هكذا أصبح حال الاتفاق النووي بين عدة اتجاهات مختلفة فمنهم من ذهب إلى أن إيران تريد توقيع الاتفاق مهما كلفها الأمر بهدف تحقيق مكسب مهم وهو الانتعاش الاقتصادي ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك بأن الرئيس جو بايدن يسعى لإنهاء هذا الاتفاق بصورة عاجلة قبل الانتخابات الصيفية والتي يسعى بها الديمقراطيون للحصول على أكبر مقاعد بالكونجرس، إضافة إلى خفض أسعار الطاقة بالسوق العالمي.
أما الاتجاه المعارض لتوقيع الاتفاق فهو طرح فرضية وهي أن الاتفاق سيسهم في بيع النفط الروسي بالأسواق عبر إيران وبالتالي يعتبر ذلك التفافاً واضحاً من العقوبات التي فرضتها أمريكا والدول الأوروبية، كما أن بعض دول الخليج وإسرائيل تنظر إلى أن توقيع الاتفاق ما هو إلا إطلاق العنان للمليشيات الإرهابية بأن تقوم بأعمالها العدائية وتتسبب بالفوضى كالحوثيين باليمن وحزب اللات في لبنان والكيانات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان والعراق.
فكل اتجاه له مبرراته ومصالحه التي تحقق أهدافه السياسية، ولكن هناك نقطة مشتركة في الجميع بأنهم جميعهم ليس لهم ثقة بالإدارة الأمريكية الحالية، فهم ينظرون إليها بأنها غير صادقة فيما تفعله وأنها لا يمكنها تقديم الضمانات للطرفين المؤيد والمعارض لتوقيع الاتفاق.
فالتحدي للإدارة الأمريكية الحالية هو إرجاع الثقة لكل الأطراف وهذا لن يتحقق في حال لم تقدم ضمانات ملموسة ومؤثرة، فالإيرانيون يريدون ضمانات من عدم انسحاب أمريكي من الاتفاق مستقبلاً، وإذا حدث ذلك فإنها تسعى لضمانة اقتصادية، فيما يسعى الجانب المقابل المعارض إلى ضمان أن إيران توقف برنامجها النووي وفي ذات الوقت التخلي عن مشروعها التوسعي بالمنطقة ومنها دعمها للمليشيات الإرهابية.
خلاصة الموضوع، أن الفترة القادمة ستحمل الكثير من الأخبار عن مستقبل منطقة الشرق الأوسط ومنها الملف النووي، ففي الحالتين فإن دول الخليج العربي استعدت لسيناريو توقيع الاتفاق أو من عدمه، وأن خطة التحالفات ستفعل وكل دولة ستنظر إلى مصالحها التي تحفظ أمنها واستقرارها بعيداً عن العواطف، ولقول الراحل وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل «نحن لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون».