لا تستطيع الذاكرة البشرية أن تتجاوز في مواقف الشكوى من الجوع ونقص الطعام القصة المنسوبة إلى ملكة فرنسا السابقة ماري أنطوانيت. حين أخبروها أن الشعب جائع ويعاني ولا يجد الخبز، فأجابت إجابة بسيطة.. فليأكلوا الكعك. اليوم يخرج علينا عدة علماء، وتصدر عن عدة منظمات ومراكز أبحاث، يشيرون جميعاً إلى أزمة نقص الغذاء العالمي، ويقولون لنا بنبرة طبيعة جداً «كلوا حشرات».
لا شك في أن ثمة شعوباً بأكملها في آسيا وإفريقيا تأكل الحشرات والديدان والأفاعي كجزء رئيس من طعامها. فضلاً عن أن هذه الشعوب تأكل أيضاً بعض الحيوانات مثل الفئران والكلاب وغيرها. ويخبرنا علم الأنثروبولوجيا أن بعض القبائل البشرية لم تتورع عن أكل البشر أحياءً كانوا أم جثثاً فضلوا الاستفادة من لحمها قبل ترك ما تبقى منها للديدان. الأكل، الطعام، المطبخ، الوصفات... هي ثقافة وتاريخ ورحلة بشرية طويلة تشكلت معها ذائقة البشر وفنونهم وفوارقهم الطبقية. بعضها استمر وتطور وصار عالمياً. وبعضها بقي في إطار المحلية. وبالتأكيد انقرض العديد منها بفعل الحضارة.
منذ عقدين من الزمن ومخاوف، أو... «تخويفات» تناقص الغذاء العالمي تتزايد. وتتحالف مخاوف التغيرات المناخية الواضحة جداً. ارتفاع درجات حرارة الأرض وحرائق الغابات. الفيضانات الشديدة وارتفاع منسوب المياه وصور الغرق التي تطغى دائماً بعد كل إعصار أو موجة مطر. عقد العالم عدة اجتماعات لمناقشة الأزمة القادمة، ولم تسفر الاجتماعات عن حلول لعلاجها. الاجتماعات كانت فقط لتأكيد المخاوف. لم تعلن أي جهة عن مشروع زراعي أو صناعي لاستثمار الكرة الأرضية لإنتاج الطعام. لم تصدر دراسة مسحية تشير إلى مساحات الأراضي الزراعية الموجودة والممكن استصلاحها لتوفير الطعام، أو أية إحصائية للثروات الحيوانية المتوافرة وكيفية تنميتها.
فجأة بدأت التصريحات تعلن ندرة البروتين الحيواني وضرورة توفير بدائل صناعية لمادة البروتين. والآن تطورت الدراسات لتعلن أن الاعتماد البشري القادم على المنتوجات الزراعية ونقص البروتين سيسبب نقصاً في جسم الإنسان في عدة معادن وأنزيمات وأن الحل إضافة مسحوق الحشرات والديدان إلى الطعام المصنّع باعتبار أن نسبة البروتين في هذه المخلوقات يفوق نظيراتها من الحيوانات. إنه حديث عن الصناعة وليس في التغذية.
في البدء كنا نظن الموضوع مزحة من صناع المحتوى المفبرك. ولكننا فوجئنا بتقارير حقيقية على مواقع رسمية لمنظمات دولية تروج لهذا المشروع. إنهم جادون في دس الحشرات والفئران في طعامنا. وسيقدمون لنا ضمانات بأن هذه الحشرات آمنة ولم تتعرض للمبيدات أو الكيماويات!! ونحن أيضاً جادون في تقديرنا لأزمة الغذاء والمناخ التي تفاقمت بسبب انتشار العمران وناطحات السحاب والشاليهات والمصانع وسيارات النقل والشحن والقطارات. والحل في دراسة توفير الغذاء الطبيعي للبشر في إعادة إحياء المناطق التي تصحرت وزيادة رأس المال الحيواني الذي يحتاج إليه البشر.
