ننتظر المناسبات مثل رمضان والأعياد بفارغ الصبر والترقب، وغالباً ما يمتزج هذا الانتظار بعبارات تنم عن الاشتياق والسرور بقدوم هذه المناسبات، إلا أن تتبدل الأحوال ويتحول الشوق إلى شقاء هناك أمر جلل.
عبارة قالها أحد زملائي قبل أسبوع ونحن في ترقب وعد تنازلي للعيد، «صرت أكره قدوم العيد»!! لبرهة ظننته يقولها مازحاً إلا أنه ظل يتذمر طويلاً، فقلت له مازحاً، «يا كافر، اشفيك ارتديت عن الدين؟ ليش تتضايق من قدوم العيد؟»، ليقول لي «يا بوناصر الوضع يكفر الواحد، مو بس العيد من بداية رمضان أحسب الوضع صار صعباً، مسؤوليات زادت وطلبات ما تخلص والراتب مخلص من أول أسبوع، ليش أنت مو معنا في الكوكب؟».
نعم أنا معاك زميلي العزيز على نفس هذا الكوكب، وكما هو وضعك أعاني من المستلزمات الإضافية التي تشكلها المناسبات، إضافة إلى أن أكثر من نصف راتبي يذهب ما بين أقساط البنك والإسكان وقرض التقاعد، إلا أنني لا أرمي أسباب تردي الوضع على المناسبات التي لم تطلب منا في الأساس تكلفة إضافية، نحن من حولنا مناسباتنا الدينية إلى مناسبات ترفيهية.
لم يكن من الضروري أن نبالغ في تجهيز احتياجاتنا اليومية طيلة شهر رمضان وكأنها جزء من طقوس هذا الشهر، وعلى عكس ما يجب أن يكون عليه المسلم في رمضان من شعور بالجوع والعطش أصبحنا نعاني من التخمة والضيق في التنفس بسبب إفراطنا في الأكل، ننتقل من الإفطار إلى «الطقطقة» ومن الطقطقة إلى الغبقة ومن الغبقة إلى «النقنقة» ومنها إلى السحور، وكأن كل هذا يأتي بالمجان، ثم نبكي من قلة البركة وطيران الراتب.
كما أن الله لم يفرض علينا المبالغة في مظاهر العيد، لن يفشل عيدك إذا كان ثوبك في حدود «10 دنانير»، ولن تنال وسام العيد إذا كان ثوبك من خياط «قرعان أو غيره»، ولن يقول أحد عنك بخيل إذا اقتصدت في عيدية الأطفال واقتصارها على «نصف دينار» ففي الأخير العيدية عادة حديثة لا علاقة لها بالدين، فلم يفرض عليك الله أن تخصص ما يقارب 200 دينار للعيادي ثم تشتكي من قلة الراتب وتلعن الكوكب وسكانه.
نحتاج إلى توعية شاملة من منابرنا الدينية وإعلامنا بضرورة أن يعود الناس إلى الأصل ومفهوم هذه المناسبات الدينية التي تحث الإنسان على الزهد والتبلغ بالقليل، كما نتمنى أن يكون دور مشارك لوزارة التربية والتعليم في إيصال المفاهيم الصحيحة للأطفال من ضمن مناهجهم الدراسية، لتصلهم الرسالة أن العيد مناسبة للفرح لا للشقاء.