تتبادر إلى الأذهان تساؤلات عديدة بعد خطوة وزارة الخارجية العراقية بإعادة القائم بأعمال سفارتها في مملكة البحرين إلى بلاده، بناء على مخالفته المتكررة للأعراف الدبلوماسية في المملكة.
وقبل التطرق إلى تلك التساؤلات، فلابد من الإشادة بالقرار العراقي، لأن وجود القائم بأعمال في المملكة، سيزيد من التوترات، ولا يخدم مصلحة العلاقات بين البلدين، خاصة وأن تصرفاته وصفت بغير المقبولة واعتبرتها المملكة تدخلاً مرفوضاً في شؤونها الداخلية.
ولكن التساؤلات هي: هل جاءت تصرفات القائم بالأعمال العراقي بشكل شخصي أم بتوجيه من مسؤوليه؟ وهل قرار سحبه بعد ذلك إلى بلاده جاء لدرء الشبهات أو لعدم كشف عن المزيد من الأمور التي قد لا ترضي المملكة؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات الذي آثرت فيه العراق أو القائم بأعمال سفارتها في المنامة التدخل في شؤون بلادنا الداخلية، بعد الجهود الكبيرة التي تبذلها الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لإعادة العراق إلى محيطه العربي؟ وهل هناك رائحة طائفية بغيضة مصدرها النظام الإيراني في هذا الموضوع، خاصة وأن هذا النظام مشهور جداً بتدخلاته السافرة في شؤون الدول العربية، وعلى وجه الخصوص وبالتخصص في بلادنا؟
المثير للاهتمام في هذه الإشكالية، أن سمو ولي العهد السعودي تحدث إلى الرئيس الصيني في نفس اليوم الذي أعلنت فيه البحرين عن مشكلة القائم بأعمال العراقي، لتتبادر إلى الأذهان أسئلة أخرى، مثل: هل تطرق سمو ولي العهد السعودي وبشكل غير معلن إلى هذه المشكلة مع الرئيس الصيني؟ هل هناك شك ولو بنسبة 1% أن لإيران يداً في هذه المشكلة؟ وفي حال ثبوت تدخل إيران في السياسة الخارجية العراقية وإيعازها للتدخل مجدداً في شؤون مملكة البحرين عبر مندوب العراق فيها، فإن هذه المشكلة لن تمر مرور الكرام بالنسبة للبحرين أو السعودية، وستضع إيران نفسها في موقف محرج مع حليفتها الكبرى الصين التي تدرك جيداً أن السعودية هي من قبلت وساطتها لعودة العلاقات مع إيران، وليس العكس.
عموماً لن نستبق الأحداث، ولن نستعجل في الإجابة على التساؤلات، ونحن نعلم أن بلادنا تسير وفق نهج دبلوماسي سليم، قائم على احترام القوانين والأعراف الدبلوماسية، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وبما يتوافق مع المبادئ التي تنظم العلاقات بين الدول والمنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وهو في المقابل ما تطالب به بلادنا الآخرين بالالتزام فيه أيضاً، وهو ما يحتم على تلك الدول فعله إن كانت ترغب في استمرار العلاقات الطبيعية بين بلادها وبلادنا.