من الأمور المثيرة في منطق أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» ومستجيرون بالأجنبي أنهم ينطلقون من ويؤسسون لفكرة أن من ليس معنا ولا يأخذ برأينا ولا يقول بما نقول ولا يساندنا فهو مع الظالم وضد المظلوم وأنه لهذا فإن عليه أن يتوقع العقاب الشديد من رب العالمين في الدنيا قبل الآخرة، ويجتهدون في تأويل ما ورد في القرآن الكريم من آيات تتحدث عن الظلم والظالم والمظلوم. مثل هذا المنطق يؤكد أنهم دخلاء على السياسة ويعني أنهم لايزالون دون القدرة على التخلص من فكرة «الكتلة الإيمانية» التي اتخذوها عنواناً في سنين سابقة، فهم وحدهم الذين يتقبل الله سبحانه وتعالى منهم، وهم وحدهم الذين على الحق والصراط المستقيم، وهم الموعودون بنصر الله والوارثون الفردوس!

المعلومة التي تغيب عن أذهانهم هي أننا جميعاً مؤمنون مع فارق واحد هو أن غيرهم لا ينطلق من تلك الفكرة ولا يعمل على التأسيس لها ولا يستغل الدين لخدمة السياسة وأهدافه الضيقة، فما بين الله سبحانه وتعالى وبين البشر أمر لا يعنيهم ولا يدركونه ولا ينبغي أن يتدخلوا فيه وليسوا الناطقين باسمه تعالى، فتلك المساحة خاصة برب العالمين وهو العليم بذات الصدور.

من اختار العمل في السياسة لا يقبل بهذا المنطق الذي ملؤوا به مهرجاناتهم السرية والعلنية التي اختاروا لها لندن مكاناً لأنه ببساطة غير منطقي ولا يفضي إلى مفيد، ولأنه ببساطة أيضاً يعني أنهم يكفرون الآخر الذي لا يقبل بفكرهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم ونشاطهم وأنهم يعتبرون من لا يقف معهم ويساندهم ضدهم وأنه في النار.

هذا الفكر لا يفيدهم في المديين المتوسط والبعيد ولا يفيدهم في المدى القريب بل على العكس يجعل من لايزال مخدوعاً بهم يفر منهم لأنه سيتوقع إخراجهم له من الملة لو أنه تجرأ وناقشهم في ما يطرحون وقال إن منطقهم لا يمت للمنطق بصلة، وإنهم ليسوا وحدهم الذين على صلة بالإيمان.