من المسميات التي أعشق أن أنطقها كاملة هي «الموارد البشرية» ولا أحبذ اختصارها بـHR، لكي أستشعرها في كل مرة؛ فالموارد البشرية لا تقل شأناً في أهميتها عن الموارد المالية التي نلهث وراءها جميعاً سواء أكنا أفراداً أم مؤسسات!!

ما إن تغلق المدارس أبوابها إلا وأبدأ طرح السؤال الآتي: «كيف سيستغل أبناؤنا هذه العطلة؟»، كيف سيتم الاستفادة من طاقتهم!! لأرى نفسي أطوف بهم من مكان إلى آخر بغية أن أشغل وقتهم الثمين بأي مهارة يكتسبونها بمقابل مالي!!

وأتذكر طفولتي عندما كنت في الـ15 من عمري بدأت مرحلة العمل الصيفي، أذكر أنني حصلت على فرصة تدريبية في وكالة كانو للسفر والسياحة، وجاهدت من أجل إقناع السيد رضوان الموسوي بأن أتدرب دون مقابل مادي، وبالفعل حصلت على فرصة تدريبية للعمل طيلة الصيف في قسم «Holidays» وهو قسم خاص بتوفير حجوزات الفنادق إلى جانب حجوزات تذاكر السفر، وقد دأبت على العمل الصيفي بانتظام منذ ذلك الوقت، ولهذا لم أجد عائقاً يمنعني من الالتحاق بالوظيفة تلو الأخرى نظراً إلى المهارات المتعددة التي اكتسبتها من خلال التدريب العملي!!

قبل هذا العمر، وفي وقت مبكر جداً عملت إلى جانب والدي رحمه الله في مجال البيع، فأصبحت أتمتع بمهارة وفنون البيع والتسويق!! مهارات اكتسبتها قبل أن أقرها مصفوفة في الكتب الأكاديمية!!

ولكن للأسف فإن أبنائي، وأبناء المحيطين بي لم يحظوا بما حظيت به، رغم أنني أعترف وأقر بأن الاهتمام بالشباب حالياً يفوق أضعافاً مضاعفة ما كنا نحظى به سابقاً!!

لا أعرف الإجابة عن نفسي أستلم العديد من الطلبات من الشباب الذين يرغبون في فرصة للتدريب في المؤسسات الحكومية، لأفاجأ بأن التدريب مفتوح فقط للطلبة في السنة الأخيرة من التعليم الجامعي ولديهم رسالة من الجامعة تبين متطلبات التدريب للتخرج!!

أما في القطاع الخاص فهناك مبادرات رائعة جداً، ولكن للأسف هي محدود جداً، من تلك المبادرات التي تستحق الإشادة مبادرة بنك البحرين الوطني التي أخذت على عاتقها تدريب عدد من الطلبة ليس في المرحلة الجامعية فحسب بل من المرحلة الثانوية!! وهذا إذا دل على شيء فإنما يدل على أن هذا البنك الوطني يؤمن بالاستغلال للموارد البشرية وتنميتها.

تجارب عديدة عرجت عليها مسبقاً في عدد من الدول الأجنبية والعربية للاستفادة من طاقات الشباب خلال فترة العطلة الصيفية، منها تجربة المملكة الأردنية الهاشمية في توظيف طاقات الشباب في الزراعة العامة وتسمية كل نبتة باسم من قام بزراعتها، حيث أفرزت هذه التجربة الرائعة استغلالاً أمثل لوقت الشباب وزيادة الولاء والانتماء.

مهارات لا يمكن أن يتعلمها الفرد إلا من خلال التجربة والتدريب منها فنون التعامل مع الآخرين، والذكاء الاجتماعي، والقيادة، والعمل بروح الفريق الواحد، والالتزام والانضباط وغيرها من المهارات التي نسمي بعضها Soft skills.

رأيي المتواضع

يقول الحكيم كونفوشيوس: «قل لي وسوف أنسى.. أرني ولعلي أتذكر.. أشركني وسوف أفهم»، فلنشرك المورد البشري منذ عمر متقدم في التدريب العملي لنحظى بجيل مستعد لحمل راية القيادة في المستقبل.