العنوان يلخص الاستنتاج الذي يصل إليه كل من يتابع الفيديوهات التي ينتجها يومياً بسخاء كل من يعتبر نفسه معارضاً للسلطة في مختلف الدول العربية. وللتأكد من هذه الحقيقة لا يتكلف المرء غير أن يأتي بواحدة من تلك الفيديوهات المنتجة قبل عام أو عامين أو أكثر ويقارنها بأي فيديو جديد يقومون بإنتاجه، حيث سيجد كيف أنها لا تتغير وأنها تقول الشيء نفسه، وإن تم حشوها بمعلومات يتم استقاؤها من أحداث الحاضر لتبدو جديدة.
الأساس لا يتغير، فالمصريون الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» يعتبرون كل إنجاز يتحقق في عهد الرئيس السيسي هزيلاً ولا قيمة له، وينظرون إلى كل قرار يصدر عن الحكومة المصرية أنه لا غاية له سوى مص دم الشعب المصري وإذلاله وجعله متخلفاً وغير قادر على المطالبة بحقوقه والتعبير عن نفسه وتحقيق ما يحلم به. والأمر نفسه يفعله الخليجيون الذين اختاروا الخارج موئلاً ويعتبرون أنفسهم «معارضة»، ويفعله كل من يعتبر نفسه كذلك في سائر الدول العربية، وكلهم يعملون على الاستفادة من الدول التي تتخذ موقفاً من الدول التي «ينتمون» إليها مادياً وإعلامياً. ولهذا فإن الفضائيات التي تم وضعها تحت تصرفهم تكرر ما يكررونه يومياً وتنطلق من الأساس نفسه.
هذا يعني أنهم بعيدون عن الموضوعية التي يفترض أن يتحلوا بها وينطلقوا منها، إذ من غير المعقول أن تكون كل الإنجازات التي تحققت وتتحقق في الدول العربية لا قيمة لها ولا تخدم مواطنيها، ومن غير المعقول أن تعمل الحكومات العربية على إذلال مواطنيها المسؤولة عنهم وجعلهم متخلفين لا لشيء سوى لتمنعهم من المطالبة بما يرغبون المطالبة فيه.
لو أن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» في مختلف البلاد العربية انتبهوا إلى هذا الأمر لتبينوا أحد أهم الأسباب التي جعلت وتجعل الكثيرين ينفضون من حولهم ويشككون في نواياهم وغاياتهم... و«مؤتمراتهم اللندنية»، ولعرفوا حجم الخطأ الذي يرتكبونه.. ويركبهم.