تمويل وسائل إعلام ومنظمات تابعة لها، وهذه ممارسات تؤكد عدم الرغبة في ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. أي تدخل في شؤون البحرين الداخلية أو العمل على زعزعة أمنها واستقرارها وبث الفرقة بين أبناء شعبها هو أمر مرفوض، فأمن الوطن وسلامته وسيادته خط أحمر لا يقبل الاقتراب منه من أي طرف كان. وبالطبع يقوم مجلس النواب بدور كبير في التصدي لمثل هذه الحملات المغرضة، من خلال ممارسة دوره في الدبلوماسية البرلمانية التي توضح للمجتمع الدولي في المؤتمرات والاجتماعات والمناسبات الدولية، الصورة الحقيقة لما يجري، وتبيان مسيرة التنمية الشاملة التي نعيشها لدحض كل ما يكتب أو يبث من تشويه لمسيرتنا الوطنية.



فلسطين قضيتنا الأولى

- كيف يمكن تقييم التنسيق والتعاون بين البرلمانات العربية في المحافل الدولية والإقليمية ذات الصلة تجاه الدفاع عن القضايا العربية العادلة وخاصة القضية الفلسطينية؟

لا شك أن القضية الفلسطينية هي القضية العربية الأهم والأشمل التي تجتمع حولها الأمة العربية، حكومات وشعوباً، والجميع يتبنون حلاً سلمياً يضمن للشعب الفلسطيني الشقيق الحصول على كامل حقوقه الدولية المشروعة وتقرير مصيره وإقامة دولته الكاملة المستقلة ذات السيادة على كامل أرضه التي احتلت العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وأعتقد بأنه لا يوجد برلمان عربي إلا ويدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني أمام جميع المحافل الدولية وجميعنا كممثلين لشعوبنا العربية متفقون حول هذه القضية، ونرفض كل الرفض كل ما من شأنه الانتقاص من هذه الحقوق خاصة ما تتخذه بعض الدول من قرارات فردية تتناقض وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وبالتأكيد فإن زيادة وتيرة وأسلوب التنسيق بين البرلمانات العربية مطلوب وضروري في هذه المرحلة، وأن يتواصل العمل حتى يتم الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية تنهي معاناة هذا الشعب الشقيق.