أيمن شكل

كما حققت الشركات العائلية التجارية نجاحاً كبيراً في البحرين ودول العالم، فإن هذا الحلم يراود المحامين في أن تكون لديهم شركات قانونية عائلية تتوارثها الأجيال ليظل الاسم موجوداً، وتتسع دائرة النشاط لتؤمن مستقبلاً أفضل للأبناء.

ناقشت «الوطن» الفكرة مع أهل المهنة، واكتشفت أن هناك ترحيباً كبيراً بها خاصة مع اقتراب إقرار قانون المحاماة الجديد، والذي يتطرق لموضوع شركات المحاماة.

مكاتب المحاماة تبنى على الاسم والخبرة

وأشار رئيس جمعية المحامين البحرينية المحامي صلاح المدفع، إلى أن قانون المحاماة الحالي لا يتطرق إلى موضع شركات المحاماة، فيما ينص القانون المقدم من الحكومة إلى السلطة التشريعية صراحة على تأسيس شركات المحاماة، إلا أنها يمكن أن تصبح من غير المحامين، وهو ما كان لنا اعتراض عليه، ويجري حالياً بحث الأمر بشأنه. وأوضح أن السبب في أن مسؤولية المحامي تختلف عن مسؤولية الشركات التجارية، والتي تتعدد فيها أنواع المسؤولية، منوهاً بأنه توجد حالياً شركات «تضامن» للمحاماة، ولكن يفضل أن يكون أصحابها من أهل المهنة، وقال: حتى لو كان الأبناء من غير العاملين في المهنة، فلن تستمر الشركة، ولن يفكر أحد في التعامل معها؛ لأن مكاتب المحاماة تبنى على الاسم والتاريخ المهني والخبرة، ولذلك اعترضنا على دخول غير المحامين في هذا المجال. وأضاف أن هناك أمثلة لمكاتب محامين ورثها الأبناء، وما زالت تؤدي دورها بكفاءة، ومكاتب أخرى انتهت بوفاة المؤسس؛ لأن الأبناء توجهوا لمهن أخرى، ولا يتحقق الاستقرار والاستدامة إلا بوجود خبرات تراكمية ومهنية تحافظ على اسم المؤسس، ونحن في جمعية المحامين البحرينية نرحب بأن يتم تنظيم شركات المحاماة المهنية بحيث تكون شركة مهنية مدنية تسجل في وزارة العدل.

غنيم.. شركة تضامن عائلية

المحامي عبدالرحمن غنيم، استطاع أن يغير من الشكل القانوني لمكتبه الذي تأسس عام 2003، وتحويله ليكون المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة الغنيم محامون ومستشارون قانونيون «شركة تضامن»، وانضم لعضوية مجلس الإدارة ابنيه إسلام غنيم نائب رئيس مجلس الإدارة، ويوسف غنيم الرئيس التنفيذي للشركة لتكوين مؤسسة قانونية متخصصة.

وأوضح أنه غيّر الشكل القانوني للمكتب تماشياً مع متطلبات العمل الحديث، مشيراً إلى أنه لا توجد إشكالية في ذلك خاصة مع السماح لمكاتب المحاماة بإعادة تغيير هيكلها القانوني من مكاتب فردية إلى شركات مهنية متخصصة في شؤون العمل القانوني بهدف توسيع مجالات الشراكة وتخصيص الأهداف بين الشركاء وتحديد الحقوق والالتزامات بين الشركاء حتى، ولو كانت تربط بينهم صلة القرابة والدم، فضلاً عن استمرار الكيان القانوني، وهي الشركة، دون الاعتبار للشركاء فيها لقدرتها على استيعاب أكبر عدد من أفراد العائلة يجمعهم ذات التخصص، علماً بأن الشركات العائلية لاقت نجاحاً من الماضي وتطورات في الحاضر خاصة في المجال المهني القانوني. وقال إن «الإجراءات متاحة للجميع على موقع الحكومة الإلكترونية، ولا تستغرق سوى يومي عمل».

إجراءات اعتماد شركات المحاماة

وبالفعل أظهرت صفحة الحكومة الإلكترونية آلية التقديم على طلب اعتماد شركات المحاماة، حيث يقدم الطلب لدى وزارة الصناعة والتجارة للحصول على ترخيص إنشاء شركة محاماة للمحامين المشتغلين والمجازين أمام التمييز ويتم عرض الطلب على المسجل العام لمراجعته ومنح الموافقة أو الرفض بحسب الاشتراطات.

وتتحصل المستندات المطلوبة في نسخة من بطاقة قيد المحاماة سارية المفعول لمقدم الطلب، صور لمقر الشركة، نسخة من عقد الإيجار أو عقد شراء مقر الشركة، لجانب نسخة من بطاقة الهوية الخاصة بمقدم الطلب.

ويستند الاعتماد على المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1980 بإصدار قانون المحاماة، وقانون الشركات التجارية الصادر بمرسوم بقانون رقم 12 لسنة 2001 وتعديلاته مع اللائحة التنفيذية، ويستغرق وقت الإنجاز يوما عمل، ويوضح الموقع أن الجهة المقدمة للخدمة هي وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.

