ليس المقصود هو المعنى الحرفي للتوقيع على الاتفاقية الإيرانية السعودية، إنما الموفد الإيراني في المفاوضات التي جرت في بكين كان يمثل خامنئي، فلا يمكن لإيراني أن يتفاوض دون تفويض من خامنئي وأن يتحدث باسم النظام مع الصين تحديداً، فما الذي جعل المرونة الإيرانية ظاهرة هذه المرة أكثر من أي مرة سابقة، وما الذي دفعه أو أجبره على القبول؟
قد يكون توعد خامنئي بالقصاص من الذين تسببوا بتسمم الطالبات الإيرانيات أول إقرار منه بأن هناك من يعمل باسمه وخارج حدود سيطرته داخل الأراضي الإيرانية، أي أن هناك من يملك سلطات عالية في الهرم القيادي الإيراني قام بهذا الفعل دون علم منه.
من الطبيعي بوجود الضغوطات الداخلية المتكررة والمتصاعدة على عدة جبهات داخلية في إيران، أن الأمر برمته ممكن أن يخرج عن سيطرة خامنئي ويعود لنخب الحرس الثوري الإيراني المتواجدين على أرض المعركة، إنما إقراره بذلك يعد مؤشر الخلل في النظام الإيراني أضعف من سلطات خامنئي.
كما كان صعباً على خامنئي تمرد أفراد أسرته خاصة شقيقته التي اعتقلت ابنتها أثناء التظاهرات الأخيرة فذلك مؤشر على تزعزع البيت الخامنئي من الداخل.
أما تمرد ابن خاتمي وابنة رفسنجاني وهم أبناء رؤساء ومرجعيات دينية يضاف إلى العديد من المرجعيات الدينية الحبيسة في بيوتها والممنوعة من الحديث والتواصل مع العالم الخارجي فهو خلل في المنظومة الحاكمة.
أما الضربة القاصمة فهي تزايد الفساد والخروج عن سيطرة قيادات من الحرس الثوري الإيراني فيعمل بعضها ضد البعض الآخر، فتهم التجسس في تصاعد، ففي فبراير من العام الماضي نشرت البي بي سي تقريراً جاء فيه «قالت مصادر داخل الجناح الأمني لسجن إيفين في طهران، الذي يضم متهمين بالتجسس لصالح دول أخرى، لـBBC إن العشرات من قيادات رفيعة المستوى في الحرس الثوري محتجزون هناك».
وادعت BBC أن الحكومة الإيرانية تمتنع عن نشر أسماء هؤلاء القيادات المحتجزين أو رتبهم لتفادي الإضرار بسمعة الحرس الثوري.
ونقلت الهيئة البريطانية عن ضابط استخباراتي سابق في فيلق القدس التابع للحرس الثوري تأكيده أن وكالات أجنبية جمعت أدلة ضد عدد من السفراء الإيرانيين وقيادات الحرس الثوري، موضحاً أن هذه الأدلة تضم معطيات عن علاقات غرامية مع نساء يمكن استخدامها لابتزاز هؤلاء المسؤولين وإجبارهم على التعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية.
ثم بدأت الفضائح الجنسية لقيادات الحرس الثوري تظهر للعلن وآخرها فضيحة رستم قاسمي وظهوره مع صديقته السافرة في ماليزيا في أكتوبر الماضي.
ثم تأتي خسائر الحرس الثوري الإيراني بالاغتيالات تدل بأن عدد المتعاونين مع الموساد أكبر بكثير مما جعل استهداف قيادات الحرس واستهداف علماء النووي.
فعلى خلفية اغتيال قاسم سليماني جرت اعتقالات لأفراد وقيادات من الحرس الثوري الإيراني، وفي سبتمبر من العام الماضي اعتقلت مخابرات النظام السوري 34 عنصراً من الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في عدة مناطق في دير الزور، بتهمة التعاون مع التحالف الدولي وجهات خارجية، وفق ما أورد المرصد السوري.
خامنئي إذاً يتجرع السم من الداخل سواء من داخل دائرته الضيقة أو من تمرد الأقاليم ذات العرقية غير الفارسية كأذربيجان والأحواز، يتجرع السم أيضاً بسبب هبوط عملته إلى الحضيض مما جعل من اتساع دائرة الفقر خطراً يتساوى فيه الموت من الجوع أو الموت من رصاص الحرس الثوري، يتجرع خامنئي السم لأن الخطاب الديني فقد قدسيته وزالت عنه الهيبة في الداخل الإيراني، كل ذلك يجري مع تلك الاختراقات الكبيرة لقلعته الحصينة أي الحرس الثوري الإيراني. لنقر بأن هذه الظروف مستجدة على النظام الإيراني لم يشهدها طوال الأربعين عاماً منذ نزل الخميني على أرض طهران حتى اليوم، ظروف تجبر أي نظام أن ينحني للعاصفة حتى يستطيع إعادة ترتيب بيته الداخلي.
فإذا كان هذا وضع أي نظام من الداخل مضغوطاً إلى حد التهديد الذي يطال حكمه، ثم يتابع في ذات الوقت تحركات محمومة وتصعيداً خطابياً أجنبياً من كل صوب، وتهديدات بتوجيه ضربة له من الخارج، فأي نظام عاقل سيرفع يده طالباً هدنة، وهذا ما فعله خامنئي ولهذا قَبِلَ بالاتفاقية.
