من الحقائق التي ينبغي ألا تغيب عنا أن إسرائيل لا يمكن أن تزول لمجرد ترديد عبارة «الموت لإسرائيل» في التجمعات على اختلافها. لو كان مثل هذا الأمر قابلاً للتحقق لماتت أمريكا من كثرة ترديد الإيرانيين طوال أربعين سنة عبارة «مرق مرق أمريكا» في كل مناسبة. إسرائيل وأمريكا وكل دولة يصنفها البعض في خانة الأعداء أو الظالمين لا تموت بممارسة هذا «الطقس» أياً كانت الأعداد المشاركة فيه ومهما علت أصواتهم.
النجاح الوحيد الذي يحققه ترديد مثل هذه العبارات وخصوصاً في الجوامع هو توفير الشعور للمشاركين في هذه العملية بأنهم قاموا بواجبهم وأنهم صاروا في حال لا يستحقون عليها لوم أنفسهم واعتبار أنهم قصروا في شيء تجاه قضية فلسطين. لهذا صار ينبغي التوقف عن هذا السلوك الذي لا يؤثر على إسرائيل ولا أمريكا ولا يسهم في تحرير فلسطين، ولا يحرك ساكناً.
اتخاذ المواقف من أمريكا وإسرائيل حق لا تمنعه الدساتير والقوانين في مختلف دول العالم بما فيها أمريكا وإسرائيل، وفي كل الأحوال لا أحد يدعو إلى تغيير المواقف منهما، لكن ترديد مثل تلك العبارات لا يحقق أي مفيد، سواء قيلت قبل بدء خطبة الجمعة أو بعدها أو بعد الانتهاء من الصلاة أو في المظاهرات والمسيرات والاحتفالات وإن أرفق بها عبارات مكتوبة بشتى أنواع الخطوط والألوان والأحجام.
إسرائيل تزول عندما تتوفر الأسباب الموضوعية والظروف المعينة على ذلك، وكذلك أمريكا، وكذلك كل دولة يتمنى مرددو مثل تلك العبارات زوالها، تماماً مثلما هو الحال مع الأفراد الذين نتخذ منهم لسبب أو لآخر موقفاً، فهم لا يموتون لمجرد أننا ندعو عليهم ونعبر عن أمانينا بزوالهم، حيث الموت والحياة بيد البارئ سبحانه وتعالى ولا أحد يموت قبل يومه.
التعامل مع الواقع بواقعية من شأنه أن يبعد الناس عن المضي في الطريق الذي لا يكلف سالكيه سوى ترديد الشعارات.