من الأمور التي ينبغي أن يدركها جيداً أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وفي ثورة» أن الاستمرار في الطرح نفسه الذي كان قبل عشر سنوات والاستمرار في التمسك بمن تجاوزه الزمن خطأ يستوجب التحرر منه سريعاً؛ فالأحوال والظروف التي كانت في ذلك الحين تغيرت، والأسباب التي دعت إلى التجرؤ على الوطن لم يعد لها وجود، والأفكار التي لاتزال تشغل بال من أوكلت إليهم مهمة القيادة سابقاً ولاتزال لم تعد تناسب المرحلة ولم يعودوا، منطقاً، قادرين على استيعاب الفكر الجديد والتغيرات المحلية والإقليمية التي حصلت وتحصل.

أيضاً من الأمور التي ينبغي أن يدركوها جيداً أن أي «تحرك ثوري» لا يمكن أن ينجح إن لم تتوفر له «الأرضية الثورية»، ولأن مثل هذه الأرضية لم تكن متوفرة أصلاً في ذلك الحين بالشكل الذي كانوا يظنون لذا أخفقوا وخاب مسعاهم، وهذا يعني أن الاستمرار في ظل غياب الأرضية اللازمة لأي تحرك نتيجته المنطقية والأكيدة هي الفشل بل الفشل الذريع. وهذا وذاك وغيره يستدعي سرعة اتخاذ قرار بإعادة تقييم الأمور والمراجعة والتصحيح والتراجع... والخروج من السكرة.

من لوازم كل تحرك مجتمعي توفر الأرضية والظروف المناسبة لإحداث التغيير المنشود، وهذا أمر لا يقاس بخروج البعض في مظاهرة أياً كان عدد المشاركين فيها، حيث المشاركون في أي مظاهرة لا يكون جميعهم من «العناصر الثورية» «في بعض البلدان تفوق أعداد المشاركين في المظاهرات من الذين لا علاقة لهم بالأمر أعداد المتظاهرين الحقيقيين»، فهناك من يدخلها من باب «حشر مع الناس عيد» وهناك من يدخلها حذر اللوم والمعاتبة أو لأسباب أخرى.

في كل الأحوال فإن الاستمرار في النهج نفسه مضيعة للوقت والجهد ولا يورث إلا الأذى والألم ويتسبب في الإضرار بحاضر ومستقبل الكثيرين. الأحوال والظروف تغيرت كثيراً، والواقع يؤكد أنها لا تصب في مصلحة أولئك الذين لايزالون يعيشون خارج الزمن.