في الكتابات الاقتصادية الكلاسيكية أدى تطور الآلات وانتشار المدن إلى هجرة القرى والمزارع وتقلص مساحات الزراعة. والحل في العودة إلى الطبيعة وإعادة إحيائها وليس بحقن الطعام بالحشرات والديدان، كي تنتعش صناعة جديدة، وتتشكل رأسمالية جديدة على حساب البشرية.
{{ article.visit_count }}
لا شك في أن ثمة شعوباً بأكملها في آسيا وإفريقيا تأكل الحشرات والديدان والأفاعي كجزء رئيس من طعامها. فضلاً عن أن هذه الشعوب تأكل أيضاً بعض الحيوانات مثل الفئران والكلاب وغيرها. ويخبرنا علم الأنثروبولوجيا أن بعض القبائل البشرية لم تتورع عن أكل البشر أحياءً كانوا أم جثثاً فضلوا الاستفادة من لحمها قبل ترك ما تبقى منها للديدان. الأكل، الطعام، المطبخ، الوصفات... هي ثقافة وتاريخ ورحلة بشرية طويلة تشكلت معها ذائقة البشر وفنونهم وفوارقهم الطبقية. بعضها استمر وتطور وصار عالمياً. وبعضها بقي في إطار المحلية. وبالتأكيد انقرض العديد منها بفعل الحضارة.
منذ عقدين من الزمن ومخاوف، أو... «تخويفات» تناقص الغذاء العالمي تتزايد. وتتحالف مخاوف التغيرات المناخية الواضحة جداً. ارتفاع درجات حرارة الأرض وحرائق الغابات. الفيضانات الشديدة وارتفاع منسوب المياه وصور الغرق التي تطغى دائماً بعد كل إعصار أو موجة مطر. عقد العالم عدة اجتماعات لمناقشة الأزمة القادمة، ولم تسفر الاجتماعات عن حلول لعلاجها. الاجتماعات كانت فقط لتأكيد المخاوف. لم تعلن أي جهة عن مشروع زراعي أو صناعي لاستثمار الكرة الأرضية لإنتاج الطعام. لم تصدر دراسة مسحية تشير إلى مساحات الأراضي الزراعية الموجودة والممكن استصلاحها لتوفير الطعام، أو أية إحصائية للثروات الحيوانية المتوافرة وكيفية تنميتها.
فجأة بدأت التصريحات تعلن ندرة البروتين الحيواني وضرورة توفير بدائل صناعية لمادة البروتين. والآن تطورت الدراسات لتعلن أن الاعتماد البشري القادم على المنتوجات الزراعية ونقص البروتين سيسبب نقصاً في جسم الإنسان في عدة معادن وأنزيمات وأن الحل إضافة مسحوق الحشرات والديدان إلى الطعام المصنّع باعتبار أن نسبة البروتين في هذه المخلوقات يفوق نظيراتها من الحيوانات. إنه حديث عن الصناعة وليس في التغذية.
في البدء كنا نظن الموضوع مزحة من صناع المحتوى المفبرك. ولكننا فوجئنا بتقارير حقيقية على مواقع رسمية لمنظمات دولية تروج لهذا المشروع. إنهم جادون في دس الحشرات والفئران في طعامنا. وسيقدمون لنا ضمانات بأن هذه الحشرات آمنة ولم تتعرض للمبيدات أو الكيماويات!! ونحن أيضاً جادون في تقديرنا لأزمة الغذاء والمناخ التي تفاقمت بسبب انتشار العمران وناطحات السحاب والشاليهات والمصانع وسيارات النقل والشحن والقطارات. والحل في دراسة توفير الغذاء الطبيعي للبشر في إعادة إحياء المناطق التي تصحرت وزيادة رأس المال الحيواني الذي يحتاج إليه البشر.
في الكتابات الاقتصادية الكلاسيكية أدى تطور الآلات وانتشار المدن إلى هجرة القرى والمزارع وتقلص مساحات الزراعة. والحل في العودة إلى الطبيعة وإعادة إحيائها وليس بحقن الطعام بالحشرات والديدان، كي تنتعش صناعة جديدة، وتتشكل رأسمالية جديدة على حساب البشرية.