«الميد» أي الحكم علينا نحن أو بالأحرى على المملكة العربية السعودية، وهذا ما سنتحدث عنه في المقال غداً.
قد يكون توعد خامنئي بالقصاص من الذين تسببوا بتسمم الطالبات الإيرانيات أول إقرار منه بأن هناك من يعمل باسمه وخارج حدود سيطرته داخل الأراضي الإيرانية، أي أن هناك من يملك سلطات عالية في الهرم القيادي الإيراني قام بهذا الفعل دون علم منه.
من الطبيعي بوجود الضغوطات الداخلية المتكررة والمتصاعدة على عدة جبهات داخلية في إيران، أن الأمر برمته ممكن أن يخرج عن سيطرة خامنئي ويعود لنخب الحرس الثوري الإيراني المتواجدين على أرض المعركة، إنما إقراره بذلك يعد مؤشر الخلل في النظام الإيراني أضعف من سلطات خامنئي.
كما كان صعباً على خامنئي تمرد أفراد أسرته خاصة شقيقته التي اعتقلت ابنتها أثناء التظاهرات الأخيرة فذلك مؤشر على تزعزع البيت الخامنئي من الداخل.
أما تمرد ابن خاتمي وابنة رفسنجاني وهم أبناء رؤساء ومرجعيات دينية يضاف إلى العديد من المرجعيات الدينية الحبيسة في بيوتها والممنوعة من الحديث والتواصل مع العالم الخارجي فهو خلل في المنظومة الحاكمة.
أما الضربة القاصمة فهي تزايد الفساد والخروج عن سيطرة قيادات من الحرس الثوري الإيراني فيعمل بعضها ضد البعض الآخر، فتهم التجسس في تصاعد، ففي فبراير من العام الماضي نشرت البي بي سي تقريراً جاء فيه «قالت مصادر داخل الجناح الأمني لسجن إيفين في طهران، الذي يضم متهمين بالتجسس لصالح دول أخرى، لـBBC إن العشرات من قيادات رفيعة المستوى في الحرس الثوري محتجزون هناك».
وادعت BBC أن الحكومة الإيرانية تمتنع عن نشر أسماء هؤلاء القيادات المحتجزين أو رتبهم لتفادي الإضرار بسمعة الحرس الثوري.
ونقلت الهيئة البريطانية عن ضابط استخباراتي سابق في فيلق القدس التابع للحرس الثوري تأكيده أن وكالات أجنبية جمعت أدلة ضد عدد من السفراء الإيرانيين وقيادات الحرس الثوري، موضحاً أن هذه الأدلة تضم معطيات عن علاقات غرامية مع نساء يمكن استخدامها لابتزاز هؤلاء المسؤولين وإجبارهم على التعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية.
ثم بدأت الفضائح الجنسية لقيادات الحرس الثوري تظهر للعلن وآخرها فضيحة رستم قاسمي وظهوره مع صديقته السافرة في ماليزيا في أكتوبر الماضي.
ثم تأتي خسائر الحرس الثوري الإيراني بالاغتيالات تدل بأن عدد المتعاونين مع الموساد أكبر بكثير مما جعل استهداف قيادات الحرس واستهداف علماء النووي.
فعلى خلفية اغتيال قاسم سليماني جرت اعتقالات لأفراد وقيادات من الحرس الثوري الإيراني، وفي سبتمبر من العام الماضي اعتقلت مخابرات النظام السوري 34 عنصراً من الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في عدة مناطق في دير الزور، بتهمة التعاون مع التحالف الدولي وجهات خارجية، وفق ما أورد المرصد السوري.
خامنئي إذاً يتجرع السم من الداخل سواء من داخل دائرته الضيقة أو من تمرد الأقاليم ذات العرقية غير الفارسية كأذربيجان والأحواز، يتجرع السم أيضاً بسبب هبوط عملته إلى الحضيض مما جعل من اتساع دائرة الفقر خطراً يتساوى فيه الموت من الجوع أو الموت من رصاص الحرس الثوري، يتجرع خامنئي السم لأن الخطاب الديني فقد قدسيته وزالت عنه الهيبة في الداخل الإيراني، كل ذلك يجري مع تلك الاختراقات الكبيرة لقلعته الحصينة أي الحرس الثوري الإيراني. لنقر بأن هذه الظروف مستجدة على النظام الإيراني لم يشهدها طوال الأربعين عاماً منذ نزل الخميني على أرض طهران حتى اليوم، ظروف تجبر أي نظام أن ينحني للعاصفة حتى يستطيع إعادة ترتيب بيته الداخلي.
فإذا كان هذا وضع أي نظام من الداخل مضغوطاً إلى حد التهديد الذي يطال حكمه، ثم يتابع في ذات الوقت تحركات محمومة وتصعيداً خطابياً أجنبياً من كل صوب، وتهديدات بتوجيه ضربة له من الخارج، فأي نظام عاقل سيرفع يده طالباً هدنة، وهذا ما فعله خامنئي ولهذا قَبِلَ بالاتفاقية.
«الميد» أي الحكم علينا نحن أو بالأحرى على المملكة العربية السعودية، وهذا ما سنتحدث عنه في المقال غداً.