من الأسئلة التي تحير عقول المسلمين والتي لا يمكن أن يتصورها أحد "من النبي الذي ابنه أكبر منه؟"، فلا أحد يتخيل أن يكون الابن أكبر من أبيه، فهذا محال في البشرية.
لكن عند النظر في سِير الأنبياء نجد أنه يوجد نبي أصغر من ابنه، ما يجعلها معجزة من معجزات الله - عز وجل - التي خص الله بها أنبياءه.
من النبي الذي ابنه أكبر منه؟
قال الله تعالى: "أوكالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه".
وأوضح العلماء أن تلك الآية تضم قصة نبي الله عزير - عليه السلام - إذ أماته الله مائة عام ثم بعثه، وكانت تلك المعجزة ابتلاء وفتنة لقومه، إذ في المدة التي نامها عزير أحرق "بختنصر" التوراة ولم يتبقَ منها إلا ما حفظ الرجال، ولأن عزير كان حافظًا للتوراة فسردها على قومه بعد بعثه.
النبي الذي ابنه أكبر منه
وأما ما حدث مع عزير، فأنه في يوم من الأيام خرج عزير في يوم حار وتوجه نحو حديقته ليروي أشجاره على الرغم من أن الطريق شاق ويتوسطه مقابر، لكنه آثر الخروج وركب حماره في أول النهار، ولما وصل إلى حديقته وجد الأرض مشققة وجافة والأشجار عطشة، فسقى الحديقة وقطف ثماره وانصرف ليرجع إلى بيته.
لكن من شدة الحر تباطأ الحمار في مشيه ووصل إلى المقابر أثناء المسير، وحينها قرر عزير أن يستريح قليلًا ويريح حماره ويتناول بعض الطعام.
وجلس عند إحدى المقابر المهلكة واستقر في الظل، وصار يتفقد المكان ببصره ويجول بنظره هنا وهناك، حيث عظام الموتى تحولت إلى رماد، والأشجار صفراء لا روح فيها، والبناء متهالك يكاد يسقط، والصمت هو الذي يكسو المكان ويعشش في أرجائه، حتى شعر عزير بقسوة الموت.
عزير ينام مائة عام
ودار سؤال في خلد عزير، وتساءل في نفسه عن كيف يحيي الله تلك العظام بعد موتها، فلم يكن يشك أن الله سيحييها لكن سؤاله كان تعجبًا ودهشة من قدرة الله - عز وجل - ولم يكد عزير ينتهي من كلماته حتى قبض الله روحه وتمدد الحمار مكانه، وكان عزير لم يكن خلصه من قيده حتى مات من شدة الجوع.
ومرت السنوات حتى نسي الناس أمر عزير ولم يتذكره أحد سوى ابنه، فلما مرت المائة عام أراد الله أن يبعث عزير مجددًا ليريه كيف يحيي الموتى، لكنه كان وقتها ما زال شابًا إذ كان في سن الأربعين، وبعثه الله على نفس السن فصار أصغر من ولده.
الله يأمر بنفخ الروح في جسد عزير
فلما جاء الملك لينفخ في عزير الروح مرة ثانية، سأله الملك: كم لبثت؟ قال عزير: لبثت يومًا أو بعض يوم، وذلك لأنه كان نام في أول النهار وبعث في آخره قبل غياب الشمس، فقال له الملك: بل لبثت مائة عامـ فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه، أي أن طعامه ما زال كما هو لم يتغير، وقال له الملك: انظر إلى حمارك، فنظر إليه ليجده قد بليت عظامه، فنادى الملك عظام الحمار حتى أجابت ما قاله وأقبلت على الملك حتى ركبه وعزير يرى ما يحدث، ثم ألبسها الملك العصب والعروق وكساها اللحم وأنبت الجلد والشعر ثم نفخ فيه الروح حتى رفع الحمار رأسه عاليًا إلى السماء ناهقًا، حيث ظن أن القيامة قد حان موعدها، فلما تبين لعزير قدرة الله - عز وجل - قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير.
عزير يرجع إلى قومه
وركب عزير حماره حتى رجع إلى مكانه ولم يعرف الناس كما أنهم لم يعرفوه، وعندما وصل إلى منزله وجد عجوزًا عمرها 120 سنة كانت له أَمَة، فسألها أهذا منزل عزير؟، قالت نعم وبكت قائلة: ما رأيت أحدًا من كذا وكذا سنة يذكر عزيرًا وقد نسيه، فأخبرها أنه عزير لكنها قالت له: إن عزير كان مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك، فإن كنت عزيرًا عرفتك، فدعا لها ربها ومسح على عينيها فصحتا وأخذ بيدها وقال لها قومي بإذن الله وقامت تمشي على رجليها، فنظرت إليه وقالت أشهد أنك عزير، وذهبت معه إلى قومه وكان ابن عزير شيخًا كبيرًا عمره 118 سنة، فنادتهم وأخبرتهم أن هذا عزير فكذبوها، لكنها أبلغتهم ما حدث معها من شفاء عينيها ورجليها، فنهض الناس ينظرون إليه وقال له ابنه: إن أبي كانت له شامة سوداء بين كتفيه فكشف كتفيه ليرى الشامة فإذا هو عزير، وقال قومه: لم يكن أحد منا يحفظ التوراة غير عزير وقد حرقها بختنصر ولم يتبق منها شيء فاكتبها لنا.
وكان عزير قد أخبأ التوراة في مكان سري لم يعرفه أحد، فانطلق بهم إلى هناك، وأخرج التوراة، فإذا بها بالية وقد عفن ورقها، وجلس في ظل شجرة والناس حوله ليجددها لهم، وحينها أمر الله شهابان نزلا من السماء دخلا في جوف عزير حتى تذكر التوراة.