يعد الصوم من العبادات العظيمة التي فرضها الله -سبحانه وتعالى- على عباده، وهو من أركان الإسلام التي تميز المؤمنين بالتقوى والصبر.
وورد الامتناع عن الطعام والشراب وسائر الشهوات، من الفجر إلى المغرب، سواء في القرآن الكريم، أو السنة النبوية بمصطلحي "الصوم" و"الصيام"، وهما وإن كانا متقاربين في المعنى، إلا أن هناك فرقًا دقيقًا بينهما يظهر عند التأمل في النصوص الشرعية.
وتتناول هنا الفرق بين الصوم والصيام، من حيث المفهومين اللغوي والشرعي، كما نستعرض الآيات القرآنية التي ورد فيها كل مصطلح، بالإضافة إلى فضائل هذه العبادة العظيمة، التي تجلب المغفرة والأجر العظيم، وتقي من النار.
الفرق بين الصوم والصيام يتفق المعنى اللغوي لكل من الصوم والصيام على أنه الامتناع عن فعل معين أو قول محدد.
أما في الاصطلاح، فيُعرّف الصوم والصيام بأنه الامتناع عن الأكل، والشرب، والشهوات، من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، مع وجود النية.
وقد ورد استخدام المصطلحين في الأحاديث النبوية للإشارة إلى نفس المعنى.
لكن عند النظر في القرآن الكريم، نجد تفريقًا بين المصطلحين، فقد وردت كلمة "الصيام" في سبع آيات، وجميعها تدل بوضوح على الامتناع عن الطعام، والشراب والشهوات خلال النهار، أما مصطلح "الصوم"، فقد جاء ذكره مرة واحدة فقط في قوله -تعالى-: "فَكُلي وَاشرَبي وَقَرّي عَينًا فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقولي إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا"، والمقصود به هنا الامتناع عن الكلام.
آيات الصيام في القرآن الكريم وورد ذكر الصيام في عدة مواضع في القرآن الكريم، ومن أبرزها:
• قوله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
• "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ..."، حيث يوضح الله عز وجل الأحكام المرتبطة بالصيام.
• "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ"، في إشارة إلى حالات الإفطار وعوضها بالكفارة.
• "فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ"، فيما يتعلق بكفارة القتل الخطأ.
• "لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ ... فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ"، ضمن أحكام الكفارة عن الأيمان.
أما لفظ "الصوم"، فقد جاء في القرآن الكريم عند الحديث عن السيدة مريم -عليها السلام-، في قوله -تعالى-: "فَكُلي وَاشرَبي وَقَرّي عَينًا فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقولي إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا"، مشيرًا إلى الامتناع عن الحديث.
فضائل الصيام والصوم في الإسلام للصيام فضائل عظيمة في الإسلام، منها:
المغفرة والأجر العظيم: قال الله -تعالى-: "وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ... أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا".
باب من أبواب التقوى: قال -تعالى-: "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، موضحًا دور الصيام في تحقيق التقوى.
حماية من النار: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الصِّيامُ جُنَّةٌ من النَّارِ".
كبح الشهوات: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ".
إبعاد النار عن الصائم سبعين سنة: ورد في الحديث الشريف: "مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا".
باب الريان للصائمين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ".