اليوم لا مفر لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وفي ثورة» من التوقف للمراجعة وإعادة برمجة أنفسهم ليكونوا مؤهلين للانغماس في خدمة الوطن والمجتمع وإلا فإن خسائرهم ستستمر وسيبقون في الهامش ولن يتمكنوا من «إنصاف» الذين تسببوا عليهم بعد أن أوهموهم بأن الأمر ليس إلا صبر ساعة، وسيفوتهم كل قطار ولا يجدون أنفسهم إلا في المؤخرة.

العاقل يعمل على الاستفادة من التجارب الصعبة التي مر فيها وإلا فإنه لا يعتبر من العاقلين، والخطوات التي ينبغي أن يتبعها في هذا الخصوص معروفة ولا تتغير وأولها التوقف والنظر في ما حدث وما ارتكب من أخطاء ثم اتخاذ قرار بإصلاح الذات وترميم العلاقة فيما بينه وبين الآخر/ الآخرين ثم الانخراط في خدمة الوطن والمجتمع، تكفيراً عن تلك الأخطاء والتجاوزات، وتوفيراً للمثال الذي لا مفر من توفيره كي يتأكد الآخرون من صدقه وعزمه على عدم العودة لما فات.

من الأمور التي ينبغي ألا يغفلوا عنها أن الأحوال والظروف تغيرت وأن التطورات في المنطقة ليست في صالحهم ولا يمكن أن تكون في صالحهم، ولا تتوفر فرص اللعب على المتناقضات، ذلك أن الآخر / الآخرين تعلموا كثيراً من الذي حدث ومر ولا يمكن أن يلدغوا من الجحر ذاته مرتين، عدا أن الحضن الذي كان دافئاً حتى قبل حين لم يعد كذلك وقد لا يعود حضناً أبداً، فالدول مصالح ولا يمكن لأي دولة أن تغامر بمصالحها أو تعطلها من أجل سواد عيونهم.

ولأن الفرص في العادة لا تتكرر فإن عليهم أن يستغلوها قبل أن تطير وقبل أن يخسروا كل شيء ويسقطوا حتى من أعين الذين وثقوا فيهم ذات يوم وسلموهم رقابهم.

لا مفر من أن يعيدوا حساباتهم وينشغلوا بعمل إصلاحات جذرية وجوهرية وحقيقية وأن يكونوا صادقين في كل هذا، لعل الآخر / الآخرين يثقون فيهم ويقبلون عودتهم، فما فعلوه لم يكن هيناً.