الإعلام الأمريكي يكاد يجن بسبب رؤيته لواقع عربي مختلف تماماً عمّا روج له طوال العقود الماضية، فزيارة الرئيس الأمريكي جعلت هذا الإعلام يرى دولاً قوية متماسكة كلمتها واحدة ومواقفها متناسقة وعلى درجة كبيرة من التفاهم، ربما يرون العالم العربي لأول مرة بهذا الشكل المشرف، لقد مثلت الدول المشاركة في قمة جدة العالم العربي كما ينبغي، أهداف واضحة ومصالح محددة وكرامة وإصرار على السيادة ورفض للتدخلات الأجنبية وحماة لقيمنا ومبادئنا دون تنازل ودون رضوخ.
عقود وهذا الإعلام يصور دولنا وأنظمتنا على أنها مجرد كائنات بشرية حظيت بالنفط صدفة ولا تعرف قيمته لذلك فهم بحاجة لنا لإدارته مقابل أمنهم، أو كما قال بايدن قبل أن يأتي «لن تكون هناك سياسة الشيك على بياض التي توارثناها»!!
جاء الإعلام هذه المرة ليكتشف الأمريكان أن العكس تماماً هو الصحيح، وأنهم هم الذين بحاجة لهذه الدول، بحاجة لنفطها وحلفها وموقعها وسوقها وأن لهذه الدول مصالح محددة جداً وواضحة وأنهم لن يقبلوا بخدمتهم بشيك على بياض مثل كل مرة.
لأول مرة يجلس رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويضطر أن يستمع لا أن يتكلم ويملي علينا وجهة نظره، لقد سمعها واضحة، سمع موقف دولنا الموحد من محاولات تدخلهم وفرضهم لقيمهم ومنها التطبيع مع «الشذوذ»، فسمعها آيات من الذكر الحكيم تليت في افتتاح القمة «إنا خلقناكم من ذكر وأنثى»، وسمعها من ملكنا المعظم حفظه الله أننا لن نسمح بتدخلات أجنبية تفرض علينا قيمها، وسمعها من الأمير محمد بن سلمان.
سمع أننا لن نقبل بأن تشجع الجماعات المتطرفة باسم دعم الديمقراطية، وأننا سنظل على الحياد، وأن علاقتنا بإسرائيل نحن الذين نرسم حدودها، بلا اندفاع، وأن شراكتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية ندية لا ميلان في كفتها، إن كنتم تروجون أننا بحاجتكم فاليوم جاءت هذه الزيارة لتعيد تقييم الأمور لكم من جديد أنكم بحاجتنا بنفس ذات القدر.
أسطولكم الخامس يحمي مصالحكم لا يحمي أنظمتنا، مصالحنا المشتركة هي التي ترسم طبيعة هذه العلاقة، وهذا لا يعطيكم الحق في التعالي أو محاولات فرض قيمكم علينا.
لقد سمع رداً مفحماً حين تحدث عن حقوق الإنسان بأن من لديه في سجله عار كسجن أبوغريب لا يحق له أن يحاضرنا عن الإنسان وحقوقه، وأن من لديه تقرير كاذب عارٍ من الصحة كتقرير المخابرات الأمريكية عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، لا يحق له أن يستشهد بتقارير هذه المؤسسة في أي قضية أخرى ولا يبني علاقته معنا بناء على استنتاجاتها الخاطئة!
لذلك حين نشرت الخارجية الأمريكية تقريرها عن الزيارة بعنوان حقائق عن الزيارة قالت «اجتمع الرئيس بايدن اليوم في جدة بقادة المملكة العربية السعودية الذين يستضيفون القمة القادمة مع دول مجلس التعاون الخليجي زائد مصر والعراق والأردن. وقد وضعت الولايات المتحدة والمملكة اللمسات الأخيرة على عدد من الاتفاقيات الدولية والثنائية التي تخدم مصالح الشعب الأمريكي والمزيد من الاندماج والاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط، وذلك خلال اجتماع مع الملك سلمان تلته جلسة عمل مطولة مع ولي العهد محمد بن سلمان والوفدين الأمريكي والسعودي» انتهى.
فعدت الخارجية ما سمته مصالح أمريكية مثل اتفاقيات الطاقة والأمن السيبراني والصحة والجيل الخامس من الاتصالات والبنية التحتية للاستثمار وكلها لا تخدم المصلحة العربية السعودية فقط بل تخدم المصلحة الأمريكية أيضاً، حتى الوعد بالزيادة في الطاقة الإنتاجية فهي للتصدي لموجة الكساد العالمية لا خدمة أو استجابة لطلب أمريكي.
باختصار أننا نعيد ترسيم حدود العلاقة الأمريكية العربية بيننا وبينهم من جديد وقد كان درساً صعباً على الولايات المتحدة الأمريكية أن تستوعبه لأنها ابتعدت في وهمها عن الواقعية كثيراً، وهي اليوم تعود لأرض الواقع من جديد.
