التكنولوجيا الملبوسة "Wearables" هي الأجهزة التي يمكن ارتداؤها مباشرة على الجسم، وتتمثل في ساعات ذكية، وأساور لياقة، ونظارات ذكية، وأجهزة أخرى تتفاعل مع الإنسان بشكل مستمر.
مع تقدم الابتكارات التكنولوجية، أصبحت هذه الأجهزة أكثر قدرة على أداء وظائف معقدة وتحسين حياة المستخدمين بشكل غير مسبوق.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف ستصبح هذه الأدوات الذكية امتدادًا حقيقيًا للإنسان في المستقبل؟
1. تحسين الأداء البدني والصحة
في المستقبل، ستصبح التكنولوجيا الملبوسة أكثر من مجرد أجهزة لقياس النشاط البدني. سنرى تطويرًا لأجهزة تتعقب صحة الجسم بشكل دقيق، مثل المراقبة المستمرة لمعدل السكر في الدم، ضغط الدم، مستويات الأوكسجين، وحتى التنفس. الأجهزة الذكية قد تصبح جزءًا من النظام البيولوجي للبشر، من خلال دمج تقنيات مثل الأقطاب الحيوية التي تراقب وظائف الجسم الداخلية، وتقوم بإعطاء إشارات للمستخدم حول صحته في الوقت الفعلي.
وهذا قد يقلل من التحديات الصحية المزمنة مثل أمراض القلب، السكري، أو السمنة.
2. التفاعل البشري مع البيئة بشكل أكثر تطورًا
التكنولوجيا الملبوسة ستطور التفاعل بين الإنسان وبيئته بشكل لم يكن ممكنًا من قبل.
على سبيل المثال، النظارات الذكية مثل "Google Glass" قد تتطور لتصبح أكثر قدرة على دمج الواقع المعزز (AR) مع العالم المحيط.
ويمكن أن تُعرض المعلومات في الوقت الحقيقي حول البيئة أو الأشياء المحيطة، مثل قراءة لافتات الشوارع أو تقديم الترجمة الفورية للمحادثات بلغة أخرى.
ويمكن للأجهزة الملبوسة أن توفر تجارب غامرة تدعم التفاعل البصري، السمعي، وحتى اللمسي، مما يعزز من تجربة المستخدم بشكل شامل.
3. تكنولوجيا "الملابس الذكية" (Smart Clothing)
أحد التطورات المحتملة للتكنولوجيا الملبوسة هو الملابس الذكية.
يمكن أن تحتوي الملابس المستقبلية على مستشعرات وأجهزة مدمجة لتحسين راحة الشخص أو مراقبة حالته الصحية.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن تحتوي القمصان على مستشعرات تقيس درجة حرارة الجسم، بينما قد تحتوي الأحذية الذكية على حساسات تراقب وضع القدم والمشي، لتقليل خطر الإصابات.
هذا النوع من الملابس قد يساعد في الوقاية من الإصابات الرياضية وتحسين الأداء البدني، بينما يقدم في نفس الوقت تقارير صحية دقيقة للمستخدم.
4. التحكم العقلي والتفاعل بدون لمس
من الممكن أن تتطور التكنولوجيا الملبوسة في المستقبل لتتجاوز التفاعل اليدوي.
وستتطور الأدوات الذكية لتمكين المستخدمين من التفاعل مع الأجهزة باستخدام الإشارات العصبية مباشرة، عبر أجهزة تتصل بالدماغ.
على سبيل المثال، سيتمكن الأشخاص من التحكم في أجهزتهم مثل الهواتف الذكية أو حتى الروبوتات بمجرد التفكير في الأمر.
وهذا النوع من التقنية، الذي يعتمد على واجهات الدماغ والحاسوب (BCI) يمكن أن يحول الأدوات الذكية إلى امتداد حقيقي لعقل الإنسان.
5. الذكاء الاصطناعي في التكنولوجيا الملبوسة
ستصبح الأجهزة الملبوسة أكثر ذكاءً في المستقبل من خلال دمج الذكاء الاصطناعي (AI) في وظائفها. ستتمكن هذه الأجهزة من التكيف مع سلوكيات المستخدم واحتياجاته الصحية، الشخصية، والمهنية.
على سبيل المثال، يمكن للجهاز الذكي أن يتعلم تفضيلات المستخدم في الرياضة أو الطعام، ويقوم بتقديم نصائح مخصصة أو حتى تعديل الروتين اليومي للمستخدم بناءً على حالته النفسية والجسدية في الوقت الحقيقي. ستكون هذه الأجهزة قادرة على توفير بيئة مريحة وأكثر تكاملًا، تتفاعل بشكل مباشر مع المستخدم.
6. أبعاد جديدة للخصوصية والأمان
في المستقبل، ستواجه التكنولوجيا الملبوسة تحديات جديدة تتعلق بالخصوصية والأمان. مع تزايد استخدام هذه الأجهزة لمراقبة الصحة الشخصية والتفاعل مع البيانات الحساسة، سيحتاج المستخدمون إلى ضمان حماية بياناتهم.
وستتطلب هذه التقنيات معايير أمان أكثر تطورًا لضمان أن البيانات الشخصية تظل محمية من الاختراقات أو الاستغلال.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تطوير قوانين وقواعد تنظيمية تضمن الاستخدام الآمن والشفاف لهذه البيانات.
التكنولوجيا الملبوسة تمثل خطوة كبيرة نحو دمج التكنولوجيا مع الإنسان بشكل لا يُفصل فيه بينهما. في المستقبل، ستصبح هذه الأدوات الذكية أكثر من مجرد ملحقات، بل ستصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، تساعد في تحسين صحتنا، حياتنا المهنية، وحتى تفاعلنا مع العالم من حولنا.
مع تطور هذه التقنيات، سيكون لها تأثيرات كبيرة على كيفية عيشنا وتفاعلنا مع بيئتنا، مما يجعل من الممكن أن تصبح هذه الأجهزة امتدادًا حقيقيًا للإنسان.