تعد الثقوب السوداء من أكثر الأجرام السماوية غموضًا وإثارةً في الكون فمنذ اكتشافها، أثارت العديد من التساؤلات حول طبيعتها، وآلية عملها، والتأثيرات التي تُحدثها في الزمان والمكان.

ومن بين أكثر النظريات إثارة للجدل هو احتمال أن تكون الثقوب السوداء بوابات لعوالم أخرى أو أكوان موازية، فهل يمكن حقًا أن تشكل الثقوب السوداء ممرًا إلى واقع آخر.

ما هو الثقب الأسود

الثقب الأسود هو منطقة في الفضاء تتمتع بجاذبية هائلة لدرجة أن لا شيء، حتى الضوء، يستطيع الإفلات منها، ويتشكل الثقب الأسود عندما ينهار نجم ضخم على نفسه بعد استنفاد وقوده النووي، مما يؤدي إلى تكوّن منطقة ذات كثافة هائلة تسبب انحناءً شديدًا في نسيج الزمان والمكان.

تتميز الثقوب السوداء بثلاثة أجزاء رئيسية

أفق الحدث وهي الحدود الخارجية للثقب الأسود، والتي بمجرد أن تعبرها المادة، لا يمكنها العودة أبدًا.

المتفردة وهي نقطة في مركز الثقب حيث تصبح الكثافة غير متناهية، وتنعدم قوانين الفيزياء التقليدية.

إشعاع هوكينج وهي نظرية طرحها الفيزيائي ستيفن هوكينغ، حيث يمكن للثقوب السوداء أن تُصدر إشعاعًا يؤدي إلى فقدانها للطاقة تدريجيًا.

هل الثقوب السوداء بوابات لعوالم أخرى

النظرية التي تشير إلى أن الثقوب السوداء قد تكون بوابات لعوالم أخرى تستند إلى عدة أفكار في الفيزياء النظرية، منها:

نظرية الثقوب الدودية

الثقوب الدودية هي ممرات افتراضية تُوصف في نظرية النسبية العامة لآينشتاين، وهذه الممرات تشكل اتصالًا بين نقطتين مختلفتين في الزمان والمكان، وقد تمكن من الانتقال الفوري بينهما.

بعض العلماء يعتقدون أن داخل الثقب الأسود قد يحتوي على ثقب دودي، مما يعني أنه إذا دخل جسم في ثقب أسود، فقد يظهر في نقطة أخرى من الكون أو حتى في كون موازٍ.

المشكلة تكمن في أن الثقوب الدودية، إذا وجدت، قد تكون غير مستقرة وتنهار بسرعة قبل أن يتاح العبور عبرها.

الثقوب البيضاء

النظرية المرتبطة بالثقوب الدودية تشير إلى إمكانية وجود الثقوب البيضاء، وهي عكس الثقوب السوداء.

بينما تقوم الثقوب السوداء بامتصاص المادة، يعتقد أن الثقوب البيضاء تقذف المادة إلى الخارج.

إذا كان هناك اتصال بين ثقب أسود وثقب أبيض عبر ثقب دودي، فقد يؤدي ذلك إلى انتقال المادة إلى منطقة أو كون آخر.

نظرية الأكوان المتعددة

بعض النماذج في نظريتي الأوتار والكم تشير إلى أن الكون الذي نعيش فيه قد يكون جزءًا من "تعدد أكوان".

إذا كان الثقب الأسود يؤدي إلى نقطة خروج في كون آخر، فقد يعني ذلك أن الثقوب السوداء تشكّل ممرًا إلى أكوان موازية.

الثقوب السوداء قد تعمل كـنقاط عبور أو أبواب إلى عوالم ذات قوانين فيزيائية مختلفة تمامًا.

التحديات العلمية

رغم جاذبية هذه النظريات، إلا أن هناك تحديات كبيرة في إثباتها

عدم إمكانية المراقبة المباشرة حيث لا يمكن لأي إشارات أو ضوء أن يخرج من داخل الثقب الأسود، مما يجعل من المستحيل عمليًا مراقبة ما يحدث داخله.

التفردة ومشاكل الجاذبية الكمية فعند مركز الثقب الأسود، تنهار القوانين الفيزيائية التقليدية، مما يجعل التنبؤات حول ما يحدث في الداخل صعبة.

استقرار الثقوب الدودية فحتى لو وجدت الثقوب الدودية، فإن الحفاظ على استقرارها يحتاج إلى مادة سالبة الطاقة والتي لم تثبت علميًا حتى الآن.

رأي العلماء

ستيفن هوكينج طرح فكرة أن الثقوب السوداء قد لا تدمر المعلومات تمامًا، بل قد تؤدي إلى انتقالها إلى أكوان أخرى.

كيب ثورن عالم فيزياء اقترح أن الثقوب السوداء قد تحتوي على ثقوب دودية، لكنها على الأرجح ستنهار بسرعة كبيرة جدًا.

بعض النماذج الكمومية الحديثة تُشير إلى أن المعلومات التي تدخل الثقب الأسود قد تخزّن على سطحه أو تعبر إلى مكان آخر.