الأهم أن ذلك لم يكن ليحدث لولا أننا لم نتكلم بلغة واحدة وبصوت واحد، وحدث لأنهم عجزوا عن إحداث أي خرق في هذا التماسك والكلمة الواحدة.
{{ article.visit_count }}
عقود وهذا الإعلام يصور دولنا وأنظمتنا على أنها مجرد كائنات بشرية حظيت بالنفط صدفة ولا تعرف قيمته لذلك فهم بحاجة لنا لإدارته مقابل أمنهم، أو كما قال بايدن قبل أن يأتي «لن تكون هناك سياسة الشيك على بياض التي توارثناها»!!
جاء الإعلام هذه المرة ليكتشف الأمريكان أن العكس تماماً هو الصحيح، وأنهم هم الذين بحاجة لهذه الدول، بحاجة لنفطها وحلفها وموقعها وسوقها وأن لهذه الدول مصالح محددة جداً وواضحة وأنهم لن يقبلوا بخدمتهم بشيك على بياض مثل كل مرة.
لأول مرة يجلس رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويضطر أن يستمع لا أن يتكلم ويملي علينا وجهة نظره، لقد سمعها واضحة، سمع موقف دولنا الموحد من محاولات تدخلهم وفرضهم لقيمهم ومنها التطبيع مع «الشذوذ»، فسمعها آيات من الذكر الحكيم تليت في افتتاح القمة «إنا خلقناكم من ذكر وأنثى»، وسمعها من ملكنا المعظم حفظه الله أننا لن نسمح بتدخلات أجنبية تفرض علينا قيمها، وسمعها من الأمير محمد بن سلمان.
سمع أننا لن نقبل بأن تشجع الجماعات المتطرفة باسم دعم الديمقراطية، وأننا سنظل على الحياد، وأن علاقتنا بإسرائيل نحن الذين نرسم حدودها، بلا اندفاع، وأن شراكتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية ندية لا ميلان في كفتها، إن كنتم تروجون أننا بحاجتكم فاليوم جاءت هذه الزيارة لتعيد تقييم الأمور لكم من جديد أنكم بحاجتنا بنفس ذات القدر.
أسطولكم الخامس يحمي مصالحكم لا يحمي أنظمتنا، مصالحنا المشتركة هي التي ترسم طبيعة هذه العلاقة، وهذا لا يعطيكم الحق في التعالي أو محاولات فرض قيمكم علينا.
لقد سمع رداً مفحماً حين تحدث عن حقوق الإنسان بأن من لديه في سجله عار كسجن أبوغريب لا يحق له أن يحاضرنا عن الإنسان وحقوقه، وأن من لديه تقرير كاذب عارٍ من الصحة كتقرير المخابرات الأمريكية عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، لا يحق له أن يستشهد بتقارير هذه المؤسسة في أي قضية أخرى ولا يبني علاقته معنا بناء على استنتاجاتها الخاطئة!
لذلك حين نشرت الخارجية الأمريكية تقريرها عن الزيارة بعنوان حقائق عن الزيارة قالت «اجتمع الرئيس بايدن اليوم في جدة بقادة المملكة العربية السعودية الذين يستضيفون القمة القادمة مع دول مجلس التعاون الخليجي زائد مصر والعراق والأردن. وقد وضعت الولايات المتحدة والمملكة اللمسات الأخيرة على عدد من الاتفاقيات الدولية والثنائية التي تخدم مصالح الشعب الأمريكي والمزيد من الاندماج والاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط، وذلك خلال اجتماع مع الملك سلمان تلته جلسة عمل مطولة مع ولي العهد محمد بن سلمان والوفدين الأمريكي والسعودي» انتهى.
فعدت الخارجية ما سمته مصالح أمريكية مثل اتفاقيات الطاقة والأمن السيبراني والصحة والجيل الخامس من الاتصالات والبنية التحتية للاستثمار وكلها لا تخدم المصلحة العربية السعودية فقط بل تخدم المصلحة الأمريكية أيضاً، حتى الوعد بالزيادة في الطاقة الإنتاجية فهي للتصدي لموجة الكساد العالمية لا خدمة أو استجابة لطلب أمريكي.
باختصار أننا نعيد ترسيم حدود العلاقة الأمريكية العربية بيننا وبينهم من جديد وقد كان درساً صعباً على الولايات المتحدة الأمريكية أن تستوعبه لأنها ابتعدت في وهمها عن الواقعية كثيراً، وهي اليوم تعود لأرض الواقع من جديد.
الأهم أن ذلك لم يكن ليحدث لولا أننا لم نتكلم بلغة واحدة وبصوت واحد، وحدث لأنهم عجزوا عن إحداث أي خرق في هذا التماسك والكلمة الواحدة.