في قصة مذهلة لا تصدق، يحكى أن بحار صيني فقد في البحر لمدة 133 يومًا، وبعد نجاته حصل على وسام الإمبراطورية البريطانية، وخصص الكونغرس الأمريكي استثناء لمنحة الجنسية الأمريكية، لكن ما هي القصة كاملة؟.

سفينة بينلوموند

في عام 1942، وفي وسط الحرب المسيطرة على العالم، كانت الغواصات الألمانية التي تدعى "يو بوت" تجوب المحيط الأطلسي، لتبحث عن سفن الحلفاء وكانت من بينها سفينة "بينلوموند"، حيث كانت سفينة تجارية مسلحة يبلغ طولها حوالي 420 قدما وتزن حوالي 5400 طن.

وكان على متن السفينة شاب صيني يدعى "بون ليم" الناجي الوحيد من هذا الحادث.

نشأة الصيني بون ليم

وقبل رواية قصة نجاة بون ليم كأغرب قصة نجاة، لابد أن نعرف كيف كانت نشأته.

ولد بون لين في جزيرة "هاينان" الصينية في عام 1918، وتربى على صيد الأسماك، ثم انتقل إلى ماليزيا مع عائلته بعدما هربوا من التجنيد القسري أثناء الغزو الياباني، وكان ذلك في أواخر العشرينات.

ولم يقف طموح ليم بعد كل هذا، فانضم إلى البحرية التجارية البريطانية، وواجه التمييز العنصري وعانى من انخفاض الأجور.

ولحظه، التحق ليم بطاقم سفينة بينلوموند والتي كانت متجهة من كيب تاون إلى سورينام.

الهجوم على سفينة بينلوموند

كانت سفينة بينلوموند بطيئة وتمتلئ بمياة الصابورة، رغم أنها كانت مسلحة، وسارت في طريق خطير معروف بدوريات الألمان فيه بالرغم من ظروفها.

وتم رصد السفينة عبر غواصة ألمانية، وتم إطلاق الطوربيد الضخم على السفينة، ما أدى إلى غرقها ومقتل 53 فرد من طاقمها.

لكن لحسن حظ ليم تمكن من السباحة ووصل إلى مكان يحتوي على مسدس إشارات وكشاف مكسور، وأواني طهي وألواح شيكولاتة، ومكعبات سكر وجالون ماء.

التأقلم مع الظروف

واستطاع ليم بمهاراته في الصيد التي تعلمها من نشأته باصطياد الأسماك بطرق عديدة، أن يصنع خطافًا من المسامير وخيط من النحاس واستخدم بقايا البسكويت كطعم للسمك، وطور أساليب الصيد فيما بعد، وأخذ يصطاد الأسماك من بقايا الطعام.

وجمع مياة الأمطار لتخزينها، وجفف اللحوم على ضوء الشمس لتخزينها، وتعرض ليم إلى عواصف شديدة جرفت ما كان يجمع من طعام وهددت حياته أكثر من مرة.

لكنه استطاع التكيف مجددا واتجه إلى اصطياد طيور النورس وتجفيف لحومها، واستخدام البقايا لصيد أسماك القرش.

وكان المكان الذي لجأ إليه ليم على بعد 250 ميلا من اليابسة.

فرص إنقاذ بدون جدوى

ومر ليم بخيبات أمل كثيرة، وذلك عندما كانت تقترب منه فرص الإنقاذ لكن كانت كلها تبوء بالفشل.

وفي المرة الأولى تجاهلت إحدى سفن الشحن وجود ليم، خوفا من أن يكون فخا نصبه الألمان لهم، وفي الثانية كانت عندما ألقى أحد طيارين البحرية الأمريكية عوامة لكن العاصفة جرفتها وفقدت.

وثالث محاولة عندما رأته غواصة ألمانية ورأت مكانه، لكنهم تركوه ينجرف بعيدا.

وبعد كل خيبات الأمل هذه ظل ليم مكافحا، بالرغم من فقدان 20 كيلوجرام من وزنه وعانى من الجفاف وحروق الشمس، ولاحظ تغير لون المياة من الأزرق إلى الأخضر، وهذا ما يعني قرب اليابسة منه.

نجاة ليم بعد 133 يومًا

وأتى اليوم السعيد الذي كان ينتظره ليم كثيرًا، وهو يوم نجاته وإنقاذه من ما كان عليه، وكان ذلك في يوم 5 أبريل عام 1943 بعد 133 يوما كان مفقودا على هذا الطوف المعزول.

عثر صيادوم برازيليون على ليم، حيث كان على بعد 9 أميال من الشاطئ، وقدموا له العلاج الطبي.

ولشجاعته وبسالته وتأقلمه على كل ما مر به وصبره، منحه ملك بريطانيا وسام الإمبراطورية البريطانية، وتمت إعادة كتابة الأدلة البحرية استنادًا على تجربته.

وحاول ليم الحصول على الجنسية الأمريكية، وكان عليه الدخول في نظام الحصص الصارم للجهرة، لكن تم تخصيص له استثناء خاص من الكونغرس الأمريكي بفضل قصته الملهمة.

وبعد سفره، عاش ليم حياة هادئة في بروكلين، حتى توفي عام 1991 عن عمر 72 عاما، وظل اسمه خالدا كأطول فترة نجاة سجلت في التاريخ.