أمنية كل محامٍ توريث أبنائه المهنة

المحامي زهير عبداللطيف، احتفل مؤخراً بانضمام ابنه بدر إلى مكتبه بعد أن انتهى من دراسة القانون وفترة التدريب المفروضة على المحامي قبل العمل الفعلي، وقال إن أمنية كل محامٍ أن يكون له خلف في المهنة من أبنائه، وقد يكون من المفيد مستقبلاً تحويل المكتب إلى شركة استشارات قانونية تحمل اسم العائلة وتواصل المسيرة.

وقال عبداللطيف: ربما لا نستطيع توريث المهنة، لكن نبني على الخبرات من خلال وجود الأبناء في الوسط القانوني والتفاعل المباشر مع الدعاوى وبهذه الطريقة يمكن أن نعتمد فكرة الشركات العائلية بالمحاماة.

فرصة تعديل القانون بالمجلس التشريعي

وأشار المحامي وعضو مجلس النواب السابق فريد غازي، إلى أن لديه ابن يواصل درب المهنة، لكن غازي لفت إلى أن القانون لم ينظم موضوع الشركات العائلية للمحاماة، وذلك لأن ترخيص المحاماة يمنح لصاحبه فقط، وقال إن هذه الفكرة تم طرحها تشريعياً في وقت سابق، ونوقشت وخلصت النقاشات إلى أن القانون يحتاج إلى تعديل في جزئية الشركات المهنية.

وأشار إلى أن مجلس النواب يناقش حالياً قانون المحاماة وهي فرصة مواتية لمناقشة هذا الموضوع وإضافته للقانون، بحيث يصدر متكاملاً وشاملاً لتطلعات العاملين في المهنة. وضرب غازي مثالاً بمكاتب الهندسة، حيث لا يمكن توريث الترخيص للأبناء، كذلك في مهنة الطب.

وقال: إن «الشركات التجارية موجودة لكن القانون لم ينظم الشركات المهنية، وهذا الموضوع ليس بجديد حيث طرح قبل 30 عاماً، وأجريت عليه نقاشات كثيرة، لكنها لم تصل إلى حل المعضلة لليوم، وقد ترجع أسباب ذلك إلى خشية المحامين من دخول شركات أجنبية من الأبواب الخلفية».

أبناء على درب الآباء

عضو مجلس الشورى السابقة والمحامية جميلة سلمان، من مؤيدي الشركات العائلية في مجال مهنة المحاماة مع طرح مشروع قانون المحاماة الجديد، والذي سيتضمن مسألة الشركات في هذا المجال، ولا تستبعد عن توجهها مستقبلاً لهذا الاتجاه، وخصوصاً أن أبناءها نشأوا في بيئة قانونية، فوالدهم رحمه الله اللواء محمد راشد بوحمود كان الوكيل المساعد للشؤون القانونية بوزارة الداخلية، ووالدتهم محامية تجاوزت 30 عاماً خبرة في مهنة المحاماة، لذلك تدرس الابنة الكبرى سارة القانون في بريطانيا في السنة الأخيرة الجامعية، والابن الثاني علي الذي يدرس القانون في أكاديمية الشرطة، وأيضاً فاطمة الصغيرة تحمل طموحا مستقبليا بدراسة القانون بعد تخرجها من المدرسة.

وقالت: «أعطيت لأبنائي الحرية منذ البداية، ولم أجبرهم على دراسة القانون أو أي تخصص آخر لذا ابني الأوسط يدرس الهندسة، لكن أتمنى أن يستمر تطور المكتب بسواعد الأبناء، خاصة وأنه بني بمجهودات كبيرة على مر السنين، وواجه تحديات، واستطاع أن يجمع خبرة تراكمية وتاريخاً مهنياً تجاوز 30 عاماً ولم يكن الأمر سهلا، ولا شك بأن كل محام يتمنى الاستمرارية لجهوده وعمله وتاريخه المهني بواسطة الأبناء.

وأشارت عضو مجلس الشورى السابقة إلى النجاح المتحقق في الشركات العائلية في المجال التجاري، والتي أصبحت اليوم شركات عريقة وتؤدي دوراً رئيساً في الاقتصاد الوطني. وقالت: «لو حدث ذلك مع مكاتب المحاماة فسيكون له تأثير إيجابي على العمل القانوني وينعكس أيضا على اقتصاد المملكة».

تخفيف العناء على الآباء

ولم يختلف الوضع لدى المحامي جاسم سرحان، والذي كشف عن ابنته دعاء جاسم التي تدرس القانون في جامعة العلوم التطبيقية، ووصلت إلى السنة النهائية، وقال: «انتظر أن تتخرج لكي تخفف عني عبء العمل قليلا، وتعاونني في المكتب».

وحول مقترح الشركات العائلية للمحاماة، أكد أن كل إنسان يطمح أن يورث مهنته لأبنائه، خاصة في المجال القانوني، لكنه لفت إلى معضلة الجيل Z والذي لا يحبذ دخول هذه المنطقة الشائكة، ويتوجهون إلى الأعمال التقنية أكثر من القانونية، ويرون أن المحاماة مهنة عصية عليهم، خاصة مع ارتفاع أعداد المحامين العاملين في البحرين.