أيمن شكل

أكدوا أن «الوساطة الجنائية من أبرز صور العدالة التصالحية»

أكد محامون أن مملكة البحرين كانت في مقدمة الدول العربية التي صاغت نصوصاً قانونية تعتمد على بدائل للعقوبات السالبة للحرية، مثل العقوبات البديلة، والتدابير البديلة، ونظام السجون المفتوحة، موضحين أن الوساطة الجنائية تُعدّ من أبرز صور العدالة التصالحية.

وقالوا، في تصريحات لـ«الوطن»، إن التشريعات في البحرين متقدمة مقارنة بالعديد من الدول العربية، حيث كانت المملكة سبّاقة في تحويل الأفكار إلى قوانين منظمة للوساطة الجنائية، ودعوا إلى تفعيل القوانين بشكل أوسع، مؤكدين أهمية التطوير المستدام للتشريعات بما يحقق آليات العدالة التصالحية، وأشاروا إلى أن البحرين عزّزت التوجّه نحو الوساطة في العديد من أنواع القضايا، وفتحت المجال أمام المحامين لتفعيل الوساطة بين أطراف التداعي، وتعديل القوانين بما يفتح المجال أوسع للاستقرار المجتمعي في حل النزاعات القضائية.

وكان مؤتمر العدالة التصالحية الذي نظمته النيابة العامة قد خرج بتوصيات دعت إلى تعزيز الجهود الوطنية والدولية في الاستفادة من مختلف آليات ومستحدثات إدارة العدالة الجنائية، وعلى الأخص منها العدالة الجنائية التصالحية والإصلاحية، وأوصى الخبراء خلال المؤتمر على أهمية التطوير المستدام لتشريعات وآليات العدالة التصالحية بما يتيح توسيع نطاق الجرائم للاستفادة من هذه الآليات، مع ضمان مواءمتها لأفضل الممارسات الدولية، بهدف تعزيز كفاءة النظم العدلية.

وتعليقاً على توصيات المؤتمر أكد المحامي عبدالرحمن غنيم أن العدالة التصالحية تعدّ مفهوماً واسعاً يشمل مجموعة من المبادرات التي تبنتها الدول، وكانت مملكة البحرين في مقدمة الدول العربية التي صاغت نصوصاً قانونية تعتمد على بدائل للعقوبات السالبة للحرية، مثل العقوبات البديلة، والتدابير البديلة، ونظام السجون المفتوحة.

كما أكد غنيم أهمية الوساطة الجنائية كآلية لحل الجرائم التي يجوز فيها الصلح والتصالح، مثل بعض الجرائم المالية والجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات. وأضاف: «جميع القضايا المتعلقة بالتصالح مع الدولة والجنح البسيطة يجوز فيها الصلح، حيث يمكن التوافق بين المجني عليه والمتهم للوصول إلى تسوية بوساطة أحد الوسطاء المعتمدين لدى وزارة العدل».

وأشار غنيم إلى أن الوساطة الجنائية تُعدّ من أبرز صور العدالة التصالحية، إلا أن تفعيلها يتطلب دوراً أكثر فاعلية من النيابة العامة، باعتبارها جهة التحقيق والاتهام. وقال: «لا يمكن للمجني عليه السعي إلى الوساطة الجنائية في حق من حقوقه إلا إذا قامت النيابة العامة بتوعيته بذلك، وعلى وكيل النيابة المحقق أن ينبه الأطراف قبل بدء التحقيق إلى أن الجريمة قيد التحقيق تخضع للصلح، ما يمنح المتهم والمجني عليه فرصة للوصول إلى تسوية»، مطالباً بتفعيل الوساطة بشكل أشمل.

كما أشار إلى ضرورة تفعيل دور المؤسسات ذات العلاقة بالعدالة التصالحية، خصوصاً مراكز الشرطة، بحيث لا يقتصر دورها على إرسال رسائل نصية بخصوص اللجوء إلى الوساطة، بل يجب أن يتم توعية الطرفين «الشاكي والمتهم» بفوائدها. وأضاف: «يفضّل تخصيص مكاتب داخل مراكز الشرطة لهذا الغرض، وكذلك في مبنى النيابة العامة، بحيث يقوم وكيل النيابة المحقّق بطرح فكرة الوساطة للأطراف في القضايا التي يجوز فيها الصلح، ومنحهم فرصة للوصول إلى تسوية قبل المضي في الإجراءات القانونية».

وأكد غنيم أن المحاكم الجنائية المختصة يجب أن تمنح أجلاً في أول جلسة للصلح بين الطرفين، مما يسهم في تفعيل العدالة التصالحية بشكل عملي بدلاً من أن تبقى مجرد نصوص قانونية غير مفعّلة.

وفي رده على سؤال «الوطن» حول الحاجة إلى تشريعات جديدة لتعزيز العدالة التصالحية، قال غنيم: «التشريعات في البحرين متقدمة مقارنة بالعديد من الدول العربية، بل كنا سبّاقين في تحويل الأفكار إلى قوانين منظمة للوساطة الجنائية، فالقانون موجود ونصوصه كافية، لكن المطلوب هو تفعيله بشكل أوسع».

وفيما يتعلق بالحاجة إلى محامين متخصّصين في العدالة التصالحية، أوضح غنيم أن هناك قائمة لدى المسجل العام بوزارة العدل تضمّ الوسطاء الجنائيين الذين استوفوا الشروط المطلوبة لممارسة الوساطة. وأضاف: «هذا لا يمنع الحاجة إلى دورات مكثفة في العدالة الجنائية التصالحية، لضمان الارتقاء بمستواهم القانوني وتعزيز دورهم في حل النزاعات بطرق بديلة وفعّالة».

بدوره أكد المحامي زهير عبداللطيف أهمية التطوير المستدام للتشريعات بما يحقق آليات العدالة التصالحية، لافتاً إلى أن البحرين كانت سبّاقة في هذا التوجّه، وعزّزت التوجّه نحو الوساطة في العديد من أنواع القضايا، وفتحت المجال أمام المحامين لتفعيل الوساطة بين أطراف التداعي، وتعديل القوانين بما يفتح المجال أوسع للاستقرار المجتمعي في حلّ النزاعات القضائية.

ولفت عبداللطيف إلى توسع مفهوم العدالة التصالحية، مشدّداً على ضرورة تحديد آليات تطبيقه والنظم الإجرائية الخاصة به انتهاء بالتعاون بين الجهات القضائية «النيابة العامة» والمحامين في طرح نموذج متوازن يضمن حقوق الأطراف في الدعوى، ويخضع لرقابة قضائية تستطيع أن تخلق هذا التوازن، وحتى لا يجير طرف على حق طرف آخر تحت ذريعة العدالة التصالحية.

وأشار عبداللطيف إلى الدور الكبير لمؤسسات المجتمع المدني في تفعيل العدالة التصالحية وحل النزاعات الجنائية، موضحاً أن المجتمع البحريني اعتمد هذا النهج من خلال المجالس منذ قديم الزمن، وقد ذكرت ذلك مدونات لغرفة البحرين في حل نزاعات تجارية خلال اجتماعات ومجالس التجار.