باستثناء شابة يافعة بطيب مشاعرها ودماثة أخلاقها معروفة لم أكن لأَسمع بـ «اسم يلدا» من قبل، حدَثَ وأَن سألتها مرة عن معنى اسمها ولكن حقيقة لم أَعُد أذكر. ولكن عاد الاسم تردد على مسامعي مقترناً بنشرة الأخبار مطلع الأسبوع المنصرم عندما ذكرت المذيعة «بأن يلدا تعيسة» ولكن هذه المرة لم يكن لصديقتي دور في هذا.. وإنما بالأحداث المؤلمة التي تعصف في العاصمة طهران وسائر المناطق الإيرانية احتجاجاً من الشعب وتنديداً على ما يُمارس عليه من قمع وظلم وعدوان داخلي يصل حد الإعدام التعسفي.

«يلدا تعيسة» فمن ناحية التعاسة فأنا أعرف لِما هي حزينة، بائسة ولكن أردت أن أعلم ما المقصود بها وماذا تعني للشعب الإيراني؟ ليتضح لي أن «يلدا» كلمة سريانية تعني «الولادة»، و «شب يلدا» تعني «ليلة الميلاد» ولكن ليس أي ولادة وإنما ولادة الشمس التي تهزم الليل أو رمزاً للنور الذي يهزم الظلام. وكأن هذا اليوم الذي يُحتفل به منذ مئات السنين علامة دالّة على أن الشعب الإيراني عدا الحكومات المتعاقبة كان ولايزال مندداً للظلام الذي يكتسح العقول والقلوب. أما اختيار تاريخ 21 ديسمبر للاحتفال، لسبب أن هذه الليلة تعتبر أطول ليالي السنة ومعها يبدأ فصل الشتاء ونودّع فصل الخريف.

ويتم الاحتفاء بهذه المناسبة بالكثير من الفرح ويتم تزيين المنازل والأماكن بالإضاءة والأنوار معتبرين أن الشمس رمز للمحبة في احتفالاتهم وطقوسهم الدينية.

ومن الطقوس المتبعة في هذه الليلة أيضاً، التجمّع الأسري ومشاركة الأقارب وخاصة كبار السن، حيث يرمزون إلى شيخوخة الشمس في نهاية الخريف. فضلاً عن تناول البطيخ الأحمر الذي يعتبر سيد المائدة لأن عدداً كبيراً من الناس يعتقدون بأن تناوله ولو بكميات قليلة في هذه الليلة يزيل الأمراض من البدن ويمنحه الصحة والعافية ويبعد عن متناوله المرض طيلة فصل الشتاء ثم الرمان والعنب والمكسرات وكل ما يميل لونه إلى الأحمر أي لون الشمس.

لذا على بالي أن يحتفل الشعب الإيراني المكافح، أهل العلم والثقافة والفن ونحن معكم بـ «شب يلدا» قريباً ونصفق ونهتف جميعاً لولادة جديدة لنور العدالة الذي سيهزم الظلام العابث الدامس الذي يخيم عليه.